د. علي شمخي
سلسلة الاختراقات الامنية التي شهدها وتشهدها مدن العراق وسقوط الضحايا في الاشخاص والممتلكات وتهديد الامن الوطني العراقي برمته تثبت ان الارهاب يشن حرباً مفتوحة في العراق لايملك احد التكهن بوقت ومكان نهايتها ..وكان من المتوقع ان تحصد آلة الموت الارهابية عشرات العراقيين في كل يوم مع غياب أية رؤية إستراتيجية لمواجهة مخططات الارهاب المتنامية في المنطقة وفي العراق وفي ظل افتقاد أي تنسيق مشترك فاعل وملموس بين الولايات المتحدة الأميركية والقائمين على ادارة الملف الامني في بغداد ..ولربما اصبحت الاتفاقية الامنية بين البلدين هي الحاضر الغائب في هذه التداعيات التي تهدد بتقويض مسيرة الديمقراطية في العراق وتضع مستقبل البلاد في غياهب المجهول …!! ومن يراقب تحركات وخطوات وردود افعال المسؤولين في البلدين تجاه مايحدث في العراق ستتولد له قناعات بأن ثمة جهات واشخاصاً في ادارة البلدين تغمض عيونها وتصم أذانها امام مطالبات من هم حريصون على امن واستقرار هذه البلاد.. والا مامعنى ان تمتد مخالب الارهاب كل يوم في مدن وشوارع العراق وتقتطع اجزاء من الارض.. وترفع راياتها السود في وضح النهار وتملك زمام المبادرة في شن الهجمات متى تشاء واينما تشاء وتصبح المعادلة ..العصابات الارهابية تشن حرباً مفتوحة منظمة وقوى الامن والجيش العراقي لاتعلم مكان وموعد هذه الهجمات وتبقى تنتظر نداءات الاستغاثة والنجدة لتعيد الامور الى نصابها في حرب كر وفر تغيب فيها اية قدرات استخبارية وقائية يمكن ان تمنع مخاطر شن مثل هذه الهجمات الدموية.. وفي العرف العسكري يعني هذا ان مدن العراق اصبحت مكشوفة الجبهات.. ولاتملك قوات الجيش والشرطة وقوات الدفاع الاخرى اية امكانيات او مستلزمات تجهض وتمنع او تشل قدرات المجاميع المسلحة في المبادرة لشن هجماتها القاتلة على المباني العامة والخاصة ..لقد اظهرت بعض اشرطة الفيديو التي عرضتها مواقع الانترنيت والتواصل الاجتماعي في محافظات صلاح الدين والانبار والموصل قيام مجاميع من (داعش) وفصائل اخرى بنصب السيطرات الوهمية بكل استرخاء واختطافها المواطنين وافراد الشرطة والجيش واعدامهم في شوارع عامة داخل هذه المحافظات.. فيما بانت بشكل واضح خلال الايام الماضية قدرة هذه المجاميع على شن الهجمات في وقت واحد وتنفيذ التفجيرات بالسيارات المفخخة في داخل العاصمة بغداد وفي محافظات وسطى وجنوبية …!! ان هذه التداعيات تتطلب مستوى من الرد السياسي والعسكري يواجه ويماثل شراسة وقدرات هذه الهجمات المسلحة ويتطلب في الوقت نفسه تقدير فداحة ونتائج تأخر تشكيل الحكومة والفوضى العارمة من المناكفات والسجالات بين اطراف العملية السياسية وانشغالها بتقاسم المناصب على حساب حماية العراق وسيادته وحماية مواطنيه من القتل ..كما تستدعي هذه الاحداث العمل للانتقال بالقدرات الدفاعية العراقية من الاجواء الاعلامية الى الاجواء العملية ففي الوقت الذي تعلن فيه مستشارة الامن القومي الاميركي سوزان رايس تزويد الولايات المتحدة الاميركية المعارضة السورية باسلحة فتاكة وغير فتاكة تكتفي اميركا باثارة صخب اعلامي عن توقيع اتفاقيات لتزويد العراق بمقاتلات واسلحة متطورة منذ سنوات لم يصل منها الا طائرة واحدة ونزر يسير من الاجهزة والمعدات الحربية ..ومالم يدرك القائمون على المؤسسة العسكرية والامنية في العراق خطورة هذه الحرب المفتوحة التي يخطط لها الارهاب ويشنها في العراق ..ومالم تضغط المؤسسة السياسية على الولايات المتحدة الاميركية واصدقاء العراق لتقديم المساندة والمساعدة الحقيقية لهذه البلاد فان آلة الموت ستحصد مزيداً من ارواح العراقيين الغالية عندنا والرخيصة عند الحاقدين على هذه البلاد…!!!