متابعة الصباح الجديد:
إثر الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها الناقلات أصبح مالكو ناقلات النفط يواجهون تكاليف تأمين متزايدة لتحميل البضائع من أكبر منطقة مصدرة للنفط الخام في العالم.
ووفقا لأشخاص على دراية بالسوق، فقد ارتفعت أقساط مخاطر الحرب التي يدفعها المالكون في كل مرة يذهبون فيها إلى الخليج العربي إلى حدود 185 ألف دولار على الأقل للناقلات العملاقة.
وقال الكاتبان أليكس لونغلي وشيلا توبين في تقريرهما بموقع بلومبيرغ الأميركي إن أقساط المخاطر شهدت زيادة بنحو 50 ألف دولار بعد الهجمات الأخيرة التي وقعت منذ شهر.
وأوقف مالكو السفن والشركات المستأجرة جميع الحجوزات في أعقاب الهجمات التي استهدفت ناقلتي نفط الخميس الماضي في مياه خليج عمان.
كما أعادوا تقييم المخاطر التي تتعلق بشحن براميل النفط من الشرق الأوسط على إثر الهجمات التي استهدفت ناقلتين إضافيتين بعد شهر واحد فقط من الحوادث السابقة، مما أدى إلى زيادة تكاليف التأمين في الخليج العربي.
وقد وجهت الولايات المتحدة أصابع الاتهام نحو إيران فيما يتعلق بالهجمات التي وقعت خارج مضيق هرمز الذي يمثل ممرا مهما لصادرات النفط الخام، لكن إيران نفت على الفور تورطها.
تهديدات
وبغض النظر عن ذلك فقد استهدفت ستة صهاريج تنقل مجموعة متنوعة من الشحنات البترولية في غضون 32 يوما فقط، وهو ما يكشف حدة التهديدات التي تواجهها السفن التجارية التي لم تشهدها المنطقة منذ عقود، يقول التقرير.
ونقل التقرير عن رئيس رابطة ناقلات النفط «إنترتانكو» باولو دوميكو قوله إن «علينا أن نتذكر أن نحو 30% من النفط الخام في العالم يمر عبر هذا المضيق، وفي حال أصبحت المياه غير آمنة فإن الإمدادات الموجهة إلى العالم الغربي بأسره ستكون في خطر».
منطقة خطيرة
وصنفت لجنة الحرب المشتركة – وهي مجموعة تقدم المشورة لشركات التأمين- الخليج العربي بأكمله والمياه الواقعة خارجه مباشرة منطقة خطيرة بعد الحوادث التي جدت قبل شهر.
ويفتح هذا التصنيف أمام شركات التأمين مجالا للمطالبة بالمزيد من الأموال، على وفق التقرير ذاته.
وبحسب العديد من التجار، فقد رفض مالكو السفن إرسال سفنهم إلى المنطقة، ناهيك عن قلة الشحنات، كما يذكر تقرير بلومبيرغ.
واستنادا إلى أحد المطلعين على الأمر، ستزيد (أو يحتمل ذلك) شركات التأمين مثل «دي إن كي» و»هيلينك وار ريسكس كليب» أسعار التأمين ضد الحرب أو العلاوات الإضافية التي يدفعها المالكون عند الإبحار إلى الخليج العربي بشكل فوري.
توترات عالية
وقالت مجموعة «بيمكو» الصناعية في بيان منفصل إن التوترات في المضيق والخليج بلغت اليوم أعلى مستوياتها دون اندلاع أي صراع مسلح حقيقي.
وقالت رابطة ناقلات النفط «إنترتانكو» إنها «قلقة للغاية» بشأن سلامة الطواقم في المنطقة، مشيرة إلى أن اثنين من طواقمها أصيبا بانفجارات على خط المياه وأسفله، في حين وصفت المجموعة الحادثة بأنها هجوم.
وبحسب تقرير بلومبيرغ، فقد رجح المحلل في بنك «جي بي مورغان تشيس» نوا باركيت أن ترتفع معدلات استئجار السفن في الشرق الأوسط على المدى القصير في ظل موافقة بعض مالكي السفن على تجنب المنطقة وانخفاض العرض، وفضلا عن ذلك استجابت أسهم شركات النقل بشكل تصاعدي، مما يوحي لبعض المستثمرين أن التوترات قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الشحن.
تأثير على الأسعار
أدى الهجوم الثاني على ناقلات النفط في الشرق الأوسط خلال مدة لم تتجاوز الشهر إلى إذكاء التوترات في المنطقة، مما دفع أسعار الخام إلى الارتفاع بعض الوقت إلى جانب زيادة أقساط التأمين على مخاطر الحرب، بيد أن المخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي تدفع الأسعار إلى الأسفل.
وقالت الكاتبة تسفيتانا باراسكوفا، في تقرير بموقع «أويل برايس» الأميركي، إن أسعار النفط ارتفعت بشكل كبير عقب تعرض ناقلتي نفط لهجوم في خليج عمان، وسط تخوف جيوسياسي من انقطاع الإمدادات.
ورجح التقرير أن يكون للحوادث الأخيرة التي جدّت بالقرب من مضيق هرمز -الذي يعد أهم الممرات في العالم التي يتدفق منها النفط- تأثير دائم على أسعار النفط، في ظل رفع مالكي السفن والوسطاء البحريين وشركات التأمين وشركات إعادة التأمين أقساط التأمين على الناقلات التي تمر عبر المنطقة، وفرض أسعارا أعلى على ضريبة شحن النفط الموجّه للشرق الأوسط.
ويقدّر التدفّق اليومي للنفط عبر مضيق هرمز بنحو 30% من مجموع النفط الخام، فضلا عن السوائل الأخرى التي تُنقل عبر البحر.
وتنامت حدة التوترات على خلفية الحوادث التي جدت خلال الشهر الماضي والتي استهدفت أربع ناقلات نفط بالقرب من الإمارات العربية، فضلا عن الهجوم الذي استهدف خط أنابيب رئيسا للنفط في السعودية بواسطة طائرة مسيرة.
وعقب الهجمات التي وقعت في أيار الماضي، رفعت لجنة الحرب المشتركة -مجموعة تقدم المشورة لشركات التأمين- من المخاطر الأمنية في العديد من المناطق في الخليج العربي والممرات المائية المحيطة بها.
وأفادت الكاتبة بأنه منذ هجمات أيار الماضي، ارتفعت أقساط التأمين بالفعل بنسبة تتراوح بين 5% و15%، وأن أسعار وأقساط الشحن ستواصل ارتفاعها بعد الهجمات الأخيرة. ورجحت أن تنعكس هذه المعدلات المرتفعة على أسعار النفط الخام.
وبدأت الأسواق تلاحظ تأثر شحنات النفط من المملكة والإمارات وإيران والكويت والعراق، وجميعها أعضاء في منظمة أوبك، وهي تستخدم مضيق هرمز كممر رئيس لشحناتها.
من جانب آخر، حذّرت مصادر نفطية من تكرار العمليات الإرهابية، واستهداف الناقلات في منطقة الخليج نظراً لتأثيراتها على أسعار التأمين على الناقلات، وبالتالي على أسعار النفط، مشيرة إلى ما حدث في العام 1986 أثناء الحرب الإيرانية العراقية، وضرب السفن، إذ حددت شركات التأمين مناطق غير آمنة، وبالتالي سيكون التأمين عليها مختلفاً، وله ترتيب آخر.
فبعد الهجمات، التي أصابت ناقلات نفط في المياه الاقتصادية الإماراتية وهجوم آخر على خط أنابيب رئيس للنفط في السعودية خلال الشهر الماضي، قامت لجنة الحرب المشتركة لهيئة سوق لويدز «Joint War Committee of Lloyd›s Market Association»، التي تضم ممثلين من لويدز وجمعية التأمين الدولية بإضافة مناطق الخليج العربي وخليج عمان إلى لائحة المناطق ذات المخاطر الملموسة. وهي قائمة تعتمد عليها شركات التأمين في تقييم مخاطر أمن الشحن لكنها غير ملزمة.
وعدّ الخبراء أن المنطقة باتت الأكثر خطورة لناقلات النفط منذ الحرب الأمريكية في العراق.
وقد أكدت مجموعة من الشركات، التي تمتلك ناقلات النفط أنها زادت التدابير الأمنية على متنها بعد هجمات أيار.
فيما يرى مستشارون في قطاع الطاقة أنه في حال قناعة السوق بأن إيران وراء هذا التخريب وأن مثل هذه الحوادث ستتكرر، فهذا سيؤدي إلى ارتفاع إضافي لتكاليف التأمين. وفي السياق نفسه، شدّدت شركة ناقلات النفط الكويتية على أن «ناقلات النفط الكويتية تسير بشكل طبيعي، ومستعدون لأي طارئ».
وقالت الشركة: إنها اتخذت كل الإجراءات والتدابير الاحترازية الأمنية اللازمة لضمان التشغيل الآمن لأسطولها البحري.
وأضافت: إن أسطول الشركة البحري لم يتأثر بالحوادث الأخيرة المؤسفة، التي وقعت في خليج عمان والمنطقة، ولا سيما الحادث الذي تعرضت له ناقلتان بحادثين منفصلين، لافتة إلى أنها تتابع تلك الحوادث مع الجهات العالمية البحرية المعنية بهذا الشأن.
تهديدات متنامية
ونقلت الكاتبة عن شركة التأمين «هيلينك وور ريسكس» قولها « بالرغم من أنه لم تتأكد بعد التفاصيل الكاملة المتعلقة بالحوادث، فإن هناك تهديدا متناميا يطال السفن التجارية في المنطقة».
وأضافت «من المحتمل أن ترتفع أسعار القسط الإضافي مما دفع بالعديد من الأطراف إلى إجراء مناقشات مع شركات إعادة التأمين من أجل استمرارها في تزويد الأعضاء بأفضل شروط ممكنة».
كما حذرت الرئيسة التنفيذية للجامعة البحرية العالمية – ومقرها السويد- كليوباترا دومبيا هنري، من أن الهجمات الأخيرة ستكون لها «عواقب وخيمة».
في الأثناء، قالت رويترز إن أسعار النفط تراجعت للجلسة الثانية، وسط مؤشرات على تضرر النمو الاقتصادي العالمي جراء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لكن التوترات في الشرق الأوسط عقب الهجوم على الناقلتين في الأسبوع الماضي حدت من الخسائر.
ونزلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 0.3% إلى 60.75 دولارا للبرميل في التعاملات المبكرة، وفقد برنت في الجلسة السابقة 1.7% نتيجة مخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
كما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي في العقود الآجلة 0.3% إلى 51.76 دولارا للبرميل، وهبط الخام 1.1%.
وانخفضت أسعار النفط نحو 20% من أعلى مستوياتها في 2019 التي بلغتها في نيسان الماضي، ويرجع ذلك في جزء منه إلى المخاوف المرتبطة بالحرب التجارية الأميركية الصينية وبيانات اقتصادية محبطة.
ويزيد من الضغط على النفط إعلان إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن من المتوقع أن يصل إنتاج النفط الصخري لمستوى قياسي في تموز المقبل، غير أن بعض المحللين يقولون إن من المرجّح أن تظل التوترات في الشرق الأوسط داعمة للأسعار.