يتوقف الفنان أحيانا أمام مشاهد معينة في الطبيعة، أو الأمكنة التي يعبرها، أو الانعطاف نحو مرحلة أخرى، ليسجلها في ذاكرته أو على سطح أوراقه العذراء نوعا من الملاحظات الذاتية، حيث الخبرة والولع بالتفاصيل غير المألوفة هي التي تردد هذا النوع من الملاحظات، التي قد تتحول فيما بعد الى مصادر خصبة لإنجاز وصياغة أعمال فنية تؤرشف تاريخيا لمرحلة كشف جديد، وتعبر عن وجه مغاير لأنساق العمل التشكيلي غير التقليدي، مضافا اليها المعرفة والأدراك لمكونات الموضوع، اذ يكون الفنان قادرا من نفسه لبناء واعادة بناء الأفكار . وكملاحظة تسجل على المشهد التشكيلي العراقي بعد الرقم 2003، لم يكن بمستوى ما نطمح، أو بمستوى الرؤية والمحاكاة لهذا التغيير، والضربة الهائلة كما تحدثنا بعض كتابات النقد التشكيلي. في تجسيد الظواهر والحالات الإنسانية التي تبرز في لحظات تمردها، وتشكل مع مكونات اللوحة، وحدة السرد التشكيلي في فتحه الجديد. لينجز لنا أعمالا غاية بالإتقان، من خلال معرفة وأفق فضاءات الحرية وقد طرحت مشروعها الواقعي بعد التغيير. وكان من المفترض أن يدخل مخيلتنا ولا يغادرها، لأنه يمثل قلقنا فيما نريد ونسعى ونحلم. وبالرغم من أتساع مشاريع المعارض الفنية، وطروحات الفنان العراقي، التي طالعتنا على هامش مشروع فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013، الا أنه ظل حبيس التجربة، من دون الخروج عن المألوف، ومن دون أن ينتصر لحلمنا ولطفولتنا المفقودة وذكرياتنا الموجعات. ويقينا ندرك أن الكثير من الفنانين ظلوا يعملون بصمت في منجزهم الإبداعي، بعيدا عن الأضواء وقاعات العرض، تاركين للزمن والظروف الأخرى فرصة اقامة معرض شخصي طال انتظاره. لكن ما تابعنا بعضه لا يمثل تجربة التشكيل في العراق وعمقه التاريخي. وأزعم أن هذه الملاحظة ناقشها الوسط التشكيلي بشكل مسموع؟
وربما نقترح أن تشكل لجنة لا تجامل على حساب منهج الفكر السليم لقيم التشكيل العراقي وهي تتفحص اللوحة وشكلها وقيمها. لأنها بالنتيجة ستدخل في أرشيف الثقافة للمقبل من الأيام.
يقينا مرة أخرى، أن الفنان التشكيلي من شأنه أن يخلق مناخات، أو لديه ظاهرة قد تؤدي الى رؤية مغايرة أبتغاء الوصول الى (فضاءات) ربما تستحقها الذاكرة والوعي في أرتباطها الحداثوي مع التطور الفكري الذي يعيش أجواءه في ظل مناخات الحرية في مشهدها اليومي.
فهد الصكر