يوسف عبود جويعد
أن إطلاق صفة القصيدة الشبابية، حالة طبيعية لما تحمل من صفات وسمات حيوية وطموح وطبيعة وحياة الشاب(الشاعر)، كون هذه المرحلة العمرية تمتلك ما يؤهلها أن تكون مميزة ومختلفة في تكوينها وتشكيلها وبناءها ووحدة موضوعها وثيماتها حتى يصل الأمر الى اختيار المفردات الشعرية التي تنسجم وطبيعة تلك الحياة التي تعد من أجمل ما يمر بالإنسان خلال مراحل حياته، وقد أثبتت الدراسات النقدية التي تتابع حركة الشعر، إن هناك إسقاطات كبير وبصمة واضحة داخل بنية القصيدة تشير الى عمر الشاعر، وما يحتوي من خلجات وتداعيات وافكار ورؤى تؤكد ذلك، وأن القصيدة انعكاس كبير لتجارب الشاعر، وإذا نتعمق أكثر في هذا المجال، فأن الشاعر الذي أمضى عقود كثيرة في كتابته للشعر، سوف نجد أن القصائد الشعرية التي نسجها في مرحلة الشباب تختلف اختلاف كبير عن القصائد التي كتبت في مراحل الكبر وحتى الشيخوخة، لأنها نابضة بحب الحياة ، متطلعة لغد أفضل، مترعة حد التخمة بالوله والعشق، وخلال دراستي النقدية لمجموعة الشاعر محمد حسين ال ياسين (أسرار الحب) والتي كتبت في مرحلة الشباب نجد:
بين ثناياها , الصبا , الشباب , الحب , الحياة , العلاقة الأزلية الخالدة التي زرعها الخالق عاطفة بين المرأة والرجل , ولوجنا في عالم هذه المجموعة الشعرية , هو أشبه بأننا نحط رحالنا بعد شقاء وتعب وعناء , في واحة خضراء معشوشبة , حوت كل أنواع الثمار , حيث ألوانها المختلفة , ومذاقها المختلف , وكيانها القائم بحد ذاته , تحيطها الزهور الملونة الزاهية , وتتطاير فوقها الفراشات بكل حيوية ونشاط , وتحط على أغصانها الطيور تغرد بأعذب الألحان ,وتضيئها شمس الصباح , وتداعب أغصانها نسائم ندية , تمنح الروح نشوتها فتهفو إلى هذا العالم , حيث نكتشف أن اغلب تلك القصائد صيغت ونسجت ونظمت والشاعر د. محمد حسين آل ياسين , في عنفوان الشباب , وفي هذه المرحلة العمرية يكون لواحة الشعر مذاق يستمد رحيقه من عمق هذا العنفوان وتجاربه الفتية.
وننتقل للقصيدة الشبابية العصرية فنجد هذا الاختلاف الواضح في التناول والتكوين والتشكيل الشعري، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قصائد الشاعر عمر السراي، التي تعد انموذجا للقصيدة الشبابية لاختلافها الكبير في الشكل والمضمون والبناء والثيمات عن القصائد التي كتبت في مراحل عمرية اخرى، والشعراء الشباب كثر وتجاربهم في هذا المجال كثيرة ولا يمكن حصرها في هذا البحث، لكننا نؤكد وبشكل لا يقبل الشك أن للشباب مسارا خاصا يجعل القصيدة مميزة وتنتمي لعنفوان الشباب.