هل الخيال جزء من الإنتاج النقدي الأدبي؟

مؤيد عليوي
إذا كان الخيال الأدبي أو المخيال الأدبي جزءا من عملية إنتاج النص نثرا وشعرا، وأنه يشبه أحلام اليقظة التي تولدها الحاجة والرغبة الإنسانية في تحقيق تلك الاحلام، أو أنه من الواقع المخزون في ذاكرة المبدع الأدبي، أو أنه من عالم مثالي، أو غيرها، فالقارئ المتلقي أيضا يملك الخيال الأدبي الذي هو منظومة إنسانية يتصف بها الانسان دون المخلوقات الاخرى، جزء من عملية عمل المخ البشري وجهازه الُمولد للأفكار والإحساس، فهي بالتالي جزء من شخصية الناقد بوصفه متلقيا قارئا وكاتبا. فهو منتج للنص النقدي الأدبي، ولكن يختلف الخيال الأدبي عند النقاد من ناقد الى آخر. لذلك تختلف النقود الأدبية في مشغلها على النص الواحد نثرا أو شعرا، لاختلاف المباني الذهنية وطريقة التفكير والقراءات النقدية الأدبية والثقافية والواقع الذي جاء منه الناقد، وكذلك الاختلاف في الاطلاع على أكثر من فلسفة ، والتحصيل العلمي الاكاديمي في اختصاص النقد الأدبي، كما أن الخيال الأدبي في عملية النقد الادبي إبان الممارسة التطبيقية على النصوص ، يختلف حتما عن النقد الأدبي في عملية إنتاج النص ، إلا أنه يظل خيالاً إنسانيا ، فيما يدخل الخيال الأدبي عند الناقد الذي يغترف من الواقعي والمثالي معا ، منذ البداية للإحساس بالنص قبل الشروع بالكتابة النقدية الأدبية، إنها عملية الفكرة والإحساس بالنص بضرورة الكتابة عملية شفافة معقدة متداخلة داخل منظومة عقل الناقد، أذ |أن عملية الاحساس بالنص تُولد ضرورة الكتابة عنه دون حضور الأدوات النقدية الادبية ومدارسها ومناهجها، أنه شعور يدفع بك للبحث أكثر في النص عبر حضور متخيل لشيء ما يتصل بما تعرفه أو تبحث عنه جماليا وفنيا. يولد الاحساس مثل ومضة البرق في خلايا المخ ويشع داخل مملكة جسم وروح الناقد، ثم بعدها يستعيد الناقد من خزينه المعرفي حيث أدوات الكتابة النقدية الأدبية.
كان سؤال: هل الخيال جزء من الإنتاج النقدي الأدبي من الشاعر والناقد كامل حسن الدليمي في مدينة الحلة مدينة الاسئلة كما هي أغلب مدن العراق، فكان الجواب مني بنعم دون تفاصيل كما سبق، حدث ذلك سنة ٢٠١٨ عندما شرعتُ بطباعة كتابي النقدي الأدبي ” النحت في قصة الغرفة ” عن دار النخبة في مصر، وقد اكتفى الشاعر بالجواب دون تفاصيل.
اليوم عاد السؤال ذاته في ذاكرتي بعد رحيل الشاعر كامل الدليمي رحمه الله برحمته الواسعة:
هل الخيال جزء من النقد الأدبي؟ كان سؤال الشاعر كامل الدليمي ينم عن معرفة عندما قرأ كتابي ” النحت في قصة الغرفة ” والذي كان يتحدث عن قصة ” الغرفة ” لميثم الخزرجي التي كانت من ثلاث صفحات تقريباً والكتاب عنها لوحدها كما عنوانه من يتكون ٨٥ صفحة فكان سؤال الشاعر كامل الدليمي سؤالا ينم عن معرفة واسعة بعملية الانتاج النقدي الأدبي، والسؤال ذاته مازال قائماً، من جهة ثانية: هل يعلم الناقد أن جزءا مِن عمله النقدي الأدبي يرتكن الى الخيال؟ ونعيد السؤال بطريقة ثانية: كيف تكون عملية التلقي والكتابة النقدية عند الناقد لقصيدة أكثر خيالا وتأويلا من قصة قصيرة أو رواية؟ إذ الشعر مهبط الخيال في الشعر الكلاسيكي والحديث منه بأنواعه وأجناسه المتباينة، وكيف يكون عمل الخيال عند الناقد مع النثر قصة أو رواية؟ وربما يرفض بعض النقاد عنصر الخيال في انتاج النقد الأدبي بما يريدون من قوالب الكتب والنظريات الجاهرة للنقد الأدبي، لكن قارئ ومتلقي النقد الأدبي سيرى نصوصهم خاوية من الروح، عبارة عن قوانين متراصة ومملة، فالخيال في النقد الادبي عملية انتاج جديدة للنص الادبي نثرا وشعرا.
وفي آخر السطر: شكرا جزيلا للشاعر والناقد كامل الدليمي على سؤاله: هل الخيال جزء من انتاج النقد الادبي؟ وعلى كرمه بطباعة كتابي ” النحت في قصة الغرفة “.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة