ماجد عبد الرحيم الجامعي
قرأنا في التراث الانساني الممتد في عمق التاريخ عن النميمة والنمامين , وقد عد الاسلام هؤلاء من اراذل الناس ووصف سلوكهم بكونه آفة من آفات اللسان غير المؤمن … وعبر العصور التاريخية كان هؤلاء لصيقين بالحاكمين الظالمين حيث تجزل لهم العطايا ظاهرا … بينما ينظر اليهم السلاطين بكونهم نكرات لا شرف لها … وهذه النكرات اسقطت حكومات وتسببت باحتلال بلدان آمنة حينما وضعت نفسها في خدمة الاعداء ونقلت الاخبار والمعلومات التجسسية اليهم فاشرت النقاط الواهنة في البلاد ( مشروع الاحتلال ) ومكامن الضعف في قطعاتها العسكرية ومداخل ومخارج الطرق الامنة .. وقبل اربعة عقود من الان ذاق الناس الامرين من وكلاء ووكيلات الامن العامة في العراق الذين تم انتخابهم مثلا من بين اصحاب وصاحبات وعاملين وعاملات في صالونات الحلاقة النسائية والرجالية وسائقي النقل ( التكسي ) وتم ربطهم مباشرة بالاجهزة الحزبية والامنية في اثناء حكم البعث وصدام فكانت لهم الحظوة وتكريم القيادة السياسية بوصفهم عينا ترصد وقلما كالسيف في نقله المعلومة الاستخبارية بغض النظر عن مصداقية الوكيل الامني والطريقة التي دفع بها المواطن البسيط الى التعبير عن نقمته وكراهيته لذلك النظام .. فكانت تقاريره حولها , دفعت بالكثير الى غياهب السجون ومطاميرها ثم نصب اعواد المشانق وميادين الرمي لاعدام الابرياء …
اما اليوم .. وبعد التغير حيث اصبحت الحياة تمضي الا من افواج العاطلين ومعاناة من لاسكن له وغياب للخدمات المائية والكهربائية وسبات المعامل وتصحر المزارع وتبخر الانهار واعتداء الجار والجار الجنب , وشيوع الفتن الطائفية والعرقية والاثنية وانتشار الارهاب والارهابيين بمفخخاتهم وفتاواهم التكفيرية , وكذلك الفساد والمفسدين في مفاصل الدولة العراقية الديمقراطية … تحول الوكيل الامني والحزبي الى اسمه الجديد ( المخبر السري) ليكمل ما بدأه مع النظام المباد وليقتل ما تيسر له من اعداد بشرية ضمن الاحصاء السكاني لبلاد الرافدين ..
ومن هنا نخاطب من يدعو في العراق الجديد الى مكافأة المخبر السري وتقنين عمله رسميا ونقول له ان يتقي الله فيما يذهب اليه وان يتحقق من شخصية هذا المخبر الذي يعده مصونا غير مسؤول كما هو ملك العراق وان يبحث في الاسباب وراء استدراج الابرياء للتعبير عن عدم رضاهم وزجهم تحت عناوين المادة 4 ارهاب والمخططين لاسقاط العملية السياسية .. فقد تكون الاسباب غير ذلك كأن يكون هناك عداء شخصي او عشائري او مصلحي بين المخبر السري وهؤلاء الذين طالهم القانون…
وعلى المتصدي الجديد لحكم العراق ان يراقب بمواطنيه وان يذهب لقراءة رسالة الحقوق للامام السجاد علي بن الحسين ( عليهما السلام ) التي يقول في بعض منها :- ( واما حق نفسك عليك فان تستوفيها في طاعة الله فتؤدي الى لسانك حقه والى سمعك حقه والى بصرك حقه والى يدك حقها والى رجلك حقها … وتستعين بالله على ذلك )
وبهذا يتنزه الحاكم عن تتبع خطوات الشيطان, وفوز بيوم لا بيع فيه ولا شراء !!.