أين الشقي من السعيد ؟

-1-
في العاشر من محرم الحرام سنة 61 هـ دارت في كربلاء رحى الحرب بين معسكرين:
بين معسكر الحسين (ع) واهل بيته وصحبه الابرار ،
وبين معسكر الخارجين لحربه نصرةً ( ليزيد ) و ( ابن زياد ) وشتان بين المعسكرين والفريقين .
ويمكننا القول – بكل تأكيد –
انّ معسكر الامام الحسين (ع) ضمّ صفوة من الناس لم يشهد التاريخ لهم مثيلا في صدق إيمانهم وروعة شجاعتهم ، وفي عمق اصرارهم على الدفاع عن مقدساتهم بكل بسالة وقوّة …
انهم كانوا حُزمة من السعداء الصالحين .
أما المعسكر الأموي فقد ضمَّ شذّاذ الآفاق الأشقياء الذين يتشدق بعضهم قائلا
املأ ركابي فضة وذهبا
اني قتلتُ السيدَ المُحَجَبا
قتلتُ خيرَ الناس أماً وأبا
واي شقاء أكبر من قتال الحسين (ع) مع العلم بأنه خير الناس أُما وأَباً، والحسين (ع) كان نزل الى ساحة المعركة معتماً بعمامة جده رسول الله (ص) ومتقلدا سيفه ، وهذا يعني :
أعلموا ايها المقاتلون لنا انكم انما تقاتلون رسولَ الله (ص) .
واذا لم يكن اولئك المقاتلون من الأشقياء فمن هم الأشقياء اذن ؟
-2-
ان الاسرة الواحدة ، والبيت الواحد قد يخرج الضدين :
وهذا ما شهدناه في مَنْ قاتل يوم الطف :
انّ (عمرو) بن قرظه الانصاري كان مع الحسين (ع) ،
وكان له أخ اسمه (علي) قاتَلَ مع عمر بن سعد قائد المعسكر الأموي ووصف ( علي بن قرظة الانصاري ) بانه كان في غاية الشقاق .
ويحق لنا هذا ان نتساءل ونقول :
أين الشقيّ من السعيد ؟
لقد انقاد ( عمرو) الى دينه وعقله فاصطف مع الحسين (ع)، وانقاد أخوه الى الشيطان وكان من جنده فاصطف مع الامويين ..!!
-3 –
لقد برز ( عمرو ) بن قرظة الانصاري الى ساحة المعركة وهو يرتجز قائلا :
قد علمتْ كتيبةُ الأنصار
أني سأحمي حوزةَ الذِمارِ
ضربَ غلامٍ غير نكس شاري
دونَ حسينٍ مهجتي وداري
وقيل عنه :
انه قاتل قتال المشتاقين الى الجزاء ،
وبالغ في خدمة سلطان السماء حتى قَتَلَ جمعاً كثيراً من حزب ( ابن زياد) وجمع بين السداد والجهاد ،
وكان لا يأتي الى الحسين (ع) سهم الاّ اتقاه بيده ،
ولا سيف الاّ تلقاه بمهجته ، فلم يكن يصل الى الحسين سوء حتى أُثخن بالجراح
وحينها التفت الى الحسين (ع) وقال :
يا ابن رسول الله
أوفيت ؟
قال الحسين :
نعم
أنت أمامي في الجنة، وقاتل حتى قتل رضوان الله عليه .
-4-
هذا ما كان يوم الطف ،
أما ما هو كائن في يومنا ، فانّك لا تعدم أنْ تجد الاشباه والنظائر لابنيْ قرظة الانصاري :
فقد تجد مَنْ يتعصب –وبلا هوادة – لمن خاضوا في الفساد وعاثوا في البلاد ..!!
وتجد شقيقه منتفضا بوجه الفساد والفاسدين
انّ الامام الحسين (ع) هو رائد الاصلاح، الرافض للظلم والفساد، وأعداؤه هم الفاسدون والمفسدون وهيهات أنْ يرضى الحسينيُّ الغَيورُ بنهب البلاد والعباد .

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة