د. علي شمخي
من بين اهم العوامل التي افتقدها الفرقاء السياسيون في العراق طوال الحقبة الماضية عاملي الثقة والاطمئنان. وبرغم ان الصورة العامة للاداء الحكومي والتشريعي بصوره العامة كان ماثلا امام الجمهور وله دلالات تشي بوجود دولة ذات مقومات الا ان باطن هذه الدولة وجوهر هذا الاداء كان خاوياً لايقوى على النهوض بأي مفصل او قطاع ولم يقدم اي ابداع متنام يمكن الاشارة له. وعند البحث عن اسباب هذا الخواء سنجد ان عدم الانسجام بين المكونات التي وقع على عاتقها النهوض بمقدرات الدولة يتقدم هذه الاسباب ومبعث عدم الانسجام هو فقدان الثقة والاطمئنان المتبادل لمن يشتركون في المنظومة السياسية. مما انعكس على واقع الخدمات في العراق وجعل احلام التغيير والتطوير بعيدة المنال.
لقد دارت عجلة الحكومة والبرلمان دورتها خلال اربع سنوات من دون ان يشعر المشاركون فيهما بامتلاك اية ارادة لتصحيح الاخطاء او وقف الانتهاكات مهما اختلفت مصادرها وصورها. وتصرف رئيس الحكومة والحزب الذي يمثله والائتلاف تصرف الامر الناهي وعند وصول اية خلافات لتصحيح هذا المسار تنتهي الامور بانتصار رئيس الحكومة والائتلاف الحاكم تحت غطاء الدستور الذي يمنحهما الحق في فرض وتقرير اشكال الحلول للازمات التي رافقت اداء المؤسسات والوزارات ومشاريع النهوض بالخدمات العامة.
ولعل تصريحات رئيس المجلس الاعلى الاسلامي في العراق السيد عمارالحكيم وتشخيصه لهذه الانتكاسة اصابت كبد الحقيقة ..وكي لاتتكرر هذه الخيبة لابد من القائمين على مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة ان يضعوا نصب اعينهم معنى ترسيخ مفاهيم الثقة والاطمئنان في نفوس وقلوب المكونات التي ستشترك في قيادة السلطات التشريعية والتنفيذية بشكل يتيح لها الاحساس بمسؤولياتها المشتركة لبناء العراق ووجود مساحة كافية للاسهام بدور حقيقي في هذه المهمة. ومن يقلل من شأن هذا الاحتياج الحقيقي للمسهمين في العملية السياسية لن يكون مصيباً او دقيقاً في تحليل اسباب انتكاسة الاداء السياسي للمرحلة السابقة. وتوفير الثقة والاطمئنان في المرحلة المقبلة لن يكون توفيراً شكلياً بالتأكيد فالفرقاء ادركوا كثيراً ماجلبه الانفراد والتهميش والاصرار على الاستحواذ على مقاليد القرارات وفرض السطوة والتأثير وجعلها تحت سلطة الحزب او الائتلاف الحاكم. وبالتالي فان شراكة معروفة الاستحقاقات ومفهومة الاهداف واطمئنان لسلوك ودور ونوايا الاخرين في هذه الشراكة كفيل بحلحلة ملف تشكيل الحكومة وابعاده عن طريق الازمات والتعقيد.