تقرير أوروبي: يكشف عن تورط شركة كورك للاتصالات بالاستيلاء على حقوق مستثمرين أجانب

استخدمت منازل باهظة الثمن في لندن لرشوة مسؤولين عراقيين

السليمانية ـ عباس كاريزي:

في حين احتفل عام 2019 بالذكرى السنوية العاشرة لسحب معظم القوات البريطانية من العراق، ألقت ملفات المحاكم في الولايات المتحدة الضوء من جديد على كيفية تواصل المملكة المتحدة، وتحديداً سوق العقارات غير الشفاف في لندن، الذي ما يزال يلعب دورًا في قضايا الفساد التي تعصف بالعراق حتى يومنا هذا.
واماط تقرير نشره موقع ايو ريبورتر (EU Reporter) للكاتب «لويس اوج» اللثام عن ممارسة شركة كورك تليكوم المملوكة للحزب الديمقراطي ويترأسها سيروان بارزاني، ضغوطات واغراءات مالية على هيئة الاعلام والاتصالات لمنحها امتيازات على حساب مستثمرين اجانب.
واضاف التقرير الذي حصلت الصباح الجديد على نسخة منه، ان طلباً من طرف واحد قدم الشهر الماضي الى المحكمة الجزائية الأميركية في ولاية بنسلفانيا، والذي يستهدف مكتب المحاماة ديشيرت إل إل بي ، وصفت الدعوى بالتفصيل خطة ممنهجة لاستخدام منازل في لندن باهظة الثمن لرشوة مسؤولين في هيئة الاعلام والاتصالات العراقية، وسرقة بعض المستثمرين الأجانب البارزين بمئات الملايين من الدولارات.
واضاف التقرير، ان منظم العملية هو ريمون رحمة، أحد رجال الأعمال الأكثر نفوذاً في لبنان، لصالح سيروان بارزاني، وهو سليل عائلة بارزاني الذي وصفها التقرير بانها من أقوى العائلات الحاكمة في اقليم كردستان العراق.
وتوضح القضية كيف أن 2.3 مليون جنيه إسترليني في العقارات كانت كافية للمساعدة في مصادرة أكثر من 800 مليون دولار مستثمرة في العراق، من قبل أكبر شركة اتصالات في فرنسا وشركة كويتية كبرى للخدمات اللوجستية.
في الوقت الذي تدور فيه يبحث القضاء تفاصيل القضية من دبي إلى ولاية بنسلفانيا ، فإن أخطر تداعياتها تقع في العراق نفسه، حيث سبب الفساد الراسخ احباطا شعبيا بمستقبل النظام السياسي الذي ساعدت المملكة المتحدة على خلقه.
وتدور الإجراءات المعنية وفقا للتقرير حول ملكية شركة الاتصالات العراقية كورك ، التي بدأت في عام 2000 كشركة إقليمية تقتصر عملياتها على كردستان العراق، التي حصلت في عام 2007، على ترخيص للاتصالات الجوالة على الصعيد الوطني من هيئة الاعلام والاتصالات العراقية، قدرت قيمة هذا الترخيص بـ 1.25 مليار دولار ، إضافة إلى بند يتطلب موافقة هيئة الاتصالات والاعلام على أي تغييرات في الملكية تشتمل على 10٪ أو أكثر من أسهم الشركة.
وبغية تأمين دفع رسوم هذا الترخيص، التفتت كورك إلى مستثمرين خارجيين وكانت شركة الخدمات اللوجستية الكويتية Agility Public Warehousing وشريكتها، شركة الاتصالات الفرنسية اورنج العملاقة شركاء في الاستثمار، وبموافقة هيئة الاتصالات والاعلام ، استثمرت أجيليتي وأورنج أكثر من 800 مليون دولار في كورك عبر مشروع مشترك، هو تليكوم العراق، في عام 2011.
بدورها، تلقت هيئة الاعلام والاتصالات العراقية حصة 44 ٪ في كورك ، مع «خيار من شأنه أن يسمح لهيئة الاتصالات العراقية بالحصول على حصة الأغلبية البالغة 51 ٪ في الشركة في عام 2014. وسعت الهيئة للحصول على هذا الخيار، ومع ذلك، فإن ملفات المحكمة توضح بالتفصيل كيف تحول موقف هيئة الاتصالات والاعلام تجاه المستثمرين الأجانب فجأة بنحو غير مفهوم.
ويكشف التقرير انه في يونيو عام 2014 ، أبلغت هيئة الاعلام والاتصالات العراقية شركة كورك بأنها لم تعد شركة عراقية، وطلبت منها دفع أكثر من 43 مليون دولار كرسوم تنظيمية إضافية، بسبب «ملكيتها الأجنبية». وبعد أقل من شهر واحد، أعلنت هيئة الاتصالات العراقية أن استثمار كورك تليكوم العراق، «باطلاً ولاغياً وغير صالح»، وأمرت بإعادة جميع الأسهم إلى المساهمين الأصليين في الشركة، وعلى رأسهم رجل الأعمال وقائد قوات البيشمركة سيروان بارزاني.
والأهم من ذلك أنه في حين تم إعادة الأسهم إلى بارزاني وزملائه المساهمين جوشين حسن «جوشين بارزاني» وجيكسي هامو مصطفى، فإن مبلغ 800 مليون دولار الذي استثمرته شركة أجيليتي وأورنج لم يعاد اليهما. ما دفع بالمستثمرين الأجانب اخذ النزاع إلى التحكيم الدولي، مع القضايا المعروضة على مركز دبي المالي العالمي (DIFC) وغرفة التجارة الدولية (ICC)..
ويضيف تقرير موقع ايو ريبورتر (EU Reporter)، أن التحقيقات اللاحقة كشفت التفسير لهذا التحول الذي لا يمكن تفسيره للأحداث. وفقًا لطلب الاستكشاف المقدم من طرف واحد في ولاية بنسلفانيا ، قام اثنان من زملاء العمل ريموند رحمة، وهما عضوان يفترض ان يكونا عضوان مستقلان في لجنة الاشراف في كورك، الذين تربطهما في الواقع علاقة عمل وثيقة مع سيروان بارزاني، بشراء منزلين في لندن استخدمهما في ذلك الوقت أعضاء في هيئة الاعلام والاتصالات العراقية، اللذان ساعدا في تقرير مصير شركة كورك.
ويكشف التقرير ان أول منزل من هذين المنزلين تم شراؤه، في بارن هيل في ويمبلي، نقدًا بالكامل من قِبل بيير يوسف ، شريك ريموند رحمة، مقابل مبلغ 830 الف جنيه إسترليني في سبتمبر 2014. كما تم شراء المنزل الثاني، في هاير درايف في بانستيد ، نقدًا بالكامل من قبل منصور سكر، وهو مساعد آخر لريمون رحمة ، مقابل 1.5 مليون جنيه إسترليني في ديسمبر 2016.
ويؤكد التقرير انه لا السيد يوسف ولا السيد سكر كانا يعيشان في هذين المنزلين، بدلاً من ذلك فان العقار الموجود في ويمبلي قد استخدم منذ ما يقارب ثلاث سنوات من قبل مسؤول كبير في هيئة الاعلام والاتصالات وعائلته، في حين استخدم مسؤول سابق كبير اخر في هيئة الاعلام والاتصالات هو وعائلته المنزل الثاني، وذكر التقرير اسماء ومنصب المسؤولين، الا ان الصباح الجديد تحفظت عليه لديها.
تفسر عمليات الاستحواذ على العقارات أيضًا علاقة ديشيرت وبنسلفانيا بالرشوة المزعومة. تشير الإيداعات إلى أن Dechert ، الذي يقع مقره الرئيسي في فيلادلفيا ، وقد عمل سابقًا مع كل من سيروان بارزاني وريمون رحمة في المسائل المتعلقة بـ كورك ، مثل السيد يوسف والسيد Sucar في هذه المعاملات واستخدما الرقم المرجعي للعميل نفسه لكل من المبيعات، مما يدل على ان الأشخاص نفسهم كانوا وراء عملية الشراء.
ووفقًا لوثائق المحكمة، فإن استخدام مسؤولين في هيئة الاتصالات والاعلام لهذه الممتلكات يكشف عن فساد ورشا، تمت بموجبه مكافأة المسؤولين في هيئة الاعلام والاتصالات من قبل سيروان بارزاني، لعملية مصادرة الاموال التي استثمرتها كل من أورانج وأجيليتي بالعقارات التي تم شراؤها في لندن، وهو ما يسعى طلب الاكتشاف المقدم من قبل الشركتين إلى تقديم أدلة إضافية لتحقيق هذه الغاية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة