الملحن محمد هادي:
حاوره سمير خليل
محمد هادي، ملحن متجدد، عاصر وتتلمذ على ايدي عمالقة اللحن العراقي وتأثر بهم، متعدد المهام والاشتغالات الموسيقية، فهو تدريسي في معهد الفنون الجميلة، وعضو المجلس المركزي لنقابة الفنانين العراقيين، ومسؤول الموسيقى فيها، وله تجارب في اعداد وتقديم البرامج التلفزيونية، إضافة لاهتماماته بالأوبريت.
له تجارب عديدة بالتلحين واعداد الموسيقى الخاصة بالمسرحيات العراقية. محمد هادي اليوم يقف جانبا على تلة عالية ليراقب المشهد الغنائي العراقي الذي يشغله كما يشغل الكثير من مبدعي الاغنية العراقية.
تحدث محمد هادي عن اسباب تذبذب وانحسار الاغنية العراقية اليوم، فقال “حتى لا نجحف حق الآخر، فلا يوجد تذبذب في الاغنية العراقية، ولكن بسبب ظروف البلد الصعبة، وغياب الرقابة، هناك فوضى تفتح الطريق لمن هب ودب بالدخول لعالم الاغنية، ويمكن لأي مطرب تسجيل الاغاني بسهولة، هذا إضافة الى جهات الاحتكار وهي اشبه بجهات الإنتاج، تفرض شروطها التي تجبر المطرب بتسجيل الاغنية نزولا عند رغبة المنتج، او المحتكر.
وتابع: هذا من جهة اخرى فمثل ما كان في السابق هناك اغنية ضعيفة ومطرب ضعيف، بالمقابل هناك اغنية قوية ومطرب قوي، الآن مثلما الحال في السابق لكن التركيز منصب على الرديء، الاعلام يروج للسيء في حين كان في السابق يؤشر بإيجابية، وتبرير تقديم مثل تلك الاغاني على انها حديث الواقع”.
- اين يقف محمد هادي في ساحة النغم العراقي؟
-أنا توقفت كثيرا لأنني وقفت على تلة بعيدة لأشاهد الموقف بقصد، لأني لا أستطيع ان اتزاحم مع الشباب، ولان اغلب المطربين الموجودين اليوم في ساحة الغناء من طلابي، لذلك أخشى ان اخطو خطوة، واعد لحنا لمطرب منهم ويرفضه، لذلك انا في غنى عن هذه الاشكالية فأتجنبها “. - الاغنية العراقية ابنة منطقتها في اي منطقة تزدهر هذه الاغنية؟
-أعمدة الاغنية العراقية ثلاثة، الريفية والمقام والبادية، الآن الكل يتأثر بالآخر، اينما يكون الجمهور القوي تذهب اليه الاغنية القوية، لا توجد ثوابت بدليل ان الاغنية الريفية بدأت تغنى على أنغام الربابة وليس الكمان، ابن البادية بدأ يغني على أنغام الاورغ، مطرب المقام مثلا يركز على البهيرزاوي وترافقه ايقاعات الخشابة، كل ذلك بالتالي يؤدي الى تخفيف الاغنية “. - كيف تنظر لأغنية التسعينيات وما تلاها؟ هل تعدها ظاهرة؟
-انا ضد تصنيف الاغنية على أساس الفترات، لا يمكن ان تنسب الحياة لفترة محددة، الكثير يعتقد ان اغنية السبعينيات تمثل العصر الذهبي للأغنية العراقية، وانا أجد ان هذا غير صحيح، لان اغنيات كثيرة سبقت هذه الفترة أجمل من اغاني السبعينيات، الآن المطرب احمد نعمة اعاد اغنية (تحاسبني على الايام)، وهي من أجمل الحان المبدع الراحل عباس جميل في الستينيات، وكأنها اغنية اليوم، وكذلك هناك اغان شبابية جميلة، لذلك ليست كل اغاني التسعينيات جميلة ومطربو تلك الفترة موجودون الآن، لكنهم انضموا الى الموجة الجديدة”. - هل يمكن ان نشهد ولادة فنان عراقي على غرار الغزالي او الساهر والآخرين الكبار؟
- الجمهور العربي الان يتابع المطربين الشباب، ومن الظواهر الموجودة مثلا ان مطربا شابا مثل سيف نبيل يغني في مهرجان قرطاج بتونس، وبالتالي يحصل على جمهور أكبر مما يحصل عليه بعض المطربين الكبار، اسماء كثيرة دخلت ساحة الغناء العربي، برأيي طالما لكل زمان دولة ورجال، فأستطيع ان أقول: الآن هؤلاء فرسان الاغنية في الوقت الحاضر”.
- اعداد وتقديم الاغاني والمشاركة في لجان تلفزيونية خاصة بالغناء، ماذا اضافت لك وماذا اخذت منك؟
-انا مؤمن ان الدكتور بإمكانه تقديم برنامج طبي لكونه اكثر دراية بالطب، وكذلك التشكيلي الذي يتحدث عن لوحة هو اكثر دراية من غيره، وانا عندما قدمت برامج تلفزيونية، فانا اكثر دراية بالغناء واللحن، برغم ان العمل في التلفزيون اخذ مني الكثير، لكنني كنت محتاجا للتذكير بانني ما زلت موجودا، ومادام اتواجد على شاشة التلفاز فانا موجود. الهدف هنا ليس تقديم البرامج وانا لا انافس المذيع ومقدم البرامج ولكن لإثبات الوجود”.
ويضيف: عملي في اللجان التلفازية جاء كرد فعل نتيجة حرماني من عدم الحصول على الفرص، ثم انني اسهمت في ملء الساحة بالحس الغنائي من خلال التلفاز، برغم اننا كنا نعمل في ظروف خطرة وصعبة في تلك الفترة، مثل ما واجهنا خلال عملنا في برنامج المواهب (عراق ستار) مما اضطرنا الذهاب لبيروت وتقديم أربع دورات من هناك، ولي برنامج يقدم من قناة العراقية بعنوان (سماعي)”. - أقرب المطربين لألحان محمد هادي؟
-حقيقة انا لحنت الكثير ابتداء من المطرب الكبير ياس خضر الذي لحنت له أربع أغان هي (المن نغني بعد)، و(وين الكه اللي يبيع عيونه الي)، و(هنياله)، و(ليش الدنيا)، واغلب الكلمات للشاعر عدنان هادي، ولحميد منصور اغنية (لا تترجاني)، و(اصبر الروح) كلمات الشاعر محمد المحاويلي، وغنى لي محمود انور من كلمات الشاعر عدنان هادي (الحلوة مرت)، و(المن اسولف ضيم كلبي)، إضافة الى المطربين الشباب عبد فلك، واحمد الصياد، وصلاح البحر، وماجد الحميد.
وتابع: لدي تجربة جميلة في تلحين الاوبريت حيث قدمنا اوبريت (المصالحة) والذي صاغ كلماته الشاعر صباح الهلالي واخرجه الفنان غانم حميد بمشاركة المطرب الريفي المعروف سلمان المنكوب، وعدد كبير من الفنانين الرواد والشباب، والهدف منه ان الجميع ينشد للعراق من اجل دحر الطائفية المقيتة، وحاليا احضر لأغنية جديدة للمطربة رحمة رياض احمد بعنوان (تخاربنا)”. - بمن تأثرت من الملحنين؟
-نحن بدأنا بفترة تأثرت بفناني الاغنية الراقية طالب القره غولي، ومحمد جواد اموري، ومحمد عبد المحسن، وكمال السيد. جئنا ووجدنا هؤلاء اسياد اللحن العراقي، والى يومنا هذا هم اسياد الاغنية العراقية والمبدأ يقول: زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون، بدأنا الان نشرف على مجموعة من الفنانين المطربين من اجل النهوض بالأغنية العراقية”.