في ندوة شهدت نقاشا حاداً وجدلا واسعاً
السليمانية ـ عباس كاريزي:
في ندوة شهدت نقاشا حاداً وجدلا واسعاً بين الجمهور، الذي انقسم على مؤيد ورافض لاجراء الاستفتاء، حذر سياسيون واكاديميون من خطورة الاصرار على اجراء الاستفتاء على استقلال اقليم كردستان، وتجاهل المعارضة الاقليمية والدولية الشديدة، مطالبين القيادة الكردية بالعمل على توفير الارضية والمعطيات المطلوبة، قبيل التوجه الى اجراء الاستفتاء وفي مقدمتها فتح حوار جاد مع بغداد.
الندوة التي اقيمت في مبنى اتحاد الكتاب بمحافظة السليمانية، قدم فيها كل من فريد اسسرد العضو القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، والشخصية السياسية وزير الري السابق المستشار الاسبق لرئيس الجمهورية الدكتور لطيف رشيد ورئيس مركز استاندارد مسعود عبد الخالق بحوثا عن الجوانب السلبية والتداعيات التي ستنجم عن الاصرار على اجراء الاستفتاء، مطالبين القيادة الكردية بمراجعة حساباتها وتأجيل الاستفتاء والاذعان الى الحقيقة المرة والتي تتمثل بالاجماع الدولي والاقليمي المتنامي على رفض اجراء الاستفتاء.
خصص فريد اسسرد بحثه حول العوامل والاستعدادات الداخلية لاجراء الاستفتاء، حيث اشار الى العديد من التجارب والنماذج الفاشلة للعديد من الاقاليم التي كانت تنوي تحقيق الاستقلال، لانها لم تأخذ بعين الاعتبار التوافقات الدولية والمتغيرات العالمية.
واضاف اسسرد ان القيادة الكردية تستعمل الكذب السياسي وتقوم بتظليل الشارع والمواطنين على حد سواء وتوهمهم بان الموقف الدولي غير معارض لاجراء الاستفتاء، مشيرا الى انه من الطبيعي ان يكون هناك معارضون للاستفتاء، الا انه من غير الطبيعي ان يتم استغفال المواطنين واظهار المواقف الدولية الرافضة وفي مقدمتها الموقف الاميركي الرافض على انه متحفظ على اجراء الاستفتاء، وتابع « لذا لايجب ان نخفي ذلك عن المواطنين، يجب ان نقول لهم صراحة ان الولايات المتحدة واوروبا وايران وتركيا والعراق كلهم بالضد من اجراء الاستفتاء.
هناك حقيقة اخرى وهي ان اجراء الاستفتاء والاصرار عليه يعد مجازفة غير معلومة العواقب وهو بمنزلة المقامرة بمقدرات ومصير شعب كردستان، وهو ما قد يجر كثير من الويلات على المواطنين، كما فعلنا عام 1975 وتعرض شعب كردستان جراء فشل سياسة قادته الى مأساة وكارثة انسانية.
اسسرد قال ان قضية الاستفتاء غدت امرا مشخصنا وانها ربطت بمصير مسعود بارزاني، وهو ما خلف صراعا حاميا بين الاطراف التي تؤيد الحزب الديمقراطي والاطراف والجهات التي تعارض سياسة الديمقراطي الكردستاني، ما من شأنه ان يضر بمجمل العملية، مضيفاً ان الاسستفتاء يعد الان معوقا بوجه استمرار العملية الديمقراطية وقد يعوق اجراء الانتخابات والتداول السلمي للسلطة وتداول حكومة الاقليم، وان اية محاولات لتمديد دورة برلمان كردستان او حكومة الاقليم او التجديد لرئيس الاقليم يضع مجمل العملية السياسية في الاقليم امام التساؤل لان الشعب فوض هؤلاء لمدة اربع سنوات ليس اكثر.
واشار اسسرد ان الوقت الان غير مناسب لاجراء الاستفتاء نظرا لعدم توافر العديد من العومل، وفي مقدمتها عدم وجود ارضية سياسية ووحدة موقف كردي اضافة الى انعدام التأييد والدعم الدولي والمعارضة، اضافة الى الاعتراض الشديد الذي تبديه بغداد لاجراء الاستفتاء، فضلاً عن فقدان الثقة بين الشعب والمسؤولين، وكذلك انعدام الرؤية لدى القيادية الكردية لمرحلة ما بعد الاستفتاء، وما الذي يمكن ان يحصل هل سيطالب الكرد بالكونفدرلية او الاستقلال و ما هو مصير المناطق المتنازع عليها وهل سيتم اشراكها في الاستفتاء، اؤكد ان الاصرار على اجراء الاستفتاء سيضر بالاقليم ويفقده اوراق الضغط التي لديه على بغداد.
وانتقد اسسرد تخوين وتجريم العديد من الشخصيات والاكاديمين والسياسيين من قبل احزاب السلطة نتيجة لمعارضتهم اجراء الاستفتاء او ابداء ملاحظات على آلية تنفيذه.
من جانبه قال الدكتور لطيف رشيد ان الدور الكردي في بغداد كان في السابق فاعلاً جدا وكانت الحكومة العراقية لا تتخذ أي قرار او سياسة معينة من دون العودة الى الكرد، اما الان فالوضع تغير كليا وفقد معه الكرد ثقلهم ودورهم الاساسي في العراق.
واستشهد رشيد بالانموذج الاسكوتلندي في مسألة الاستفتاء، وقال ان اسكتلندا كانت تتمتع بجميع مقومات الاستقلال من ارض وعملة وسيادة وبرلمان وحكومة، الا انهم قاموا بدراسة ذلك من جميع الجوانب ووصلوا بعد دراسة معمقة الى ان الوقت غير ملائم للاستقلال عن انكلترا وان الاصرار على الاستقلال ستكون تبعاته السلبية اكثر من ايجابياته فقاموا بتأجيله.
وحول استفتاء الاقليم قال رشيد ان هذا القرار اتخذه شخصا واحدا من دون العودة الى الاخرين ومناقشته بنحو معمق معهم، لافتا الى ان ما يجري الان من اصرار على اجراء الاستفتاء لا يعكس رؤية ديمقراطية وهو يعني فرض ارادة شخص وحزب على الارادة العامة، مؤكدا انه لا يوجد شخص او مواطن كردي يرفض ان تكون له دولة مستقلة، الا ان ذلك يجب ان يتم بعد تهيئة العوامل الذاتية والموضوعية.
مؤكدا ان سياسة الاقليم تجاه بغداد لم تكن صائبة وكان المسؤولين يزورون تركيا بنحو دوري بينما هم يمتنعون من الذهاب الى بغداد، مؤكدا انه وفقا لكل العقبات والمعطيات المحلية والاقليمية والدولية فان جميع دول العالم تدعو الاقليم الى التأني وعدم الاصرار على الاستفتاء، وقال «نحن كان لدينا دور اساسي في سن الدستور الدائم للعراق وكنا شركاء حقيقين الا انا نحن من فرطنا في حقوقنا، ويجب ان لا نلوم الاخرين الى انخفاض دور الكرد وتقلص حجمهم وتمثيلهم في المؤسسات الرسمية للعراق.
وتابع اننا لو اجرينا استطلاعنا خيرنا خلاله المواطنين بين اعادة رواتبهم المستقطعة المتأخرة وبين الاستفتاء لاختاروا الرواتب على الاستفتاء، لانه لا يمكن طرح قضية الاستفتاء في ظل الظروف المعاشية الصعبة والازمات التي يمر بها الاقليم.
بدوره قال الباحث والكاتب مسعود عبد الخالق ان كردستان مقبلة على مخاطر جمة في ظل التوجه الى اجراء الاستفتاء وتجاهل الارداة الدولية ، مضيفاً ان الاستفتاء لايكون دائما وسيلة لبناء الدولة وهو حق في القانون الدولي للاقليم والشعوب، ويكون في حال تم الاتفاق بين صاحب القضية وصاحب السيادة الذي هو العراق، مستشهدا بالعديد من التجارب التي شهدها العالم والتي جاءت كلها بعد الاتفاق بين الحكومات والشعوب التي تسعى لتحقيق الاستقلال.
مضيفا ان حق تقرير المصير وفقا للعديد من المواد المدرجة في ميثاق الامم المتحدة يمنح الحق للشعوب وليس السكان وان الكرد ليسوا شعبنا لدى الامم المتحدة، وانما هم سكان هذه المناطق، وان تعامل الامم المتحدة مع الشعب والسكان يختلف كلياً ، مشيرا الى ان اجراء استفتاء ناجح يحتاج الى ثلاثة عوامل اساسية وهي تحقيق الشرعية الداخلية والشرعية لدى الحكومة العراقية اضافة الى الشرعية الدولية.