سد الحنك

أمير الحلو

شاهدت عام 1971 في مسرح الزمالك في القاهرة مسرحية(سد الحنك) بطولة الممثل الكوميدي أمين هويدي بناء على نصيحة بعض الاصدقاء الذين امتدحوا مضمونها ، وقد استفسرت عن معنى غير المتداول عندنا فقيل لي أنه نوع من الحلويات اللذيذة التي لا نصنعها في العراق , ولكني لم أعرف علاقة العنوان بمضمون المسرحية وذلك مما دفعني الى مشاهدتها، وقد وجدتها تتحدث عن ظاهرة لم نكن نعرفها ولكنها كانت منتشرة في مصر وهي حرق السجلات التي تخص العمل الحسابي في دوائر الدولة أو شركات القطاع الخاص الرابحة قبل عمليات التدقيق التي تجري نهاية السنة المالية مما يجعل المدققين والمحاسبين يجهلون كيفية أختفاء مبالغ طائلة ويعجزون عن استخراج الميزانية المالية، وعن هذا الطريق تجري عمليات سرقة واسعة النطاق، والحقيقة ان هذه الظاهرة لم تكن منتشرة في العراق مع وجود طرق أخرى للأحتيال لذلك وجدت المسرحية بعيدة عن أجوائنا لسنين طويلة حتى حان الوقت الذي بدأت فيه ظاهرة الحرائق في سوق الشورجة التجاري وغيره تبرز للعيان خصوصاً مع تكرارها وألقاء اللوم على (ألماس الكهربائي) وقدم البنايات ولكن الامر الواضح ان ظاهرة الحرائق أصبحت ممارسة دائمة مما يزيد الطين بلة بما يتعلق ومصالح الناس والدولة المالية وخسارة شركات التأمين ضد الحرائق بعد أن تعجز عن إلقاء المسؤولية على جهة متعمدة ويجري تسجيل الحادث على أنه (قضاء وقدر) وتذهب السجلات والبضائع طعماً للنيران.

وقد تعرضت لمثل هذا الموقف عندما جرى تهجيري من داري وأخذت أبحث عن وسائل لتدبير السكن والعيش، وكانت عندي قطعة أرض في مسقط رأسي من نقابة الصحفيين وشملت جميع الأعضاء في النقابة ففكرت ببيعها وكلفت أحد أقاربي بالبحث عن مشتر لها وأرسلت له وكالة وسندات الملكية (الطابو) ولكني تفاجأت بأتصال هاتفي منه بعد أيام يخبرني أنه ذهب الى موقع الارض فوجد أن بيتاً قد بني عليها وعندما راجع التسجيل العقاري قالوا له أن السجلات قد حرقت ولا يمكن تحديد المالك الحقيقي، وقال لي وبرغم (تحضرنا) أن لا وسيلة لأسترداد حقي إلا بالاسلوب العشائري المعتاد خصوصاً أن المتجاوز من عائلة معروفة فأعطيته الضوء الاخضر فاتصل برئيس عشيرة المتجاوز الذي أعرفه ويعرفنا ورجاه قبل زيارة وفد من عائلتنا له فرحب بذلك وأستضافهم ثم فاتحوه بالأمر فأنزعج من تصرف قريبه واستدعاه للحضور للاستفسار عن الموضوع فاعترف بتجاوزه مبررا الامر بأنه وجد قطعة أرض متروكة سنوات طويلة فقام بأسغلال حرق سجلات الملكية ليبني داراً عليها ! وقد تم (التراضي) على بيع الدار والارض باشراف العائلتين وتوزيع العائدات حسب أستحقاق كلينا. وهذا ما تم بالفعل ولكن تبقى قضية حرق السجلات واضحة المعاني وأنها كانت نوعاً من (سد الحنك) عندنا!

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة