سوزانا تيرستال*
21 أيلول هو اليوم الدولي للسلام. ونأمل أن نتمكن في يوم من الأيام من الاحتفال باتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن في غضون ذلك، يجب ألا تغيب عن بالنا الحاجة إلى مواصلة السير في ذلك الاتجاه. ويعتقد الاتحاد الأوروبي أن السلام ممكن، ولكن التوجهات الحالية تدفع به بعيداً عنا أكثر من أي وقت مضى. إننا نرى حل الدولتين يجري تفكيكه قطعةً قطعة، يوماً بعد يوم.
دعونا نبدأ ببعض الخلفية. جاء تصنيف الضفة الغربية إلى مناطق (أ) و (ب) و (ج) بموجب اتفاقات أوسلو. وأي تعديل من جانب واحد يُقَوِّض الاتفاق برمته. كان الغرض من اتفاقات أوسلو هو وضع الخطوات اللازمة للتوصل إلى اتفاق بشأن الوضع النهائي عن طريق التفاوض، من شأنه أن ينهي الصراع الذي دام عقوداً وينهي كل المطالبات التاريخية الأُخرى. ولا تُغير تلك الاتفاقات وضع الضفة الغربية بموجب القانون الدولي. وبينما نصت اتفاقات أوسلو عام 1993 على احتفاظ إسرائيل بشكل مؤقت بالسيطرة العسكرية والإدارية على المنطقة (ج)، فإنها أكدت أن إسرائيل لا يمكنها «تطبيق السيادة» على هذه المناطق كما يدعي البعض. وتعتبر جميع المناطق التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 مُحتلة وفقاً للقانون الدولي، والسكان المحليون (الفلسطينيون) هم أشخاص محميون بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.
نحن ندرك تماماً المعاناة والظلم اللذين يتعرض لهما الجانبان نتيجة لهذا الصراع. ولهذا السبب، فإن التوصل إلى اتفاق عن طريق التفاوض -قد يشمل مبادلة الأراضي المتفق عليها -له أهمية كبيرة لضمان عملية مصالحة وتعافٍ تصاحب السلام المستدام. لقد جلبت «أوسلو» فكرة أن الأرض التي يعيش فيها الإسرائيليون والفلسطينيون يمكن تقاسمها. إن تفكيك «أوسلو» من شأنه أن يعيد الجميع إلى نقاش أكثر راديكالية وخطورة حول من يحق له الحصول على كامل الأرض أكثر من الآخر. وسيغدو السلام أبعدَ عنا بكثير.
واسمحوا لي أن أتوسع في الشرح عن المنطقة (ج)، حيث أشعر أن هناك حاجة إلى توضيح موقف الاتحاد الأوروبي. تضم المنطقة (ج) أكثر من 60 في المائة من الضفة الغربية، وهي قلب الدولة الفلسطينية القابلة للحياة. في الوقت الراهن، يتم السماح بالتنمية الفلسطينية في 1% فقط من المنطقة (ج) للتنمية الفلسطينية، كما تم تقديم 102 مخطط هيكلي للتنمية الفلسطينية إلى السلطات الإسرائيلية للموافقة عليها، ولكن تمت الموافقة على 5 خطط فقط رسمياً، تغطي 6 تجمعات محلية.
وتتآكل صلاحية حل الدولتين من خلال عمليات الهدم والمصادرة والتشريد، بينما يجري في الوقت نفسه بناء المستوطنات غير القانونية وإضفاء الطابع النظامي عليها. وعلى الرغم من إعلان الحكومة الإسرائيلية الشهر الماضي عن 715 تصريحاً للمباني الفلسطينية، فإن جميع المخططات الهيكلية الأخرى وتصاريح البناء الأخرى المقدمة لم تتم الموافقة عليها. وقد طالبنا إسرائيل بتمكين البناء الفلسطيني المتسارع، فضلاً عن التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة (ج) لتلبية احتياجات السكان.
جميع أنشطة الاتحاد الأوروبي في المنطقة (ج) معروفة للسلطات الإسرائيلية وتتماشى تماماً مع القانون الإنساني الدولي. ومن واجب إسرائيل أن توافق على خطط الإغاثة الدولية وأن تتيح إمكانية وصول المساعدات الإنسانية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي إلى جانب العديد من المانحين الآخرين دون عوائق. ونحن نصر على دعم التنمية الفلسطينية وفقاً للمخططات الهيكلية التي قدمت، وأبدينا استعداداً للتنسيق مع السلطات الإسرائيلية للمضي قدماً في ذلك. وسيستمر تطبيق القانون الدولي المتعلق بالاحتلال والصراع إلى أن يضع قرار عن طريق التفاوض حداً للصراع.
نحن ندرك أن إسرائيل تزيل في بعض الأحيان بؤراً استيطانية غير قانونية. غير أن هذا لا يوازي بين عمليات الهدم المنهجية وعدم توفير الاحتياجات الإنسانية والإنمائية الفلسطينية في نفس المناطق. في عام 2019 فقط، تم هدم أو الاستيلاء على أكثر من 300 مبنى مملوك للفلسطينيين، وشُرد مئات الأشخاص (بمن فيهم الأطفال). وتبقى المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي بغض النظر عن مكانتها بموجب القانون الإسرائيلي. والاقتراحات القائلة بأن إسرائيل يمكن أن تضم من جانب واحد أي جزء من هذه المنطقة دون أن تهدد أيضاً مكانتها الدولية وتتخلى عن الأمل في حل الصراع الإسرائيلي -الفلسطيني هي اقتراحات خاطئة.
لا يوجد بديل قابل للتطبيق عن حل الدولتين الذي يضمن بقاء إسرائيل دولة آمنة ذات أغلبية يهودية وديمقراطية. لا يوجد حل لدولتين بدون دولة فلسطينية، على أساس حدود عام 1967، والعيش جنباً إلى جنب في سلام وأمن واعتراف متبادل مع إسرائيل. وهذه العناصر الثلاثة -السلام والأمن والاعتراف المتبادل -ليست مجرد كلمات. والاتحاد الأوروبي ملتزم التزاماً كاملاً بأمن إسرائيل وسيؤيد دائماً حقها في الوجود ضد من ينكرونه. والاعتراف المتبادل عامل هام في بناء الثقة والأمل والسلام المستدام. ويمكن عكس مسار سنوات الكراهية والتعصب من خلال التعليم وفهم وتقدير منظور الآخر وشرعيته. إن الاتحاد الأوروبي لا «ينحاز» في النزاع، ونحن لا نزال على استعداد لدعم كلا الجانبين للعودة إلى عملية سلام حقيقية نحو حل الدولتين عن طريق التفاوض. وهذا أمر مهم لمستقبل إسرائيل وكذلك للفلسطينيين. ولا يمكننا أن نفرض حلاً على الأطراف لأن ذلك لن يكون ديمقراطياً أو مستداماً. ولكن لا تخطئوا: فالحل التفاوضي وحده هو الذي يمكن أن يحقق سلاماً دائماً. الاحتلال الدائم أو الخطوات الأحادية الجانب لن تؤدي إلا إلى دفع الاستقرار والسلام بعيداً.
من الجدير بالذكر أن نقطتنا المرجعية في القانون الدولي لا تقتصر على الصراع الإسرائيلي -الفلسطيني، وأن القانون الدولي ليس قائمة يختار منها المرء وينتقي وفقاً لمصالحه. إن القانون الدولي مهم لاستقرار العالم. وهذا ليس موقفاً مبدئياً فحسب، بل هو أيضاً موقف سياسي حقيقي لضمان عدم نشوء صراعات جديدة، وعدم تجاوز القوى الأقوى القوى الأضعف، وعدم تكرار التاريخ نفسه. ونعلم جميعاً كيف يمكن أن يتحول ذلك، وينبغي لنا جميعاً أن نطمح إلى عالم لا تساوي فيه كلمة «القوة» «الحق. إن القانون الدولي يحمينا جميعاً.
ونحن لا نقلل من شأن التحديات التي تواجه السلام، والتحول الأساسي الذي ينبغي أن يحدث في العقليات، والعقبات التي تضعها في الطريق مجموعات هدفها أن ترى السلام يفشل. إن القانون الدولي هو دليلنا للسلام لأنه يعوق القوى التي تسعى إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط ويوفر خارطة طريق للعلاقات الطيبة والاعتراف المتبادل. الاتحاد الأوروبي شريك للإسرائيليين والفلسطينيين على هذا الطريق.
- ممثلة الاتحاد الأوروبي الخاصة بعملية السلام في الشرق الأوسط.
جريدة الايم الفلسطينية