اليمن لمن ؟

د.علي شمخي

 

لم يكتمل مسلسل التغيير في اليمن برحيل علي عبد الله صالح واضفت المبادرة الخليجية التي رعتها المملكة العربية السعودية عام 2011 بعض البرود على الجمر اليمني تحت تراب صنعاء وماحولها ..!! ولربما تتشابه قضية اليمنيين وازمتهم مع ماجرى وحصل في العراق وليبيا مع اختلاف نوعي في بعض المفردات المجتمعية (التهميش والاقصاء لقطاعات واسعة من الشعوب)..ومنذ اعلان الوحدة اليمنية واندماج الشطر الشمالي بالشطر الجنوبي  لم يهنأ اليمنيون بسعادة ولم يستعيدوا (اليمن السعيد) الذي قرأنا عنه كثيراً في كتب التاريخ ولعل من ابرز منغصات ماحل باليمن هو هذا التعجل في ترتيب البيت اليمني الذي اجتهد باداء دور القيادة فيه الرئيس السابق علي عبد الله صالح فاعلان الوحدة مع الجنوبيين عام 1990 لم يخضع ابداً لسياقات واقعية  تأخذ بنظر الاعتبار المتغيرات التي حصلت في العالم وتداعيات الاحداث في المحيط اليمني الاقليمي وتطلع اليمنيين الى واقع جديد يواكب شعوب العالم التي عرفت الطريق الى التعددية وترسيخ مبادي ء الديمقراطية واصر صالح على ركوب مركب العرقية القبلية والطائفية والمذهبية  ورفض اية دعوات لبناء دولة اليمن على متبنيات وطنية وسياسية تأخذ بنظر الاعتبار هذا التنوع في اليمن وهذا الاختلاف بين شطريه الشمالي والجنوبي واغمض عينيه عن تطلعات فئات اخرى من الشعب اليمني توثبت للاعلان عن نفسها ورغبتها بنيل استحقاقها الوطني لصنع حاضر اليمن ومستقبله وفي مقدمة هذه الفئات (الحوثيون)  المتجذرون في ارض اليمن وحضارته ..!! كان صالح مولعاً وشغوفاً بانهاء أي اعتراضات على الوحدة اليمنية مهما كان الثمن تحركه في ذلك نوازع القومية والتشبه برموز الشمولية العربية المتمثله بصدام والقذافي آنذاك ..!! لذا دفع اليمنيون الثمن باهظا لنتاج هذه الوحدة المفروضة فرضاً ..!! وبقي غليان الثوريين الماركسيين في الجنوب يتصاعد كل يوم معلناً رفضه لهذه الوحدة بعد مرور شهور قليلة ..وأسهم غزو العراق للكويت والموقف من هذا الغزو في تجذير الخلاف السياسي اليمني بين علي سالم البيض وعلي عبد الله صالح كما أسهم التحرك السعودي في الخلاف الداخلي اليمني في حصول طلاق الشمال والجنوب ونشوب الحرب بينهما لينتهي بسيطرة صالح  المسلحة عام 1994 على الجنوب واخضاعه بقوة السلاح والعشائر ..!! وبقي اليمن مسرحاً لفرض الهيمنة والسيطرة من قبل سلطة الرئيس مدعوماً بتدخلات اقليمية ودولية  ومع بزوغ الربيع العربي تحرك اليمنيون مجدداً لتذكير العالم بفداحة الشمولية والديكتاتورية التي مارسها صالح لاكثر من ثلاثين عاماً في اليمن واطلقوا حركة تدعو لتنحيه عن السلطة  أسهم الحوثيون الى جانب المعتدلين والليبرالين في اليمن في قيادتها ومواجهة جنرالات صالح ويمكن تسمية هذا الحراك اليمني بثورة المهمشين في اليمن  منذ انبثاق حركة  بدر الدين الحوثي ومن ثم عبد الملك الحوثي وحسين الحوثي وتبلور( حركة انصار الله ) وتحولها الى ثورة مستمرة لانهاء التهميش الذي مارسه صالح تجاه الحوثيين واتهاماته لايران بدعم هذه الحركة ويمكن القول ان النزاع المسلح  بين الحوثيين في صعدة وبين السعودية وفشل النظام السعودي في تحجيم أي دور للحوثيين في مستقبل اليمن وضع اليمن تحت صراع اقليمي دفعت كلاً من ايران والسعودية  في صناعة واخراج الفصل الاخير من تاريخ اليمن الحديث ومهما حاولت السعودية وبعض اطراف النظام المدعومين منها تشويه حركة الحوثيين واتهامهم اتهامات طائفية وبرغم كل الضغوط التي مارستها على الرئيس عبد ربه منصور لتحجيم دور الحوثيين في اليمن  فان الحقيقة ان هؤلاء الذين فرضوا حضورهم في اليمن وقدموا تضحيات جسيمة غيروا المعادلة في هذا البلد واخرسوا كل من يدعي بأن اليمن تعود له او تحت وصايته  وارسوا قاعدة جديدة يريدون من خلالها ان تكون  اليمن ملكاً لكل اليمنيين ..!!

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة