في ذكرى قصفها بالأسلحة الكيمياوية مدينة حلبجة تطالب بتعويضها وتقديم الخدمات

الرجل الذي وارى 3 آلاف جثة، يروي قصة الفاجعة «للصباح الجديد»

السليمانية ـ عباس اركوازي:

الحاج باقي محمد أحد الناجين من فاجعة قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية من قبل النظام المباد عام 1988 يروي قصصاً اقرب الى الخيال للصباح الجديد، مؤكداً بانه قام بدفن نحو ثلاثة الاف جثة لأطفال ونساء وشيوخ في مقابر جماعية بالمدينة في موقف يصعب وصفه او تخيله للكارثة الانسانية.
وقال في حديث للصباح الجديد: «مع ساعات الصباح الباكر في صبيحة يوم 16 من اذار عام 1988 اغارت طائرات حربية تابعة للجيش العراقي على المدينة ونفذت عشرات الغارات، وفي مسعٍى منهم لتفادي القصف المكثف قام ابناء المدينة في السراديب التي حفرها بعض اصحاب المنازل كملجأ للوقاية من القصف الدائر نتيجة للحرب العراقية الايرانية نظرا لقرب المدينة من الحدود مع إيران».
واوضح في حديث، «ان من كان لديه وسيلة نقل خرج من المدينة خوفا من أن يطاله القصف الجوي المكثف بينما بقي فيها من لم يتمكن من اخراج عائلته، الى المناطق الجبلية في اطراف المدينة، مضيفاً مع اشتداد حدة القصف بدأت غيمة بيضاء تخيم على سماء المدينة، لم نكن نعرف بانها غازات سامة اطلقتها الطائرات الحربية، الا انه وبعد دقائق معدودات، وبعد ان انقشعت الغيمة بتنا نشم روائح غريبة لفواكه مختلفة كالتفاح والخوخ، عندها ادركنا بان هناك شيئا غريبا يحدث، وباتت عيوننا تدمع وفقدنا معها القدرة على التنفس، حاول على اثرها العشرات من المواطنين ترك منازلهم، الا ان الحظ لم يسعفهم وسقط المئات منهم امام منازلهم في الشوارع والازقة.
تناثرت جثث المغدورين في الشوارع والازقة خلال سويعات قليلة، وبات من الصعوبة بمكان تدارك الكارثة، حملت منشفة وبللتها بالماء وغطيت بها عيني وفمي، برغم انني واجهت صعوبة في التنفس نظرا لاستنشاقي الغازات السامة، الا ان قدومي من خارج المدينة لإسعاف المغدورين منحني فرصة للنجاة.
واشار برغم انني فقدت 32 فردا من عائلتي، الا انني انشغلت عنهم بإسعاف ودفن المئات من ابناء المدينة من نساء واطفال، بينما قام اشخاص اخرون بدفن المتوفين من عائلتي في قرية بالقرب من المدينة، بينما تمكنت مع فرق الاسعافات الاولية الايرانية التي وصلت الى داخل المدينة مساء ومع من تبقى من سكان المدينة من دفن قرابة 3 الاف شخص اغلبهم من النساء والاطفال والشيوخ من المغدورين في مقابر جماعية.
بدورها منعت الادارة المحلية في محافظة حلبجة اجراء المراسيم والاحتفالات التأبينية بمناسبة الذكرى 32 لقصف المدينة من قبل النظام المباد بالأسلحة الكيمياوية المحضورة.
وقال المتحدث باسم جمعية ضحايا القصف الكيمياوي في حلبجة، ان اللجنة العليا وتماشياً مع الاوضاع الراهنة ومنعا لانتشار فايروس كورونا قررت عدم اقامة اية مراسم او مناسبات تأبينية في المدينة او خارجها حفاظا على الصحة العامة وسلامة المواطنين مطالباً حكومة الاقليم بتعويض الضحايا وتقديم الخدمات المتلكئة لأبناء المحافظة.
وكانت مدينة حلبجة قد تعرضت في 16 من اذار عام 1988 الى جريمة بشعة، اذا تم قصفها بالأسلحة الكيمياوية، المحضورة دولياً من قبل النظام المباد أستشهد على اثرها قرابة 5 الاف شخص من ابناء المدينة من اطفال ونساء وشيوخ وطفال.
وبعد سقوط النظام عام 2003 ومحاكمة رموز النظام المباد بدأت المحكمة الجنائية العراقية العليا، عام 2008، الجلسة الاولى من محاكمة المتهمين في قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية، هم كل من: علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي، وفريق ركن في الجيش العراقي السابق عضو القيادة القطرية المنحلة، عضو مجلس قيادة الثورة المنحل، سلطان هاشم احمد، وصابر عبد العزيز حسين الدوري محافظ بغداد، وفرحان مطلك صالح الجبوري، وهو لواء ركن متقاعد، وطارق رمضان بكر العزاوي مقدم طيار متقاعد.
من جانبه اصدر رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، امس الاثنين، بيانا في الذكرى السنوية لقصف حلبجة، وبينما جدد فيه التأكيد على إيلاء اهتمام اكبر بالمصابين وعائلات وذوي ضحايا السلاح الكيمياوي، عبر عن أسفه لعدم اتخاذ الحكومة الاتحادية أية خطوة عملية باتجاه التعويض المادي والمعنوي للسكان والبيئة المدمرة والملوثة لمحافظة حلبجة، کمسؤولیة قانونية وأخلاقية التي تترتب علیها بهذا الصدد.
واضاف بارزاني، إن الإنسانية بحاجة إلى العمل الجاد من أجل حظر ومنع استعمال كل أنواع أسلحة الدمار الشامل. فكما يهتم العالم أجمع في أيامنا هذه بالقضاء على فايروس كورونا کتهديد خطير على البشرية کلها، ينبغي أيضا أن يكون العمل في سبيل القضاء على أسلحة الدمار الشامل وتكنولوجيا الموت هم العالم بأجمعه من أجل حماية الحياة والبيئة والحضارة الإنسانية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة