أربعة مقاعد حصل عليها التحالف المدني الديمقراطي، تبدو كما لو انه إنتزعها إنتزاعاً من بين أسنان الحيتان الزرق ..
وكنت قد كتبت قبل إعلان النتائج عموداً في هذا المكان، قلت فيه ان كرسياً نظيفاً واحداً هو تمثيل حقيقي لإرادة شعبية حقيقية مهما صغر حجمها بلغة الأرقام الجامدة، والمقاعد الأربعة أتت، بإعتراف حتى من يتهيبون من التحالف برغم «ضعفه»، بلا خطاب طائفي من أي نوع .. أتت من دون أي شكل من أشكال استعمال المال العام الذي أستعمل على نطاق واسع .. أتت دون حملة إعلامية واسعة وفضائيات وصحف وشراء أقلام ومحللين سياسيين من هذا الزمن .. أتت من دون توزيع أراض أو كارتات موبايل أو بطانيات وقناني زيت منتهي الصلاحية .. أتت من دون فتوى دينية ولا إستخدام الرموز الدينية التي أستخدمت بشكل من الأشكال .. أتت من دون ترهيب أو ترغيب أو تزوير وحدث العكس معها ما أضاع عليها قرابة الخمسين ألف صوت بطرق الإحتيال المبتكرة ..
كراس أتت ملتزمة بكل قوانين المفوضية وإشارات المرور وتعليمات البلدية .. نظيفة صافية برغم الإستبعاد والغرامات والتضييق الإعلامي ووضع البوسترات الدعائية لكتل كبيرة فوق بوسترات التحالف الفقيرة .. وهي كراس من المرجح ان يلعب من سيشغلونها دور الممثل لكل الشعب ولمصالحه وتطلعاته المستقبلية ..
لا أوهام لدينا ان شاغلي هذه الكراسي سيقلبون أصول اللعبة السياسية في البلاد ولن يكون بإمكانهم ان يقلبوا حالنا من حال الى حال، إلا أن تهديم حجر في جدار الإستحواذ المطلق على مقدرات الناس وفتح كوّة مهما صغرت بإتجاه المستقبل، هو الكسب الحقيقي الذي ينبغي ان يبنى عليه في المستقبل، فالتغيير عادة ما يكون عسير الولادة وطويل الطريق وممتد الزمن ..
لا أوهام لدينا لكنه التفاؤل الواقعي المبني على إفرازات الواقع السياسي وعلى التراكمات ومتغيرات المزاج الجماهيري، مع الأصوات الشعبية الحقيقية في بقية الكتل بما فيها الحيتانية لإنضاج مشروع سياسي جديد بإمكانه فعلاً ان ينقلنا الى حالة جديدة وينقذ البلاد من المستنقع الذي تتخبط به ..
مهما يقال عن نتائج الإنتخابات من تزوير وتلاعب بإرادة الناخبين ، إلا أن المياه الراكدة تحركت، ولا أعتقد ان كائناً من يكون رئيساً لمجلس الوزراء سيكون بإمكانه ان يقود البلاد على الطريقة القديمة التي إستهلكت من أعمارنا ودمائنا عشر سنوات عجاف ضاعت في فوضى سلطتين، تشريعية وتنفيذية، لم يألوا جهداً في إيذائنا بالسلوك السياسي الأهوج والمتصادم والجاهل ..
بالرغم من ان معظم الوجوه القديمة عادت الى مسرح البرلمان، ولا أوهام لدينا من انها ستجترح المعجزات ولا العمل بعقلية جديدة، إلا أن أملنا بالوجوه الجديدة والمقاعد النظيفة، بتقديم عرض جديد، وان كانت مستلزمات العرض الجديد أكبر من طاقتها ففي الأقل ان تمنع إعادة عرض مسرحي بائس يأكل من جرف حياتنا أربع سنوات جديدة قد تشكّل الضربة القاضية لآخر آمالنا في المستقبل !
العرض القادم
التعليقات مغلقة