في ضيافة «نخيل عراقي»
سمير خليل
استضافت قاعة منظمة نخيل عراقي الثقافية جلسة توقيع كتاب (جماليات الحداثة:التقنيات والفكر والخيال في المسرح) لمؤلفه الفنان الدكتور جبار جودي نقيب الفنانين العراقيين، ادار الجلسة الفنان الدكتور احمد شرجي بحضور ابداعي نوعي .
واستعرض الضيف جبار جودي مقدمة كتابه وفصوله وابوابه، الذي هو من اصدارات الهيئة العربية للمسرح فقال:
حقيقة، لمن لايعرف ان هذا الكتاب هو اطروحتي لرسالة الدكتوراه، كنت امام محنة الوصول الى فرضية لانك في الدكتوراه يجب ان تأتي بجديد ونحن ابناء المسرح، من عام 1983 ونحن نعمل في المسرح بكافة الحقول فبماذا سننظر؟ وكيف سننظر؟ ولمن سننظر؟ فآليت على نفسي ان آتي بشيء جديد وكانت منافسة كبيرة ان ادخل بمبحثين فلسفيين خالصين واذهب بمخرجات هذين المبحثين الى مخرجات المسرح فكرا وخيالا وتقنية، وكنا ايضا امام مفترق طرق بين التقنية التي دعا اليها هيدغر، تقنية الفكر وبين التقنيات والتكنولوجيا المتطورة والمطردة».
واضاف: حقيقة خلال العشرين سنة الاخيرة بدأ العالم يطفر طفرات كبيرة في الجانب التكنولوجي لكن مايصاحبه بالجانب التحليلي والفلسفي لم يلحق كخطوات متسارعة بالطفرات الهائلة للتكنولوجيا وهذا الامر لمسناه بالمسرح ولو نأتي الى المسرح العراقي سنجد ان جميع مسارحنا وجميع تقنياتها مضى عليها اكثر من ثلاثين سنة او اكثر ونحن نطالع التجارب الجمالية من خلال اليوتيوب، من خلال تطور وسائل الاتصال لكن عمليا نحن لازلنا فقراء، هذا الامر قادني ان ابحث في فكر التقنيات وليس الميكانيكا الموجودة في المسرح وليس التكنولوجيا بمفهومها الميكانيكي ولكن التكنولوجيا بمفهومها الفكري والفلسفي».
وتابع: كيف نبحر في عالم التقنيات؟، ماذا تعني بقعة تداهم الممثل في الظلام؟، هي ليست تكتولوجيا ولاتقنياتها، هي فكر، فلسفة، فكيف نبحر بالفلسفة ونشط بالفكر الى عالم قليل مايدخله الاخرون وهو علم التقنيات، حقيقة هذا الموضوع ارقني كثيرا مما دعاني ان اقرأ مايقارب المائة والعشرين مصدرا في هذا الموضوع بالذات وكل ماكتب عن الحداثة وترجم الى اللغة العربية على الاطلاق، خرجت بهذه الحصيلة لاننا فقراء بالمسرح، لدينا تجارب جيدة لكننا فقراء بالمسرح من الناحية التكنولوجية».،.
وأضاف: لقد تم الاعتراض على ذلك في حينها بانني اخذت تجارب اجنبية، وهذه التجارب في حينها عام 2016، وفي عام 2015 عندما كنت اكتب الاطروحة كانت تعرض في دول العالم، ثلاث تجارب مهمة (سوناتات شكسبير) التي الى الآن تعرض كريبواتوار من قبل فرقة البرلين انسامبر، فرقة بريشت، (الطوطم) لروبرت ريفاج الذي يسمى صانع المعجزات، وانا اكتب في البحث كانت تعرض في مدينة بيرث الاسترالية، و(مسافر بلا حراك) لفيليب جاك الذي قدمه عام 2008 في دمشق بمناسبة سوريا عاصمة الثقافة العربية وكانت بممثل واحد او ممثلين اثنين ثم طور العرض ليصبح بثمانية ممثلين، اربعة رجال واربع نساء، من العروض الهائلة والكبيرة جدا فالمجازفة اني اخذت هذه العروض الاجنبية في اطروحة دكتوراه عراقية لاننا بصراحة نتحدث عن موضوع لو قلنا ان الجزء من اوجه الحداثة هو المعاصرة والآن فماذا نقدم في التقنيات والفكر والخيال اذن يجب ان نقدم شيئا عالميا لايزال يعمل كنموذج لهذا الموضوع والحمد لله وفقنا فيه .
وإستهل مقدم الجلسة الدكتور،احمد شرجي بمقال له عن جبار جودي وكتابه جاء فيه:
منذ تعريفه للجمالية، يمسك بنا جبار جودي في كتابه الموسوم (جماليات الحداثة:التقنيات والفكر والخيال في المسرح) لتتبع خطواته التنظيرية بغية التنظير للضوء وحركية السينوغرافيا وعمقها الفكري والفلسفي بدون انشاء، بل يسعى الى الاقتصاد عبر ثنائية الحداثة وما بعد الحداثة، وجوهر الجمالية يكمن في البحث عن المرجعيات التشكيلية للانتاج الفني مما ينتج عن شبكة علائقية ترابطية بين الخيال / المخيلة لتشكل عمق الرؤية ودلالاتها الفلسفية والسيميائية، وجوهر ذلك الترابط والاختزال والاقتصاد في كل عناصر العمل الفني، فالحداثة ليست كما عرفها جياني فاتيموبوصفها (حالة وتوجها فكريا بسيطا تسيطرعليها فكرة رئيسية) ولا هي عند بيترتشايلد تدل على من اتبع الطرق الحديثة وايد الادب الحديث اكثر من القديم، بل هي مفهوم ثقافي فلسفي متحرك في الزمن اجل التحديث والتجديد».
واضاف : اذا كان ديكارت هو المؤسس الاول للحداثة الفلسفية فان جبار جودي هو المنظر الامهر للسينوغرافيا وفق مرجعيات فلسفية على المستوى النظري والتطبيقي وفرادته تأسست وفق ضوابط عملية تطبيقية استهجنها النقد تارة واثنى عليها تارة اخرى، وبين هذا وذاك ظل جودي وفيا لمشروعه التنظيري الذي يعتمد على الاختزال وفق مرجعيات فلسفية على الخشبة، رسم الضوء وفاعليته مع العناصر المسرحية الاخرى حيث همش الممثل في احيانا كثيرة حتى لايخدش حياء الصورة وتوازنها».
وشهدت الجلسة مداخلات عدة من الضيوف الحاضرين منهم المخرج الكبير محمد شكري جميل وحسين البياتي ومحسن غازي نقيب الفنانين السوريين وحسين علي صالح وزاهر جلال الدين والدكتور عقيل مهدي الذي اجاب عن سؤالنا: هل نعتبر مكتبتنا المسرحية عامرة ام فقيرة فاجاب:
الحكم على مثل هذا الامر نسبي لاسباب عدة، للاسف نحن لانمتلك مركزية واحدة في التراجم والتأليف، هناك نمط من التشتت مابين المغرب والمشرق وهناك كتب نادرة وجميلة ،عربية بشكل عام بالمشرق والمغرب ولكن انتشارها يعاني من بعض العقبات وعدم مايسمى بالسيولة العفوية الجميلة المخطط لها بشكل مدهش، لكن نبقى عندما نقرأ عن المطابع بالغرب ويقال انها مثلا اسبوعيا تترجم وتنتج وتطبع عددا مهولا من الكتب، بالنسبة لنا ربما تمر سنوات عديدة ونحن نسمع عن عنوان كتاب ولكن لم نقرأه».
واضاف: نحتاج نوعا من المنهجية مثلما كان محسن الموسوي في مشروع المئة كتاب، لذلك نحتاج مركزية وعقول فذة مثقفة تواظب على طباعة هذا ونشر ذاك وترجمة كتاب اخر».