«أيام بغداد المسرحية»..خطوات واثقة صوب عودة الروح الى الخشبة

اختتمت امس الأربعاء، فعاليات مهرجان ايام بغداد المسرحية الذي اقامته دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة والسياحة والآثار بالتنسيق مع المركز العراقي للمسرح احتفاءا واحتفالا بيوم المسرح العالمي بمشاركة (11) عرضا عراقيا وعربيا وتواصلت عروضه ابتداء من الثالث والعشرين لغاية السابع والعشرين من آذار الجاري تنوعت بمضامينها واساليبها ومدارسها، لكن الرصانة والحداثة والتجريب وهموم الانسان كانت الملامح البارزة في هذه العروض.
ولان دائرة السينما والمسرح دأبت على اقامة مثل هذه المهرجانات وفي هذه المناسبة بالذات فان المقارنة دائما ماتكون حاضرة بين نسخ هذه المهرجانات وماتتميز به لذلك فان ابرز ماتميز به هذا المهرجان كانت المشاركة العربية حيث عرضت في المهرجان ثلاث مسرحيات عربية اثنتان من المغرب والثالثة من تونس ،كما شهد المهرجان عرضا باللغة الكردية لفرقة مسرحية من أربيل، وثلاث مسرحيات محلية، اضافة لعرض لمسرح الشباب والآخر لمحافظة الديوانية وعرضين لطلبة معهد الفنون الجميلة –القسم المسائي في الرصافة الأولى.
هذا التنوع زادته الجلسات النقدية التي اعقبت العروض المسرحية رونقا بمشاركة نخبة من اساتذة ونقاد المسرح في العراق وكذلك الندوة الموسعة حول (تحولات الخطاب الكوميدي في المسرح العراقي) اضافة لظاهرة طغت على عروض المهرجان بحضور نسائي كبير اذ عرضت ثلاث مسرحيات بممثلات من النساء فقط هي مسرحية (الارامل ) للفرقة التونسية و(الخادمتان) للفرقة المغربية و(نساء في الجحيم) للفرقة المسرحية الكردية بالاضافة للحضور النسائي في العروض الاخرى ومنها مسرحية (امكنة اسماعيل) الذي شهد ولادة ممثلة مسرحية جديدة هي كاترين هاشم.
حفل الافتتاح الذي الغيت فيه الفعاليات الفنية المرافقة تضامنا وحدادا مع شهدائنا الذين قضوا في حادثة العبارة في نينوى تبعه عرض مسرحية عنوانه (ساعة السودة) للفرقة الوطنية للتمثيل تاليف الدكتور مثال غازي واخراج سنان العزاوي وتمثيل يحيى ابراهيم وشيماء جعفر على خشبة مسرح الرافدين.
في اليوم الثاني عرضت مسرحيتان الاولى مسرحية (سكوريال) تاليف ميشيل دي جيلدرود واخراج الطالب سجاد كاظم وتقديم طلبة معهد الفنون الجميلة القسم المسائي في الرصافة الاولى والثانية مسرحية (صباح ومسا) لفرقة دوز تمسرح المغربية تأليف غنام غنام واخراج عبد الجبار خمران تمثيل رجاء خرماز وتوفيق ازديو على خشبة المسرح الوطني، اليوم الثالث شهد ثلاث عروض الاول لمنتدى المسرح ومسرحية (بلا..) تأليف واخراج الفنان الشاب حسين بلط تمثيل فرح صبيح وتغريد باسم وملاذ عبد السلام ومسرحية (امكنة اسماعيل) للفرقة الوطنية للتمثيل تأليف هوشنك وزيري واخراج ابراهيم حنون وتمثيل رائد محسن وباسل شبيب وكاترين هاشم على المسرح الوطني.
العرض الثالث كان مسرحية (الخادمتان) لفرقة دوز تمسرح المغربية تأليف جان جنيه واخراج الفنان جواد الاسدي على خشبة مسرح الرافدين.
اليوم الرابع شهد ثلاثة عروض ايضا الاول (نساء في الجحيم) على خشبة مسرح الرافدين للفرقة الكردية من اربيل تأليف واخراج هيوا سعاد يونس تمثيل كزال حسني وأسل احمد حسني وازين بيلاف وسونيا هيوا وشيماء فريد. وعرضت المسرحية باللغة الكردية والعرض الثاني (الارامل) على خشبة المسرح الوطني لفرقة الاسطورة للانتاج التونسية تأليف لايريل دورفمان واخراج وفاء الطبوبي، اما العرض الثالث فكان لفرقة كلية الفنون الجميلة في جامعة القادسية المعنون (سلة شكسبير) اخراج الفنان الدكتور حليم هاتف على منتدى المسرح.
يوم الاختتام شهد عرضا واحدا للفرقة الوطنية للتمثيل هو (فلانة) تأليف هوشنك وزيري واخراج حاتم عودة وعلى خشبة مسرح الرافدين.

تجمع ابداعي كبير
«الصباح الجديد» واكبت عروض وفعاليات المهرجان والتقت عددا من المشاركين فيه لتسجل انطباعاتهم وملاحظاتهم عنه.
راعية المهرجان والمشرفة عليه الفنانة الدكتورة اقبال نعيم المدير العام لدائرة السينما والمسرح تناولت اختلاف المهرجان الحالي عما سبقه بقولها:

  • اختلاف هذا المهرجان عن السنة الماضية كان كبيرا، بالذات حاولنا اولا ان نركز على العروض العراقية التي افتتحنا بها موسم 2019 بعروض ساعة السودة وامكنة إسماعيل، ومسرحية « بلا « كما ركزنا على العروض التي نالت جوائز في مهرجانات متعددة مثل عرض الديوانية سلة شكسبير والفائز بجائزة المهرجان الجامعي في بابل، ومسرحية فلانة الفائزة في مهرجان اوال المسرحي في البحرين، واستضفنا مسرحية من اربيل هي نساء في الجحيم، والتي تتحدث عن مأساة الايزيديات حتى لاننساهم، اضافة لاستضافتنا ثلاثة عروض عربية هي الخادمتان، وصباح ومسا من الغرب، والارامل من تونس، هذا إضافة الى ندوات نقدية يضاف اليها الندوة الرئيسة حيث اخترنا المشهد الكوميدي والممثل الكوميدي في المسرح ماذا وكيف والى اين؟.
    كما ان هذا الموسم سنكرم المسرحيات التي سجلت حضورا في مهرجانات عربية والفنانين الفائزين في موسم 2018، واكدنا على عراقية المسرحية تمهيدا لحبنا الكبير باقامة مهرجان مسرحي عراقي خلال شهر تشرين اول المقبل».
    الدكتور عقيل مهدي الذي واكب عروض المهرجان تحدث قائلا» لكل مهرجان اهداف خاصة به وتجارب ترشح لهذا المهرجان مختلفة من حيث مستوياتها الفنية والقيم الجمالية لذلك قد ترى في مهرجان واحد قلة من العروض التي تتوافق شروطها مع هدف المهرجان المحدد، هذه المرة شهدنا بعض العروض التي اشتركت باكثر من مهرجان واتيحت الفرصة لمشاهدتها من قبل الجمهور العربي، ولكن جمهورنا العراقي لم يحض بمشاهدتها والتعرف على مؤلفيها ومخرجيها وممثليها ،اليوم من المفرح ان يأتي الفنان المغربي والتونسي، ليقدما امثال هذه العروض التي اشتهرت بالعالم العربي، ولكنها لم تصل الى العراق وهي بهذه المناسبة ستثير الكثير من آليات التلقي والتجربة المباشرة الملموسة مع هذهى العروض المتقدمة في تجريبيتها وحريتها الحداثوية «.

شهادات لاساتذة المسرح العراقي..
استاذنا ومعلمنا الكبير سامي عبد الحميد بدا متذمرا حزينا، وهو يتحدث عن هذه المناسبة فقال» للاسف تراجع المسرح العراقي كثيرا ومنذ فترة طويلة لم نعد نشهد اعمالا كبيرة لمخرجين كبار كما كان ابراهيم جلال وقاسم محمد وجعفر السعدي وبدري حسون فريد، ليس لنا فرقة مسرحية خاصة تنافس فرقة الدولة والتفوق عليها في عروضها المسرحية كفرق الفني الحديث والشعبي واليوم، فقط اود ان اعتب واشير الى انني ولمرتين فشلت في تقديم مسرحية الارامل للايريل دورفمان لحساب الفرقة الوطنية للتمثيل، المرة الاولى اعتب فيها على وزارة الثقافة عام 2013 والثانية اسجل عتبي على دائرة السينما والمسرح في العام الحالي «.
اما الفنان الدكتور هيثم عبد الرزاق فتحدث عن المهرجان والمناسبة قائلا» المهرجان هذا العام افضل من سابقيه اولا بحجم المشاركة العربية والاعمال الفائزة بالجوائز في الوقت نفسه، اضافة الى ان في ختام المهرجان هناك تقييم للاعمال الفائزة بكل المهرجانات العربية وكذلك اعمال انتجت لهذه المناسبة مثل مسرحييتي (ساعة السودة) و(امكنة اسماعيل)، كذلك لاننسى الجلسات النقدية التي تديرها وتعقب فيها اسماء مهمة، حسب تصوري دائرة السينما والمسرح تسير بالمسار الصحيح لانها قدمت منهاجها خلال العام باكمله وهذا مهم جدا «.
ويضيف «بالنسبة للمركز العراقي للمسرح فمهمته الاساسية ان يرسل النشاطات والعروض المسرحية الى المركز الدولي العام، من مهرجانات واعمال تترجم وترسل، هذه هي المهمة الاساسية للمراكز الوطنية، لكن هذا لايكفي لان المركز العراقي كان يستلم سابقا من وزارة الثقافة عشرة ملايين دينار سنويا لتنشيط وتفعيل المركز العراقي للمسرح وخصصت وزارة المالية مبلغ(2000) يورو ترسل سنويا الى المركز الدولي كاشتراك سنوي، منحة الوزارة كانت لطبع الكتب واقامة مؤتمرات وندوات ومحاور فكرية، لكن الوزارة قطعت هذا الدعم علما ان مركزنا تابعة لليونسكو كمنظمة غير حكومية واخر هيئة لمركزنا تالفت من الفنانين الرئيس سامي عبد الحميد وعضوية عزيز خيون واقبال نعيم وحيدر منعثر وهيثم عبد الرزاق «.
ابراهيم حنون مخرج مسرحية (امكنة اسماعيل) كان سعيدا بعد عرض مسرحيته واضاف «عيد وطني وفرحة كبيرة وانت تشاهد كثافة الجمهور لحضور عرض مسرحيتنا برغم ان العمل يحمل كابوسية عالية، تخيلات لشخص غير سوي، وعامل خارجي يشكل له تهديدا وخوف ورغبة بالانسلاخ وعودته للمصح النفسي، العمل يحمل رمزية من خلال هذا المصح الكبير، سعيد ايضا لان الممثلين استطاعو ايصال الفكرة بمستوى عال، حملوا العرض على اكتافهم ولولاهم لم يظهر العمل بهذه الصورة «.
الفنان يحيى ابراهيم بطل مسرحية (ساعة السودة) يقول» الاحتفالية كبيرة وجميلة، ومن محاسن الصدف انني مشارك في الدورات السابقة، المفرح اكثر انه اينما يكون الجمهور يكون العرض، المسرح العالمي برمته يعاني من التراجع لان العالم يعيش نكوصا وانحيازا وانحسار بسبب ظروف اقتصادية واجتماعية، اليوم المسرح محصور في خانة التكنولوجيا الحديثة بحيث ان المسرح الفرنسي مثلا يقدم عروضا للكبار فقط، اما الشباب فيشغلهم اللهو، مسرح الاطفال داخل المدارس، في العالم كله الرياضة والمسرح في المدارس، لكني متفاءل بان المسرح سيخرج من عنق الزجاجة، دائما تظهر اشكال جديدة بالمسرح، السيرك مثلا ذاب في المسرح، بفضل التكنولوجيا عرض السيرك التقليدي ما عاد مثيرا، السيرك ذهب الى المسرح وبالعكس».
ضيوف المهرجان من المسرحيين العرب تحدثو لنا ايضا عن زيارتهم لبغداد والمشاركة في هذا المهرجان اولهم كان المخرج المغربي عبد الجبار خمران.

المسرح العربي يزين المهرجان
مخرج مسرحية (صباح ومسا) فقال «اول مرة ازور بغداد وانا سعيد مرتين الاولى انني وفرقة دوز تمسرح نمثل المسرح المغربي في المهرجان والثانية انني في بغداد بما يشبه الحلم، شرف وسعادة كبيريتين لانني احتفل بالمناسبة مع المسرحيين والجمهور العراقي المتتبع للحركة المسرحية العربية، على صعيد العلاقة بين المسرحين العراقي والمغربي هناك تعاون مستمر على الجانب المختبري يشكل بحث جمالي وفكري على مستوى الادوات المسرحية، وربما هذا هو التعاون بين التجربتين ولدينا تجربة باستضافة الفنان الكبير جواد الاسدي الذي اخرج مسرحية الخادمتان لصالح فرقتنا دوز تمسرح وهي تجربة مهمة لممثيلنا المغاربة، كما ان الرواد المسرحيين المغاربة ولدو في مهرجانات عربية، فرقتنا لها حضور لافت بالمهرجانات العربية وحصلنا على جوائز خلال هذه المهرجانات عامي 2017 و2018».
زميلته الممثلة رجاء خرماز التي شاركت في مسرحيتي (صباح ومسا) و(الخادمتان ) تتابع « مع الاسف لم يتسنى لي متابعة اغلب العروض التي عرضت بالمهرجان لانشغالي بالتدريب والتحضير كوني اشارك بعملين، لكنني سبق ان شاهدت عرضا جميلا للمخرج جواد الاسدي هو تقاسيم على الحياة، مسرحنا المغربي اليوم قريب وشبيه للمسرح العالمي لقربنا من فرنسا لذلك تشعر ان عروضنا فرنسية «وعن زيارتها لبغداد تتابع «بصراحة كانت غريزة الخوف حاضرة خلال زيارتي الاولى لبغداد لان الاعلام الخارجي صور الحياة في بغداد مخيفة جدا ولكن بمجرد ان وضعنا قدمنا في هذه المدينة العريقة حتى شعرنا بالامن والهدوء فالحياة طبيعية جدا والصورة كانت مغلوطة بشكل كبير».
الفنان هاشم الدفاعي عراب المسرح في معهد الفنون الجميلة القسم المسائي في تربية الرصافة الاولى ورئيس قسم المسرح في المعهد كان سعيدا هو وطلبته بمشاركة عروض المعهد في المهرجان.
واضاف «لأول مره في تاريخ معبدنا يكون لنا المشاركه بعرضين مسرحيين من تمثيل وإخراج طلبه معهدنا الاولى مسرحيه سكوريال تأليف الكاتب ميشيل دي جيلدر رود اخراج الطالب سجاد كاظم ومسرحيه طفل الطريق تأليف الكاتب إيزابيل شربير اخراج الطالب كرار عادل موجر
وتم تقديم العروض على مسرح معهدنا وبحضور جميع الوفود المشاركه الذين قدموا الورود للطلبه في حين تم انعقاد جلسات نقديه عند انتهاء كل عرض واشاد الحضورباداء الممثلين والاسلوب الإخراجي ورغم الفقر من الناحيه الانتاجيه ابدع جميع طلبتنا في ادائهم على خشبة المسرح، شكراً لدائرة السينما والمسرح لميرها العام د . إقبال نعيم وشكرا للفنان الرائع مازن محمد مصطفى وشكراً للمركز العراقي للمسرح وشكراً لجميع من حضر عروض معهدنا..
آخر المتحدثين كانت الفنانة الشابة سونيا هيوا من مدينة اربيل التي تشارك بمهرجان مسرحي في بغداد للمرة الاولى في مسرحية (نساء في الجحيم).
وتضيف «انا سعيدة جدا واشكر ادارة المهرجان ودائرة السينما والمسرح لاتاحة الفرصة لنا للمشاركة في هذا المهرجان، انا ادرس المسرح في معهد الفنون الجميلة في اربيل واتخصص بالاخراج كذلك انا اعلامية ايضا واعمل كمقدمة برامج، مشاركة المراة كبيرة في كردستان، وسبق ان شاركت في مسرحيـات على مسارح كردستان منها هاملت واوديب باشا وفي المعهد اخرجت مسرحية الشقيقات الثلاثة للكاتب الروسي المعروف انطوان تشيخوف».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة