هل أخفقت دول أوروبا بتعاملها مع ملف أزمة قطر؟

برلين ـ جاسم محمد:

اخذت ازمة قطر ابعاداً واسعة، لتضرب بتداعياتها وتعيد رسم خارطة العلاقات الدولية والاقليمية من جديد، بعد ان ادركت اطراف دولية واقليمية ان ازمة قطر لم تكن خلافات ثنائية، بقدر ما هي سياسات مبدئية لمحاربة الارهاب والتطرف. يذكر بأن أربع دول وهي : السعودية والبحرين والإمارات ومصر الى جانب دول اخرى اتخذت قرارا مطلع شهر يونيو 2017 بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر بسبب دعمها للارهاب.
الدول الاوروبية ربما كانت متحفظة، بالاعلان عن مواقفها بنحو واضح، واتخذت موقف المراقب، والداعم الى مبدأ الحوار المباشر مابين الدول الخليجية، بأعتبار ان ذلك يصنف ضمن الشأن الخليجي. لكن التطورات جاءت بنتائج غير متوقعة بسبب رفض قطر النقاط المطروحة خليجيا، والتي تدعو فيها الى تخلي قطر عن دورها بدعم وتمويل الجماعات المتطرفة، وان تكون الدوحة ملاذا آمنا لها.
كشف ماجد رافيزارده، رئيس المجلس الأميركي العالمي لغرفة التجارة والأعمال الأميركية – الشرق أوسطية مخاطر التهديد الذي تمثله قطر لأوروبا عموماً وبريطانيا خصوصاً. وفي تقرير آخر الى “هنري جاكسون سوسايتي”، أن (صندوق المنتدى ) الذي تموله قطر كان مرتبطاً بعدد من المساجد التي شجعت الشباب على التطرف. وانتقد أوغوست هاننغ الإسلام السياسي خاصة تنظيم الإخوان والتنظيمات الجهادية المدعومة من قطر وتركيا، بانها كانت وراء تفجير مسجد مانشستر الذي تطرف فيه انتحاري مانشستر أرينا.
وأكد مايكل موريل، نائب مدير وكالة أجهزة الاستخبارات الأميركية سابقاً، دعم قطر الصريح والواضح لحركات صنفتها الولايات المتحدة الأميركية بأنها “إرهابية” مثل حماس والإخوان و النصرة في سوريا، مبيناً أن الدوحة تلعب لعبة كبيرة في المنطقة. وأعطى موريل مثالا بالقول إن هناك مجموعات أعلنتها الولايات المتحدة مجموعات دولية إرهابية مثل حماس وطالبان وهما مجموعتان لهما مكاتب رسمية في الدوحة ودعمتهما الدوحة بعدة طرق وانتقد أوغوست هاننغ الإسلام السياسي خاصة تنظيم الإخوان والتنظيمات “الجهادية “ المدعومة من قطر وتركيا، بانها كانت وراء تفجير مسجد مانشستر الذي تطرف فيه انتحاري مانشستر أرينا.

اسماء مدرجة على قوائم إرهاب دولية تضمنت اسماء قطرية او مقيمة في قطر أبرزها:
أشرف محمد يوسف عثمان عبدالسلام ، إبراهيم عيسى حاجي محمد البكر، عبد العزيز بن خليفة العطية
، سالم حسن خليفة راشد الكواري ، سعد بن سعد محمد الكعبي ، عبد اللطيف بن عبد الله الكواري ، عبد الرحمن بن عمير النعيمي ، مبارك محمد العجي ، جابر بن ناصر المري ، عبد الحميد محمد غنيم و عبد الله بن خالد آل ثاني.

بنك باركليز
القضاء البريطاني كشف مطلع يونيو2017، محاكمة اربعة من كبار المسؤولين في بنك باركليز، في قضية تعاملات مشبوهة مع قطر، في وقت بدأت فيه دول الجوار ودول العالم حصر مدى تأثر كياناتها المالية من بنوك وشركات استثمار جراء التعامل مع الدوحة. كما تتهم المحكمة شركة باركليز “بي إل سي” بالاحتيال غير المشروع في صفقة التمويل لرأسمال البنك مع قطر.

أنشطة الإخوان من داخل اوروبا
وتعد جماعة الاخوان بضمنها، حماس، بان اوروبا، هي المكان الافضل، لعولمة الجماعة وكذلك الحصول على الدعم المالي. وتنشط من داخل اوروبا جماعة الاخوان، من خلال عقد اجتماعات ومؤتمرات تحضرها شخصيات مطلوبة اممية من قطر وتركيا، التنظيم الدولي للاخوان، وهذا ما يوجه اصابع الاتهام الى دول اوروبا، بالسماح الى هذه الجماعات لترويج ايدلوجيتها، والتي لم تكن بعيدة من الحسابات السياسية لدول اوروبا، تستعملها مصدر معلومات واوراق ضغط على دول المنطقة. ومن بين هذه الكيانات هي هيئة FIOE، في فرنسا وبريطانيا وبعض دول اوروبا، والتي تعد شبكة اتصال لجماعة الاخوان دوليا وتنشط في اكثر من 80 دولة. هذه الهيئة، تأسست من قبل أعضاء سابقين في’ الإخوان المسلمين’ والذين فروا من مصر في سنوات الستين واستقروا في أوروبا.

اوروبا: الأمن قبل الاقتصاد
ادركت اوروبا متأخرة بأن أمنها القومي اصبح مهددا، وهي تعد التمويل ومصادر التمويل للجماعات الارهابية، اكثر خطورة من الارهاب. فالمال هو العصب الرئيسي الى هذه الجماعات المتطرفة” لاتحدثني عن الارهاب، حدثني عن التمويل”.
تنظر اوروبا الى رعاية قطر الى كيانات ارهابية على اراضيها أبرزها: طالبان، الاخوان والنصرة وغيرها من الجماعات التي تنشط بنحو شرعي على اراضي قطرية، بانها مصدر تهديد الى امنها القومي. لقد ايقنت اوروبا، بأن امنها أصبح مهددا، وهذا يعني انه بات يهدد وجودها، وهذا مادفع اوروبا الى تقديم مكافحة الارهاب والتطرف، في جميع منتدياتها واجتماعاتها على مستوى الدول او مستوى المفوضية الاوروبية او البرلمان الاوروبي.
التقارير كشفت بأن استثمارات قطر الخارجية تبلغ نحو 200 مليار دولار، الاموال القطرية، موجودة في اوروبا، وغير مستبعد ان تكون مصدر لتمويل جماعات متطرفة، او مصدر لتمويل مجموعات ضغط داخل الحكومات والمؤسسات السياسية في اوروبا، وهذا مايضع دول اوروبا في موقف حرج، افضل الخيارات، هو مراجعة حركة هذه الاموال. دول اوروبا، الان اصبح عندها الاستعداد للتخلي عن اموال قطر وغيرها، وعن اي مشروعات اقتصادية، مقابل تحقيق الامن، الذي بات يستنزف الكثير من طاقاتها.
التقديرات والرأي العام على مستوى الشارع الاوروبي والطبقة السياسية، تقول، بأن اوروبا لايمكن ان تفرط بامنها، وسمعتها بالرهان على قطر وخسارة بقية دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا يعني انه من الممكن ان يتبلور قريبا موقف اوروبي واضح من قطر، كون الموقف، بات لايتحمل اتخاذ موقف الصمت، في اعقاب كشف تقارير اممية ومن مجلس الشيوخ الاميركي ومن مؤسسات استخباراتية تتمتع بالثقة.

التوصيات
ما تحتاجه اوروبا هو تشكيل آلية دولية لمراقبة قطر ماليا وأمنيا، للاطلاع على تفاصيل علاقتها بالمنظمات الإرهابية ماليا وتنظيميا. وتشكيل مجموعة دولية لمراقبة قطر، وتفعيل القرارات الاممية الخاصة في محاربة الارهاب وغسيل الاموال وتمويل الجماعات المتطرفة. الرقابة الدولية ربما تكون افضل الخيارات لمواجهة الدور القطري.

* باحث في قضايا الارهاب والاستخبارات

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة