طوال تاريخه العريق، كان المسرح العراقي يشكو من قلة حضور حواء ،لطبيعة مجتمعنا وتقاليدنا فان اقبال المرأة على ارتقاء خشبة المسرح ظل باهتا متواريا، برغم ان المرأة العراقية سجلت حضورا رائعا ومميزا في جميع مجالات الحياة وبرغم كل المصاعب والحواجز شهد مسرحنا العراقي وعلى مدى تاريخه الحافل مشاركات نسوية، حملت صاحباتها الشجاعة سلاحا ليقفن على خشبة المسرح بجانب اخوانها المبدعين المسرحيين ولتنثر حواء القها المطرز بالثقة والاقدام والجمال، وعلى مدى عقود كان حضور حواء العراقية مسرحيا متقلبا متناسبا مع حالة المجتمع العراقي، وما يكتنفه من متغيرات وعلى كل الصعد، هؤلاء المبدعات اشتغلن بكل زوايا المسرح من تمثيل وتأليف واخراج وتقنيات ،وفي ظل دعم ورعاية هذه المواهب النسوية في معاهد وكليات الفنون الجميلة والمسرح المدرسي ومسارح المؤسسات كالمسرح العمالي والفلاحي والطلابي توهج الحضور المسرحي لحواء في بغداد بوصفها راعية الثقافة العراقية ثم امتد لمحافظاتنا العزيزة ومنها مدن اقليم كردستان، مبدعات واجهن الصعاب من اجل اثبات وجودهن الابداعي وبالتالي المساهمة بديمومة الالق المسرحي منذ اربعينيات القرن الماضي ومازلن يواصلن العطاء لغاية اليوم .
اليوم وفي هذه المناسبة الابداعية الكبيرة استضفنا بعض الفنانات المبدعات ليتحدثن عن تجربتهن المسرحية ويقدمن التهنئة بيوم المسرح العالمي.
الفنانة سوسن شكري
اعتز كثيرا انني ابنة الوسط الفني، العائلة العراقية الجميلة التي احتضنتني منذ بداية دخولي عالم المسرح الاخاذ، حقيقة كان لوالدي الراحل الفنان شكري العقيدي الدور الكبير في دعمي ومساعدتي كي اعتلي خشبة المسرح، هذا الرجل الواعي لم تكن لديه عقدة الرجل المتعصب ابدا على العكس كان حنونا وراعيا، خلال مسيرتي المسرحية التي تجاوزت عقود من السنين وبسبب اختياري المسرح كحياة خسرت الكثير، دراستي وراحتي، لكنني لست نادمة ابدا بل بالعكس انا حزينة لأنني كنت شبه معطلة عن العمل لمدة عشر سنوات بسبب ظروف عائلية عملت خلالها بنسبة 10 % في وقت بدأت زميلاتي بطرق ابواب النجومية وهذا الامر ما زال يحز في نفسي، وبرغم بداياتي المتواضعة، لكن حضوري الاول مسرحيا كان في مسرحية (كلهم اولادي) للكاتب الاميركي آرثر ميلر، واخراج الفنان الراحل جاسم العبودي، وفي السينما كان فيلمي الاول هو (النهر) للمخرج فيصل الياسري، بدأت رحلتي المسرحية في زمن متوهج كان الكتاب وفنجان القهوة عنوان يومنا عكس يومنا هذا، انا سعيدة لأنني كسبت محبة الناس، فقط يحزنني عدم مواصلتي الدراسة، لكن الفنان يستطيع ان يكسب الثقافة والتجارب الحياتية. في يوم المسرح العالمي، اهنيء نفسي واهنيء زملائي فرسان وفارسات المسرح العراقي واهنيء كل مسرحيي العالم بهذا العيد الجميل.
الفنانة عواطف نعيم
خلال مسيرتي الابداعية واجهتني الكثير من العوائق بسبب التعصب الذكوري، العوائق التي حاولت النيل مني ومن ارادتي سمعة وفنا وفكرا من اناس محسوبين على الفن، ولكوني تربيت في كنف عائلة عراقية اصيلة، وتربيت في احضان فرق مسرحية طليعية متنورة كفرقة المسرح الفني الحديث، وفرقة المسرح الشعبي، كنت قادرة على المواجهة، وقبول التحدي، والعمل على اثبات الذات، كان وعيي ومبادئي التي امنت بها وحالة التحدي والعناد التي جبلت عليها وسياتي للعمل والابداع، علما ان هناك عقولا عراقية نيرة وكبيرة كانت خير عون لي لكي اعمل واجتهد، اهنيء كل مسرحيي العراق والعالم في يومهم الجميل يوم المسرح العالمي الذي يوحد العالم اجمع في حب المسرح.
دعاء حسن عليوي طالبة معهد الفنون الجميلة
قد أكون مختلفة عن اقراني الطلبة في معهد الفنون الجميلة في أمر أساسي، أغلب من هم معي حققوا أحلامهم في انتماءهم لقسم المسرح، المسرح لم يكن حلمي، منذ نعومة أظافري و أنا انظر للفن بصورة عامة على أنه عالم العجائب والسحر، العالم المجهول الذي يضمر داخله بوابات السماء، عندما يكون الفرد جسرا للسماء فهو فنان يقرب وجهات النظر بين الناس و ينقل لهم رسائل السماء بكل الوان الطيف، طالما جذبني الفن ككل ولم اجعل هدفي المسرح، لأنه باب سري لا يفتح إلا لمن يطرقه عنوة، شاء القدر أن أقبل في معهد الفنون قسم مسرح، لا افقه شيئا عن الخشبة والديكور والكواليس وكل هذا المصطلحات التي لم اسمع بها قبل دخولي للمعهد، شعرت بالظلم في بداية الأمر لأنه طريق مجهول حتى بدأت هذا الظلم يتحول الى دهشة ومن ثم عشق، المسرح داء لطيف كلما استمر بالجسد فتك به و بانت تبعاته، يحول الإنسان لكائن آخر لم يتم شرحه للأن و لا يمكن تعريفه أو وصفه، هو شيء بين الملاك و الجن و الانس، يجعلك ترى قلوب الآخرين و يجعل الآخرين يسمعونك من دون أن تتحدث معهم .
كامرأة سعيدة جداً بهذا العالم الذي أنا فيه، برغم الآراء و وجهات النظر التي ما زالت مستمرة في مجتمعنا والتي تحارب الفن و السلام بكل أشكاله، لكن وما يميزني كامرأة عراقية و شابة طموحة، أن استغل معاناتي لأثبت للعالم كله أن المرأة و الفن اذا اجتمعا، شكلا اعظم لوحة للسلام والحب، هدفي الان هو الاخراج المسرحي و أبذل ما في وسعي لأنال شهادتي و اكتسب الخبرة في هذا المجال، قد لا اكون نجمة في عالم الاخراج يوما ما و هذا ما لا أنوي فعله، لكن على أقل تقدير سأكون رسالة لكل فتاة بعمري و اصغر مني، أن الفن عالمنا و يجب أن نعيد لعالمنا النور و ننثر لوحة ادم وحواء بالمحبة و العشق و السلام لكي يفتح الستار مرة أخرى في بلدنا العزيز .
نضال عبد الكريم فرقه ينابيع المسرحيه في السويد
ومن السويد خصت الفنانة المسرحية نضال عبد الكريم جريتنا بتهنئة بمناسبة يوم المسرح العالمي نيابة عن فرقة ينابيع المسرحية العراقية التي تعمل في السويد بإدارة الفنان المسرحي سلام الصكر:
تتداخل في أعاده خلق الانسان أمور كثيرة. ولكن أكثرها نجاعة هو يوم المسرح العالمي. الذي يكون هذا العام قد مر على الاحتفال به سبعه وخمسون عاما ويبدو انه تشبها بإعادة انتاج اي مجتمع حي متواصل مع الحياة بكل تفاصيلها فعندما نرى حياه اي مجتمع متوهجة بطيف من الألوان زاهيه تيقن من ان المسرح هو خالق لهذا التوهج وعلى العكس حين ترى السواد مخيما على حياه اي مجتمع فهذا يعنى ان المسرح قد تم تشييع جنازته ودفنه في ذلك المجتمع، تاريخ الشعوب هو تاريخ ثقافتها وليس تاريخ خوضها للمعارك والقتال، فعالية هذه الثقافة يجسدها المسرح بكل تجلياته لهذا شكل المسرح منذ بدء الخليقة حائط ضد موت الانسان.
المسرح هو ليس خشبه وستاره بل هو حياه من افكار وتجارب من اجل ان تصل الى المشاهد وتفعل فعلها الإيجابي في التغير، التغير نحو الأفضل الجديد والذي يساهم في أعاده خلق الانسان ولهذا نرى كل الحكومات التي ترفض هذا التغيير تقف حائط صد ضد تطور المسرح وتقديم ما هو مثمر وجميل وفي أحسن حالاتها تساعد على تقديم مسرح يساهم في تهميش وعي المواطنين بل وإغراق المجتمع في عالم الغيبيات وهذا ما شهده مجتمعنا العراقي طيلة هذه العقود الأربعة التي مرت عليه
نحن في فرقة ينابيع المسرحية العراقية في السويد، برغم اننا نعيش في ظروف المنفى الا اننا نطمح ان نساهم مع زملائنا في الداخل من اجل تقديم ما يليق بمسرحنا العراقي والذي كان دوره تنويريا في حقبة من تاريخية، وبهذه المناسبة نقدم أحلي التحيات الى زملائنا المسرحين في كل مكان بمناسبة يوم المسرح العالمي.