وانا احضر ندوة ترميم وتجديد الأفلام التي أقامها مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثالثة، التي حاضرت فيها السيدة ساندرا شولبرج رئيس مؤسسة « أنجي كولكت» لترميم الاعمال الفنية ، متحدثة عن أهمية حفظ الاعمال الفنية وترميمها، والفارق الكبير الحاصل بين عمليات الترميم الحديثة وبين تلك التي تعتمد تقنية قديمة، من حيث اللون والكوالتي « الصفاء» العالي للفلم ، تذكرت ما أل اليه حال الاعمال الفنية العراقية المختلفة ، سواء كانت السينمائية منها أو التلفزيونية ، واندثار البعض بفعل قدمها وسوء التخزين ، الامر الذي يعني فقدان تاريخ وأرث فني كبير.
قبل فترة قصيرة قام المخرج العراقي قاسم حول بعد تسلمه من مصب مستشار فني في رئاسة الوزراء على نقل الأرشيف السينمائي العراقي من داخل بناية المسرح الوطني، حيث كان مخزونا منذ سينين الى مكان جديد ضمن موقع دائرة السينما والمسرح في ساحـة الاحتفـالات.
السؤال هل يكفي نقل الأرشيف السينمائي من مكان لأخر لحفظه والمحافظة عليه بشكل جيدة، بالتأكيد لا ، فالكثير من الأشرطة الفلمية تحتاج الى ترميم ومعالجة فنية دقيقة وبوسائل تقنية متطورة للحفاظ عليها ، والتمكن من عرضها متى ما دعت الحاجة الى ذلك ، سواء استخدامها كوثيقة لفترة زمنية معينة، او لاسترجاع ذكريات مـاض جميـل.
ذكرت السيدة ساندرا في محاضرتها، ان المؤسسة التي تعمل فيها، هي مؤسسة غير ربحية، تعتمد على الدعم الذي يقدم لها من جهات عدة، ومن تبرعات من يحرص على الحفاظ على الإرث الفني في الولايات المتحدة، وعرضت مجموعة من مقاطع لأفلام تم ترميها صورت في بدايات القرن العشرين، وبدت بعد الترميم وكأنها صورت حديثا.
ترى هل تلتفت الجهات المعنية الى موضوع ترميم وتجديد الاعمال الفنية ، السينمائية منها والتلفزيونية، وهل بالإمكان تخصيص الأموال اللازمة لذلك، واستقدام خبراء وفنيون متخصصون بعمليات ترميم الاعمال الفنية، وهل ثمة من يتبرع للحفاظ على الإرث الفني العراقي، أعتقد ان العملية ليست بالصعبة ولا المستحيلة، خصوصا وان هناك الكثير من الأموال التي تصرف على أمور أقل أهمية من ترميم وتجديد الاعمال الفنية، فأهمية هذه الاعمال انها وثيقة لمراحل الدولة العراقية المختلفة، فالتاريخ لا يكتب على الورق فقط، بل ان الصورة توثق كل المراحل.
ان أي شخص يشاهد فلما عراقيا قديما مثل الحارس أو سعيد أفندي، او بيوت في ذلك الزقاق، لن يشاهد احداث الفلم الدرامية فقط، بل سيشاهد مدينة بغداد او باقي يمدن العراق، الشوارع، أزياء الناس، لتعود به ذاكرته الى الأيام الخوالي، اذا كان الجيل الذي سبق وان شاهد هذه الأفلام، وان كان من الجيل الحالي، فبالتأكيد سيقارن بين الماضي والحاضر وما ألت اليه أوضاع البلاد والعباد.
أذن هي دعوة للحفاظ على الإرث الفني العراقي، مثلما هي الدعوات العديدة للحفاظ على الاثار العراقية واسترداد المسروق منها.
كاظم مرشد السلوم