انزعاج روسي من مجريات الأحداث
متابعة ـ الصباح الجديد :
تعتزم تركيا إبقاء الوضع في ادلب السورية كما هو، فعلى الرغم من اشتراكها في إشعال الصراع في جنوب القوقاز، بتقديم الدعم لأذربيجان في القتال العنيف المستمر منذ أسبوع، قامت بتحشيد عسكري ضخم في محافظة إدلب، الأمر الذي ينذر باندلاع أزمة إقليمية قريبا.
وقبل نحو ستة أشهر، اتفقت كل من تركيا وروسيا على وقف العمليات القتالية الرئيسية في شمال سوريا، مما أنهى حملة قصف مدعومة من روسيا أدت إلى نزوح ما يزيد على مليون شخص في المنطقة المتاخمة لتركيا بعد قتال استمر شهورا.
كما أدى أيضا الاتفاق بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى نزع فتيل المواجهة العسكرية بينهما، بعد أن أرسلت أنقرة آلاف الجنود إلى محافظة إدلب لمنع القوات المدعومة من روسيا من تحقيق أي تقدم جديد.
لكن الجمعة الماضية، دخلت قافلة عسكرية تركية وأكثر من 25 عربة مدرعة وشاحنة، تحمل موادا لوجستية، إلى شمال غربي محافظة إدلب لتعزيز النقاط العسكرية التركية في المنطقة.
وتدعم أنقرة مقاتلي المعارضة، ومن بينهم متشددون، يحاولون الإطاحة برئيس النظام السوري بشار الأسد، المدعوم من روسيا وإيران.
أردوغان يتوعد
وتوعد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بمواصلة العمليات العسكرية في سوريا «إذا لم تحصل تركيا على الوعود المقدمة لها»، مؤكدا أن الوضع في محافظة إدلب سيبقى كما هو.
وقال أردوغان أمس الاول السبت: «سنذهب بأنفسنا لتطهير أوكار الإرهاب بسوريا إن لم يتم الوفاء بالوعود المقدمة لنا»، بحسب ما نقلته وكالة أنباء «الأناضول» شبه الرسمية.
وتابع: «الأطراف التي تلتزم الصمت إزاء التنظيمات الإرهابية والدول الداعمة لها، تضع كل المبادئ الأخلاقية والقانونية والحقوقية جانبًا عندما يتعلق الأمر بتركيا».
وسيطرت تركيا على بعض البلدات الحدودية الشمالية، في السنوات الأخيرة، بتوغلات عبر الحدود لإبعاد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تعدها أنقرة جماعة إرهابية.
انزعاج روسي
ويعتقد المحلل العسكري في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية في إسطنبول، نافار سابان، أن يزعج التعزيز العسكري التركي روسيا لأن الكرملين يتوقع من تركيا تقليص وجودها العسكري في سوريا، خاصة في المنطقة الواقعة جنوب الطريق السريع إم 4، والذي يمتد بالتوازي مع الحدود التركية السورية.
وقال في تصريح: «بدأت روسيا بالسماح للنظام بتعبئة بعض قواته في المنطقة الواقعة جنوب طريق إم 4 الرئيسي. لن تكون هناك مواجهة عسكرية ضخمة، لكن قد يكون هناك بعض الهجمات المدفعية من قبل النظام على مكان تواجد القوات التركية».
وتشير التقديرات إلى أن عدد المركبات العسكرية التركية في المنطقة قد تجاوز 9750 في الأشهر السبعة الماضية.
وكانت روسيا رفضت تسيير دوريات مشتركة جديدة في ظل حالة عدم الاستقرار في المنطقة. وأجريت آخر مناورات عسكرية مشتركة للقوات التركية والروسية مؤخرا في إدلب في 21 سبتمبر الماضي.
وفي اليوم التالي، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن البلدين سيستأنفان الدوريات المشتركة في شمال سوريا عندما يستقر الوضع بعد هجمات هيئة تحرير الشام، الجماعة المتشددة في شمال غرب سوريا، على قاعدة حميميم الجوية الروسية.
وقال الباحث في الشؤون السورية المقيم في المملكة المتحدة، كايل أورتن، إن الحشد العسكري التركي في إدلب يهدف إلى إرسال رسالة مفادها أن أنقرة لن تتنازل عن الأجزاء المتبقية من المحافظة.
وأضاف «لقد تخلت تركيا عن أراض أكثر مما كان متوقعا، وبالتأكيد أكثر مما كان يأمله الكثير من وكلائها السوريين. لكن الحكومة التركية لديها خط أحمر حقيقي، هي بحاجة إلى منطقة عازلة لإبعاد الإرهابيين واللاجئين عن تركيا».
ويرى أن التعزيزات العسكرية التركية الأخيرة رد على إشارات دمشق وإيران بهجوم محتمل على إدلب، مما يشير إلى أن أنقرة ستقاوم أي عمل من هذا القبيل.
وتابع «من غير المرجح أن يشعر الروس بالقلق الشديد من تصرفات تركيا، موسكو راضية عن ترك تركيا مع إدلب، لكنها لا تستطيع السيطرة على الأسد والنظام الإيراني، وهدفهما النهائي وهو استعادة كل شبر من سوريا».