صادق باخان*
كما يبدو ان كل شيء هادىء وصامت على الجبهة العراقية ـ الكويتية ولا احد يتحدث عن العلاقات بين هذين البلدين الجارين الشقيقين التي مزقها وجرحها جنون رئيس النظام العراقي السابق حين اجتاحت قواته حدود هذا البلد الامن المستلقي على خاصرة البحر .
كان من الطبيعي ان يهب المجتمع الدولي في ( فزعة ) لتحرير الكويت من الاحتلال الصدامي وغداة حرب عاصفة الصحراء تمكنت القوات الدولية من تحرير الكويت ليلجأ مجلس الامن الى اصدار جملة قرارات منها دفع تعويضات واعادة رسم الحدود بين البلدين ،وعقب سقوط النظام الصدامي بدأت الحكومة العراقية بدفع التعويضات من مبالغ بيع النفط وبلغت التعويضات نحو 35 مليار دولار فالتزمت الحكومة بتنفيذ قرارت مجلس الامن ذأت الصلة بغزو دولة الكويت وعلى اثرها هدأت العاصفة بين البلدين والتأمت الجروح وبدات الزيارات الرسمية تتم بينهما وتوجت بحضور امير الكويت الشيخ احمد جابر الصباح مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في بغداد العام 2012 برئاسة الرئيس العراقي السابق مام جلال اطال الله في عمره ويمده بالصحة الموفورة ترتب على ذلك تحسن وتطور العلاقات بين البلدين الجارين وفجأة انقطعت الاخبار عن البلدين ، لماذا ؟
يبدو ان المشكلات تظل تلاحق المنطقة العربية فلا تجعلها تسترخي لبعض الوقت انما تجعلها تنام نصف مغمضة خشية ان ينفجر برميل البارود وتكتسحها حرائقه ، وها انتم تشهدون هذه الحرب الاهلية المشتعلة في سوريا التي باتت تلقي بحرائقها على العراق ولبنان والاردن التي ولدت تنظيم داعش لاعادة البربرية الى المنطقة وتدمير جميع مظاهر الحداثة فيها .
بالتأكيد ان ظهور داعش بهذه الكيفية المتمثلة بابشع صورة للعدوان يجعل الامر صعباً على البلدان العربية ، بخاصة العراق والكويت ، ان تلتفت الى تحسين العلاقات بينهما وانما تولي جل اهتمامها بامنها الوطني وأمن شعبها ، وكان من المفترض بالجامعة العربية ان تضطلع بدور اكبر لاقامة تعاون عربي مشترك او لاقامة جبهة عربية مشتركة لمحاربة جحافل داعش ولكن كما يبدو ان الخلافات القائمة بين الدول العربية بلغت مبلغاً بحيث يصعب اقامة مثل هذه الجبهة وهكذا يستمر سيناريو الخلافات والعداوات بين البلدان العربية .
ومن الطبيعي ، تبعاً لذلك ، ان تنقطع الاخبار عن العلاقات العراقية – الكويتية ، ماذا حصل بها ولها ؟ وماذا يجري وراء الكواليس ؟ عسى ما شر يا طويل العمر ؟
بالتأكيد ان العراق حريص جداً على تحسين علاقاته مع دول الجوار وتجدد هذا الحرص مع اختيار السيد حيدر العبادي لرئاسة الوزراء الذي دعا الى تحسين وتطوير هذه العلاقات ، ومن الطبيعي ان دول مجلس التعاون الخليجي تراقب التطورات الجارية في العراق ويبدو انها شعرت بالراحة بمجيء السيد العبادي الى رئاسة الوزراء وابدت رغبتها في تحسين علاقاتها مع العراق بمن فيها المملكة العربية السعودية .
كما يبدو ان تحسن العلاقات الايرانية – السعودية او ثمة اشارات تدل على ذلك هي التي دفعت بالرياض لاتخاذ مثل هذا الموقف من العراق ، نلاحظ انه جرياً على الايقاع ذاته فان الانباء ذكرت بأن رئيس مجلس الامة الكويتي السيد مرزوق علي الغانم قد وجه دعوة رسمية لرئيس مجلس النواب العراقي السيد سليم الجبوري لزيارة دولة الكويت على ان يحدد موعدها في الوقت الذي يراه مناسباً ، وذكرت الانباء بان السيد الغانم اشاد بمستوى العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين في شتى المجالات واعرب عن تطلعه الى مواصلة التعاون المثمر وتحقيق المصالح المشتركة وتنميتها وعبر السيد الغانم عن أمله في ان تسهم الزيارة المرتقبة للسيد سليم الجبوري على رأس وفد برلماني الى دولة الكويت الارتقاء باواصر الصداقة البرلمانية وتعزيزها والدفع بها الى مستويات ارحب وتبادل وجهات النظر بشأن جملة من المسائل ذات الاهتمام المشترك بين البرلمانين الشقيقين لتصب في مصلحة البلدين والشعبين.
ومن هذه التطورات يبدو ان خطر داعش قد يصبح عاملا جوهرياً لتحسين العلاقات بين العراق وبين بلدان مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص وهو امر يشيع الراحة والاطمئنان ولا يجعل المراقب يتساءل – اين صارت العلاقات العراقية – الكويتية ؟ وانما يجد نفسه قد استلقى بين ظلال الشموع ويهتف كأنه في عيد –عساكم من عواده .
*من أسرة تحرير الصباح الجديد