-1-
للنفس البشرية رغائب وشهوات ومطامع تشكل الامتحان الحقيقي الذي يواجهه الانسان في حياته ، فاذا استسلم للعواصف ولم يكبح جماح نفسه ، تدحرج الى الهاوية ولم ينفعه بعد ذلك عض الأصابع من الندم .
وانْ استطاع الانتصار على تلك المغريات، وصارعها بصلابة وثبات خرج من الامتحان مكللا بالفوز والنجاح، وأبعد عن نفسه المواخذات الموجعة واستطاع ان يصون ماء وجهه من الاراقة …
-2-
والمطامع لن تنطفي جذوتُها أبداً حتى مع دخول الانسان مرحلة الشيخوخة فهي عابرة لحدود السنين …!!
وقد تزداد عند بعضهم كلما تقدّم في العمر ..!!
-3 –
والعاقل من اتعَظَ بالتجارب – كما جاء في القول المأثور .
ومن التجارب التي عشناها تجربةٌ طرفاها رجلان :
أحدهما : أنفق عمره متقمصاً شخصية الناصح الأمين لجمهور المستمعين ..!!
وثانيهما : رجل خاض غمار التجارة وتبوأ منها مكانا عليّا .
وقد جنّد الثاني نفسه لخدمة الأول ، تقديرا منه لدوره الاصلاحي وتوثقت اواصر الصلة والمحبة بين الرجلين على نحو وثيق .
وكان التاجر يحتفي بصاحبه ، ويُسكنه حين يجيء الى عاصمة الضباب بشقة له فخمة إكراما وحبّا .
ويبدو ان الشقة أغرت الضيف بشرائها فوافق صاحبها التاجر على الفكرة مع انقاص كبير لثمنها، مشترطاً على الضيف الراغب بشرائها ان لا تُباع اذا اراد البيع الاّ بعد إخبارِهِ ، ليكون هو المشتري لها دون غيره .
ولكنّ المشتري المسكون بالطمع، أقدم على بيعها بعد مرور سنة من شرائها وبربح عالٍ دون اخبار صاحبه ، الامر الذي سبّب غضب صديقه مالك الشقة الاول
وآل الامر الى فِصام نكد ، وتحوّلت العلاقة الحميمة الى أجواء مشحونة بالتشنج والانقباض والتباعد …
ولم تمض الاّ فترةٌ قصيرة بعد ذلك حتى أُصيب – الذي سال لعابُه للربح الوفير من بيع الشقة – بمرض عضال استعصى على العلاج، فاغمض عينه ورحل عن سطح هذا الكوكب تاركا وراءه هذه القصة التي جعلته مضرب الأمثال ، ولوّنت صفحته بلون قاتم وَلَاكَتْهُ الألسنُ مستنكرة مطامعه ..
وهكذا خسر الصديق، وترك الأموال التي دفعه الحرص لتفضيلها على الصديق، غنيمةً لغيره، وأضاف الى قصص الموصوفين بالطمع والحرص قصة جديدة ..
حسين الصدر