مع استمرار السعي لهيمنة الاحزاب الاسلامية على القضاء
بغداد – الصباح الجديد:
حذر خبراء في الشأن الدستوري، امس الاربعاء، من تحايل كتل سياسية على المكونات غير المسلمة (الاقليات) بمنح ممثليها مقاعد فقهاء القانون في المحكمة الاتحادية العليا، لافتين إلى أن المشروع المعروض حالياً امام مجلس النواب لا يمنحهم حق التصويت، مشددين على أن الغلبة ستكون لرجال الدين في اصدار القرارات والاحكام.
وقال الخبير محمد الشريف، إن “الكتل السياسية الراغبة في الهيمنة على القضاء العراقي طرحت مقترحاً مثيراً للجدل، لما اعتبرته محاولة للوصول إلى صيغة نهائية لقانون المحكمة الاتحادية العليا”.
واضاف الشريف، أن “المقترح يتضمن منح ممثلي المسيحيين والصابئة المندائيين مقاعد فقهاء القانون في المحكمة الاتحادية العليا بحجة ارضائهم بعد شعور هذه المكونات بالإقصاء”.
وأشار، إلى أن “هذا المقترح خطير للغاية، ويشكل تحايلاً على المكونات غير المسلمة”، موضحاً أن “دور فقهاء القانون وفقاً لمحضر جلسة مجلس النواب المؤرخة (30/ 6/ 2019)، سيكون استشارياً وليس لهم حق التصويت، بخلاف فقهاء الشريعة الاسلامية الذين سوف يتم تفضيلهم على القضاة”.
وبين الشريف، أن «دور خبراء القانون سيكون أضافة إلى أنه استشاري، فأنه محصور في القضايا التي تتعلق بمبادئ حقوق الانسان والديمقراطية، كما أن عددهم اثنان فقط في مقابل اربعة اعضاء من رجال الدين».
وأستطرد، أن «الغلبة ستكون لفقهاء الشريعة الاسلامية وهم من رجال الدين المرشحين من الوقفين السني والشيعي، الذين لهم حق التصويت في المحكمة، وأن اي حكم لا يصدر الا بموافقة ثلاثة ارباعهم اذا كان يتعلق بالشريعة الاسلامية».
وأكد الشريف، أن «ذلك التوجه يعكس تكريساً للإقصاء الديني، والعرقي الذي أوجده مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا».
ويرى، أن «حسم الجدل بهذا الشأن هو التطبيق السليم للمادة (92) بفقرتيها من الدستور، وهو الابقاء على الهيئة بطبيعتها القضائية أي من القضاة حصراً».
وشدد الشريف، على «احترام خصوصية استقلال المحكمة الاتحادية العليا وعدم التدخل في مهامها، وجعل الخبراء والفقهاء ضمن دائرة مستشارين يقدمون تقارير فنية غير ملزمة للقضاة، ومن جميع شرائح المجتمع العراقي، طبقاً لما تسري عليه الاعراف القضائية».
وأورد، أن «القانون الذي تعمل به المحكمة في الوقت الحالي يتفق مع الدستور ويلبي متطلبات المرحلة الحالية، لكن حجة الكتل السياسية بضرورة وجود قانون جديد تأتي للهيمنة على القضاء».
ومضى الشريف، إلى «استمرار سعي هذه الكتل للتكفل بترشيح جميع اعضاء المحكمة الاتحادية العليا سواء من القضاة أو خبراء الشريعة الاسلامية (رجال الدين) أو فقهاء القانون ليكون الجميع تابع للأحزاب السياسية، كما هو حال الهيئات المستقلة».انتهى إلى السيرة الذاتية لشخص المرشح، انما جاء تقديم اسمه لمجرد كونه يشغل المنصب وكالة».
من جانبه، ذكر الخبير الاخر ياسر الخفاجي أن «الكتل ما زالت مستمرة في مساعيها للهيمنة على القضاء من خلال قانون المحكمة الاتحادية العليا».
واضاف الخفاجي، أن «تصاعد حدة الرفض من مختلف شرائح المجتمع العراقي يعكس خطورة هذا القانون بالتزامن مع اصرار الكتل للقفز على ارادة المواطن العراقي».
وشدد على أن «حسم الجدل الحاصل يكون بإعادة المشروع إلى المحكمة الاتحادية العليا مرة اخرى بغية صياغته بما يتفق مع الدستور ويحفظ هيبة واستقلال القضاء في العراق».
يشار إلى أن مجلس النواب كان قد انهى القراءتين الاولى والثانية لمشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا وسط رفض وامتعاض ازاء المسودة المعروضة.