سياسات الاتحاد الأوروبي الجديدة والسعي لتقوية أوروبا أكثر

بعد خروج المملكة المتحدة وآثاره السلبية

ترجمة: سناء علي*

في دراسة قام بها عدد من المراقبين للشأن الشرق اوسطي وخاصة الاقتصادي والسياسي قدمت لعدد من الصحف والقنوات الفضائية توقعوا أنه» في ظل تفاقم الخلافات والازمات الداخلية بين دول الاتحاد الاوروبي، والتطورات المهمة التي حدثت في الفترة الاخيرة ومنها قضية عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي وغيرها من المشكلات والاحداث، سعت الولايات المتحدة الاميركية التي تخشى من تفكك الاتحاد الأوروبي في هذا الوقت بالذات، الى اتخاذ خطوات مهمة من اجل دعم أوروبا قوية ومستقرة، وهو ما سينعكس بنحو ايجابي على الولايات المتحدة، التي تسعى الى تأمين مصالحها الخاصة وتعزيز دورها العالمي، من خلال بناء تحالفات اقتصادية وعسكرية قوية كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على أن أي خلل سيؤثر سلباً على الشراكة الاستراتيجية القوية بين اميركا والاتحاد الأوروبي، وهو ما سيصب في مصلحة روسيا التي تسعى هي ايضاً الى إعادة هيبتها كقوة عظمى وشريك اساسي في اتخاذ القرار.»
كما اضافوا ان « دول الاتحاد الأوروبي تواجه تحديات كبيرة قد تؤثر سلباً على مستقبل الاتحاد، خصوصًا مع تنوع واختلاف المشكلات والازمات واختلاف وجهات النظر، التي اسهمت بتفاقم الخلافات بين الدول الأوروبية بدءاً من أزمة الديون والازمة الاقتصادية وصولاً إلى موضوع اللاجئين، وتلويح بريطانيا بالانفصال عن الاتحاد وغيرها، وقد بات واضحاً أن أزمة اللاجئين في أوروبا وكما تنقل بعض المصادر، تتصدر جميع الملفات في جميع القمم واللقاءات، بموازاة ارتفاع الأسوار والأسلاك الشائكة على الحدود، حيث تتم كذلك إعادة إنشاء نقاط المراقبة للحدّ من تدفق اللاجئين. على الرغم من وجود اتفاقية «شينغن» المعمول بها منذ عام 1985، والتي تضمّ حالياً 26 دولة، بينها 22 دولة في الاتحاد الأوروبي. ويأتي هذا الانقسام نتيجة عجز دول الاتحاد الأوروبي عن احتواء الأزمة مع غياب التضامن بين دوله ، حيث تحاول كل دولة ايجاد حلول فردية تتناسب مع مصالحها حيال الأزمات التي تعصف بالاتحاد. وكان واضحاً وزير خارجية لوكسمبورغ يان اسلبورن، في تعبيره عن خطر تفكك دول الاتحاد، بقوله إن «الاتحاد الأوروبي من الممكن أن يتفكك على نحو سريع للغاية، إذا ما أصبح الانغلاق هو القاعدة، وبديلاً من التضامن الداخلي والخارجي.»
الى جانب ذلك أشار المراقبون انه « وفي وقت كان العمل جارياً على ازالة اجواء الشك التي تعرقل المفاوضات للتوصل الى اتفاق للتبادل التجاري الحر بين الولايات المتحدة واوروبا، جاء احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ليضع عقبة اضافية امام هذه المفاوضات. وقبل شهرين من الاستفتاء الذي سيتقرر فيه المستقبل الاوروبي لبريطانيا، ازدادت الضغوط على المفاوضين الذين باشروا جولتهم ال13 من المحادثات في نيويورك. ولم يتغير الهدف من المفاوضات منذ اطلاق المحادثات قبل نحو ثلاث سنوات: الغاء الحواجز القانونية والتجارية بين جانبي الاطلسي لإعطاء دفع للنشاط الاقتصادي. الا ان احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وهي التي تعد قوة اقتصادية كبيرة جدًا، لا يمكن الا ان يلقي بظله على هذه المحادثات ذات الطابع التقني جداً، والتي تجري بين الممثلية الاميركية للتجارة الخارجية والمفوضية الاوروبية.»
واوضحوا انه من جانب آخر بدأ الناخبون الهولنديون الادلاء بأصواتهم بشأن اتفاق الشراكة بين الاتحاد الاوروبي واوكرانيا، في استفتاء استشاري تحول الى تصويت رمزي على شرعية بروكسل. ووقف الناخبون بإعداد ضئيلة في صفوف انتظار امام مكاتب التصويت التي اقيمت في مدارس او محطات قطارات او متاجر، للأدلاء بأصواتهم. وتوقعت آخر استطلاعات الرأي انتصارًا بفارق ضئيل لرافضي اتفاق الشراكة الرامي الى تعزيز الحوار السياسي والمبادلات الاقتصادية والتجارية بين الاتحاد الاوروبي واوكرانيا. وهولندا هي آخر بلد في الاتحاد الاوروبي لم يبرم بعد الاتفاق برغم مصادقة البرلمان عليه. وسعى النائب الهولندي من اليمين المتطرف غيرت فيلدرز المعارض للهجرة، لحشد انصاره منذ وكتب على تويتر «على الجميع ان يصوتوا اليوم، وان يصوتوا ضد (الاتفاق)». وبحسب آخر استطلاع للرأي اجراه معهد «ايبسوس»، فان 37% من المستطلعين يؤيدون رفض الاتفاق مقابل 33% يعتقدون انهم سيصوتون لصالحه، فيما بقية المستطلعين لم يحسموا امرهم.»
واوضحوا ان الاوربيين كما موسكو يتابعون و بترقب شديد هذا الاستفتاء، كما تتابعه اوكرانيا بقلق، بعدما ادى رفض الرئيس السابق الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش عام 2013 توقيع هذا الاتفاق الى قيام انتفاضة مؤيدة للأوروبي اسقطت حكومته. ويمثل هذا الاتفاق بالنسبة لكييف التي ارسلت عدداً من وزرائها للقيام حملة تأييد له في هولندا، «حقبة جديدة» للبلاد، فيما تعده موسكو تدخلا اوروبيًا في منطقة نفوذها.»
ويرى بعض الخبراء ان « خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ستكون له تداعيات كارثية على اتفاق التبادل التجاري الحر الجاري النقاش حوله، لان معارضي التوصل الى هذا الاتفاق يعدون انه سيؤدي الى نوع من الفوضى المعممة، فكيف اذا ترافق ايضاً مع الخروج البريطاني. ويقول المسؤول السابق في وزارة الخزانة الاميركية غاري هافباور «في حال قرر البريطانيون الخروج من الاتحاد الاوروبي، ستكون الضربة القاضية للمحادثات حول اتفاق التبادل التجاري الحر»، مضيفاً «لن يكون عندها بالإمكان المضي قدماً، لان الشكوك ستصبح كبيرة جدا»
على صعيد متصل اشار الخبراء الى ان مشروع «اتفاقية الشراكة الاطلسية للتجارة والاستثمار» الجاري التفاوض بشأنه بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي يمثل ورشة عمل هائلة، يقوم اول هدف لها على توحيد لوائح وأنظمة التبادل بين الكتلتين العظميين. وتهدف هذه الشراكة أولا إلى تحسين عائدات الشركات والعاملين فيها نظرياً، عبر زيادة حجم المبادلات الكبيرة اصلا بين الشريكين، فالولايات المتحدة على سبيل المثال تصدر في الوقت الحالي كل يوم بضائع تزيد قيمتها على 700 مليون دولار الى اوروبا. وقالت المفوضة الاوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم في 2015 ان الشراكة «توفر امكانيات كبيرة في مجال خلق الوظائف والنمو». وقدرت دراسة نشرها في 2013 مركز ابحاث السياسة الاقتصادية في لندن، المكاسب السنوية للاتحاد الاوروبي من هذه الشراكة بـ119 مليار دولار، ومكاسب الولايات المتحدة ب 95 مليار دولار. وتنطوي الشراكة على شق اضافي غير معلن ولكنه شديد الاهمية: اذا اتفقت الولايات المتحدة واوروبا على اطار تجاري بينهما فهناك فرصة لفرضه لاحقاً على آخرين.»

*عن معهد واشنطن للأبحاث والدراسات الاستراتيجية

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة