كيف يمكن ان يكون الشاعر شابا في كتابته للنص؟ في كل مرحلة هناك عدد من الشعراء الشباب؟ وهؤلاء سيكبرون بعد عقد أو عقدين من الزمن وسيصبحون كهولا، هل ستبقى قصائدهم شابة؟ وهل يمكن للشاعر الشاب أن يعبِّر عن قضايا خاصة به ومن بعمره من الشعراء في قصائدهم أم أن الشاعر الشاب يمكن أن يكون كهلاً في اشتغالاته، ويمكن للشاعر الكهل أن يكون شابًا في قصائده؟ هل يمكن لنا أن نقول ان الشبابية قد تكون معيارًا للحداثة والتجديد، نترك الإجابة لعدد من الادباء من الجنسين ونطرح الموضوع على طاولة الصباح الجديد.
ريسان الخزعلي .. شاعر وناقد
القصيدة الشبابية ..مصطلح غير نقدي
*.. الشباب، توصيف لمرحلة عمرية يحكمها الزمن، حيث السنوات التي عليها الانسان في لحظة التوصيف، ومن الطبيعي انها مرحلة مهمة في الحياة تؤشر الحيوية والاندفاع والتطلّع واكتساب المهارات العملية والثقافية، وفيها يبدأ تشكّل المواهب التي لابدَّ لها أن تتجوهر بالثقافة والتجربة تدريجيّاً. وبمناسبة الحديث عن الشاعر الشاب والقصيدة الشبابية، هنالك شعراء في بداية ومتوسط شبابهم كتبوا شعرأ مهماً، والامثلة عديدة سواء كان ذلك في الشعر العراقي أو العربي والعالمي، ومع مرور عقود زمنية وحتى يومنا هذا مازال شعرهم حيّاً، ولم يعُد توصيف الشباب لصيقاً بما كتبوا، وانما الشعر هو مَن اكتسب قوّة وحيوية الاستمرار، اذن الشباب مرحلة عمرية ليست بالضرورة ان تكون ابداعية، ولا يوجد مايمنع من ان تكون ابداعية حين تتوفر الاشتراطات التي أشرنا اليها. وحين نتمسك بالمحدد العمْري، نعم يوجد شعراء شباب مبدعون في لحظة قياسنا الزمنية. أما توصيف القصيدة بالقصيدة الشبابية فهو توصيف غير نقدي، حيث لابدّ من وجود محددات مسبقة لهذه القصيدة كما هو الحال مع القصيدة الرمزية والسريالية والواقعية ..الخ . وهذا مالا يتوفر في أي منهج نقدي، أما ان نصف القصيدة التي يكتبها الشاعر الشاب بأنها قصيدة شبابية، فما هو الا إحالة زمنية لا غير مرتبطة بعمر الشباب وليست بالضرورة ان تكون مرتبطة بالإبداع. وحين تكون قصيدة الشاعر الشاب متوافرة على طراوة لغوية وموضوعات من المواجهة الحياتية وتشكيلات صورية مخيالية وفنتازية، فإن شعراء كهولاً وشيوخاً يكتبون شعرا على هذه الشاكلة ايضاً.
علياء المالكي.. شاعرة
لا يمكن ان نطلق على هذه الفئة بالشبابية فبعض الاقلام تنطلق بعد الخمسين!
لا يوجد مصطلح ادبي يعرف بالقصيدة الشبابية، انما سمعنا مؤخرا بهذا التعبير الذي يقصد به القصيدة التي يكتبها الشباب! وانا طبعا ضد تصنيف القصيدة حسب الفئة العمرية عدا قصائد الاطفال لأنها تولد في مراحل قبل نضج النص اما مرحلة الشباب فما يطرح للساحة متمثلا بقصيدة يفترض ان يكون مكتملا لشروط النص الصالح لوصفه شعرا لذا فهذا النص المتكامل قد يكون أفضل من نصوص كثيرة لفئات عمرية أكبر لكنها اقل في المستوى. اما إذا أردنا بالتصنيف انها اقلام واعدة كونها بدأت حديثا من هنا لا يمكننا ايضا ان نطلق على هذه الفئة بالشبابية لان هناك اقلاما واعدة تنطلق بعد سن الخمسين! وعليه فان هذا المصطلح مرفوض والا ستتناسل هنالك ايضا تصنيفات اخرى مثل قصائد الناضجين وقصائد العجائز ونصوص كبار السن والقصيدة النسائية والرجالية وقصائد المطلقات! كما ان مرحلة الشباب لم يتفق عليها تبدأ وتنتهي الى اي سن؟ ربما سبب ذلك نشأ من تصنيف فئات المسابقات الثقافية حتى انسحب الى نشوء القصيدة الشبابية والتي تجعلني اشعر وكأنها تضج بالحياة وترتدي ال تي شيرت، انما في الحقيقة قد تكون هذه القصيدة سوداوية بشعر أبيض.
زهير بردى..شاعر
السن العمري لا يمكن ان يكون منطلقا لحصر ظاهرة إبداعية
الحديث عن قصيدة الشباب او القصيدة الشبابية، هو في البحث عن الاشتغالات والاشكالات التي تثيرها التسمية، هل هي ظاهرة هل هي مفهوم لمرحلة زمنية، هل هي مفهوم او شكل ابداعي متفرد، ام مصطلح تصنيفي عمري زمني، ام ظاهرة في فضاء ابداعي شامل، يطمح الى التغير على وفق اسس مبتكرة في فضاء الحريات الاجناسية والشكلية التي تطلق في فضاء المشهد الشعري بعيدا عن الضبابية والمفاهيم الاصطلاحية البعيدة عن الابداع، بوصفه ابتكارا ابداعيا، وليس خيار مرحلة او تجمع شعري، فالسن العمري لا يمكن ان يكون منطلقا لحصر ظاهرة إبداعية، وقصيدة الشبابية وما تثيره التسمية من اشكالات حول مجموعة من الأسئلة، هل هي ظاهرة ام تجن على ما اسسته الشعرية وحركة الحداثة من التحولات الشكلية والبنيات، وهنا سؤال اثيره هل يمكن ان نفصّل النصوص على قياس عمري زمني؟ ام هي الحركة الشعرية ومتغيراتها التي تعكسها الظواهر الاشتغالية في الحركة الفاعلة من مشروع الحداثة العراقية؟
اذن قصيدة الشباب اجراء شعري تمثل فضاء من الفضاءات الفاعلة التي تتمظهر في معطيات واشتغالات وإجراءات الشعرية العراقية، اذن حساسية التسمية تأتي مثيرة لا يمكن لها سوى ان تتشكل، واقصد قصيدة الشباب ليس اتكاء على مرجعيات لكن ان تثير المغامرة في تمردها في فوضاها في الابتكار والانزياح ضمن الحركة الحداثية في خطابها.
سلامة الصالحي..شاعرة
الشاعر كائن ناضج يختبئ احيانا بجسد وعمر صغير
لا توجد قصيدة شبابية او (قصيدة شيخوخية)، الشعر ولادة…وعندما ينضج الشاعر بداخل الروح، يلد القصيدة…للشعراء سن واحدة لا يشيخون فيها ولا يصغرون …انما تبقى التجربة الحياتية وتراكمات الفعل الانساني والثقافي والمخزون من اللغة وعمقها والقراءات…قادرة ان تصقل المسار الشعري للقصيدة والشاعر، وقد تتطور بمرور الزمن لغة الشاعر او تنحاز للون معين…ولا ينكر ان شعراء كبارا اثروا ميراث الانسانية كانوا بأعمار يافعة مثل رامبو ويسنين وابو القاسم الشابي، اذن الشاعر كائن ناضج يختبئ احيانا بجسد وعمر صغير.
ركن الدين يونس..شاعر
البياتي بدأ مغادرته الاولى في سن الأربعين
لا يمكن تصنيف الشعر وتقسيمه إلى شعر شباب وشعر كبار، بالنص الشعري هو المستهدف في التلقي وليس منتجه. وكما قرأنا وعرفنا من قبل فإن أغلب من كتب الشعر بدأ مغادرته الاولى في سن المراهقة وحاول أن يقف عند لحظة مغادرته الاولى في الأعوام اللاحقة، كما أن الشاعر رامبو كتب كل أعماله قبل سن ١٩ ..في حين البياتي بدأ مغادرته الاولى في سن الأربعين…تلك المعطيات تظهر لنا عدم مصداقية تلك التسمية.
جاسم العلي..شاعر
العين اللاقطة والروح لا تحتاج شاعر شاب او قصيدة شبابية
ليس هنالك شاعر شاب ..كما أنه ليس هنالك قصيدة شبابية
هنالك رؤى وأفكار كما هنالك ادوات ولغة ويوميات وتجربة حياة من هذا نستطيع ان نشكل توليفة القصيدة اذ كلما فكرنا بالتعبير عن شيء بعينه فإننا سننتهي الى مسألة الشكل والمضمون، وإذا لم نفكر في التعبير بعينه فإننا لن نتوصل الى شيء على الاطلاق، ولهذا نتقبل هذه التسميات باحترام، ونبحث عن المزيد، نبحث عن الشعر، نبحث عن الحياة، والحياة مكونة _وانا واثق من ذلك من الشعر.
الشعر ليس شيئاً غريباً: انه يترصد عند المنعطفات وفي الطرقات والحياة ويمكن ان يبرز أمامنا في أي لحظة بكل جمالياته وتجلياته الانسانية والمعرفية، فالعين اللاقطة والروح التي تسري في الاشياء لا تحتاج شاعرا شابا او قصيدة شبابية بل تحتاج الى من يحولها الى جمال والى متعة فكرية تتجلى بها كل المعاني النبيلة.
شذى اسعد..شاعرة
الشاعر كائن مختلف، لا يشبه السنين بوجهها الظاهر
لا اعتقد ان هناك شاعرا شابا، او قصيدة شبابية، فالشعر حالة وجدانية، ومعرفية، لا تنتمي لعمر ما، او زمن ما،
والشاعر كائن مختلف، لا يشبه السنين بوجهها الظاهر، ولا تشببه الأزمنة بسلالمها الحاضرة، فللشاعر ولادات عديدة، وميتات مختلفة، فكل نص وكل قصيدة، تخرج من مخاض عسير، لولادة جديدة، تشبه كثيرا عمره الحقيقي.