تستمر ظاهرة الانكماش في الاقتصاد العالمي مع الانخفاض المستمر في اسعار النفط وتضاؤل الفرص بارتفاعها خلال العام الحالي وترك هذا الانخفاض آثاراً واسعة على مستوى الانتاج في مجمل المشاريع الاقتصادية والاستثمارية رافقه كساد كبير في سوق السلع وتراجع في حركة البيع والشراء للعقارات وتعاني الدول المنتجة للنفط ومن ضمنها العراق من اختلال كبير في دعم موازناتها العامة مقارنة مع السنوات السابقة وباتت هذه الدول تعلن صراحة ارقام العجز في هذه الموازنات وتتجه الكثير من الحكومات في دول الخليج ودول أخرى الى تعزيز اقتصاد بلدانها من خلال استثمار ارصدتها في البنوك العالمية وتوظيف اموال اخرى في قطاعات استثمارية مع وجود صناديق للاجيال اللاحقة في دول أخرى فيما يقف العراق ضعيفا في مواجهة هذه التحديات الكبيرة على مستوى المال والاقتصاد وهو الذي اعتادت حكومته على بناء دولة ريعية تعتمد بنحو رئيسي على مبيعات النفط في ادارة النشاطات التشغيلية ومنذ سريان الانخفاض في اسعار النفط عجزت الحكومة العراقية عن تنويع مصادر الدخل القومي وفشلت في تقديم آليات اوحلول تقلل من آثار الضرر الكبير الذي اصاب قدرات الدولة في اكمال مشاريع الاعمار والبنى التحتية وبقيت اجزاء واسعة من هذه المشاريع متروكة ومهملة وعرضة للاندثار بما فيها بناء المستشفيات والمجمعات السكنية وتنفيذ محطات الماء والمجاري وتعبيد الطرق ويواجه ملايين العراقيين حياة صعبة مع استمرار معاناتهم في العيش في بيوت السكن العشوائي وهي اماكن تفتقر لابسط الخدمات خارج التصميم الاساسي للمدن فيما تعاني المستشفيات والمؤسسات الخدمية الاخرى من حاجتها الى المستلزمات الاساسية من اجل استمرار وديمومة عملها وانعكست هذه الاثار السيئة على السلوك الاجتماعي للمواطن العراقي واضعفت ثقته بالدولة ودفعته الى اتباع وسائل اخرى في سبيل الحصول على المعونة بشتى اشكالها واتخذ الكثير من المواطنين منابر الاعلام للتعبير عن سخطهم وتذمرهم من الحال الذي وصل فيه مستوى الخدمات في كل مرافق الدولة وتفشي مظاهر الاهمال والتردي في تلبية الاحتياجات العامة وكان من المفروض ان يتخذ المسؤولون المختصون في مجالات الادارة والاقتصاد مجموعة من الاصلاحات الادارية التي تواكب المتغيرات السلبية التي رافقت انخفاض اسعار النفط وعدم الاقتصار على اتباع سياسة التقشف وتقييد اية نشاطات على المستوى الخدمي في المحافظات وحصر المصروفات في حدودها الدنيا من دون ان يولي هؤلاء المسؤولين الاهتمام بالجانب الخدمي في بغداد والمحافظات بما يمكن الادارت المدنية والمجالس المحلية في اكمال المشاريع المتلكئة وعدم تركها لاكثر من ثلاث سنوات من دون اكتراث لنتائج هذا الاهمال وانعكاساته على مستوى المواطن والمدينة.
ومع اقتراب العراق من طوي صفحة الحرب على الارهاب تبدو الحاجة ملحة لاحداث ثورة ادارية ترمم كل اشكال الخراب والاهمال الذي رافق ملف البناء والاعمار في مدن العراق المختلفة بما يمكن العراقيين من تنفس الصعداء واعادة الامل بدوران عجلة الخدمات من جديد.بعد هذا الركود الطويل.
د. علي شمخي
ثورة إدارية !
التعليقات مغلقة