حذام يوسف طاهر
يلجأ العديد من النقاد، عند الكتابة عن المنجز الادبي العراقي، الى مصطلح (أدب المنفى) او ( ادباء المنفى)، في محاولة منهم لتمييزهم عن أدباء الداخل، ويبدون ان هذا المصطلح لم يقتصر على الادب العراقي فحسب، بل شمل ادباء سوريا ولبنان، واغلب الدول العربية التي مرت بظروف سياسية واقتصادية، ومناخ يشبه ظروف العراق الثقافية، مؤخراً صار هناك تمييز في مجالات الثقافة والفنون (سينما – مسرح – تشكيل)، وقد تكون لهم (للنقاد) اسبابهم في هذا التمييز، لتسهيل مهمة الكتابة والنقد، ولكن هذه الطريقة بالكتابة تستفز الادباء ( ادباء الداخل والخارج)، وتستفزني انا شخصياً لتقديري واحترامي العالي للأدب بكل اشكاله والوانه وهوياته، لأنه لغة عالمية ولا يمكن ان نحصرها بحدود وتوصيفات، تؤثر سلباً على إحساس الاديب بغض النظر عن جنسيته.
يعاني المثقف العراقي عموماً من هذه التسميات التي خلقت حاجزاً بين مثقفي الداخل والخارج، بل وصلت ببعض الأشخاص ان يحظر على مثقفي الخارج ان يتحدث عن مشكلات العراق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واي ازمة يمر بها العراقي، فقط لأنه في الخارج! برغم انه غادر العراق مجبراً لا مخيراً بسبب الظروف التي مر بها العراق وكلنا ندرك ما تركته من جروح عميقة داخل الروح العراقية، إضافة الى انهم هاجروا خارج العراق منفيين، وبحثاً عن مستقبل لأولادهم، لكنهم واصلوا حرصهم ونضالهم من اجل وطنهم بالكتابة، والرسائل التـي وجهوهـا الى الأمم المتحـدة ونقل معانـاة ملايــين من العراقييــن، حتــى ان البعض يحسب عليهم انهم برغم مغادرتهــم العــراق لعقود، لكنهم لم يكتبوا عن الاديــب في المنفى ومعاناته، وكيف اثرت الغربــة على نفسيته وقلمه، وواصلوا الكتابة عن معاناة الداخل، بل ان عددا منهم كان يتصور (مخطئاً) او متفائلا ! ان الغربة لن تطول بهم وسيعودون لأوطانهم قريباً، وفي غفلة من الزمن والحياة عبروا عقودهم وهم ينتظرون في محطات خيالهم، مؤملين النفس حازمين الحقائب بالعودة ولو بعد حين، الى وطن صار ضبابيا عند الشباب منهم الذين نضجوا وكبروا في بلاد الغربة، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر!