مكارم لمسؤولين..

تعد مسألة اتخاذ وصناعة القرار الحكومي شيئا مهما في الفكر القيادي الموضوعي , وهذه المسألة , لاشك انها تخالف وتتقاطع مع الاستفراد بالمواقف من غير رؤية جمعية وترخيص , نظريا وتطبيقا , وان التصرف الشخصي غير المسؤول من شخص يحمل مسميات القائد الاجتماعي لا يملك تعريفا لنفسه سوى انه كيان انسان عارض يتصرف على وفق ما يراه وما ينفعه فقط …
وتترسخ في الذاكرة العراقية صور مشوهة لفعل كانت تمارسه الزعامات العربية وما زالت في تقديم الاموال والخدمات لمواطنيها وتمن عليهم في النهاية بعبارة انها مكرمة الرئيس القائد او سمو الامير او جلالة الملك … الخ , ولا تشير من قريب او بعيد الى ان ما قدمت هو من خيرات الوطن ومن جهود ابنائه البررة .. حيث ان القائمين على السلطة ما قدموا تلك ( المكارم ) الا بعد ضغط شعبي وحاجات المحتاجين الملحة …
وهذه السلوكيات المفتعلة من الحاكمين جاءت لحفظ ماء الوجه تارة .. ولامتصاص الغضب الجماهيري تارة اخرى , ولتعطي لنفسها اللبوس المشرق الذي يخفي وجهها الكالح واجندتها المخالفة للمصالح والاهداف المشروعة التي ينادي بها الفقراء والمغلوب على امرهم في وطن تتنوع فيه مصادر الخير الوفير من ارض ومياه وسماء وطبيعة وسياحة خلابة ومكانة دينية …
فحين يتذكر مسؤول في امانة بغداد واجبه تجاه رقعة جغرافية من ارض الوطن فاحت منه روائح مجاري المياه فاوصلت معها صبر اهل تلك المناطق الى نهايته , تراه يخرج آلياته ويحشد موارده البشرية لتفتح الانسدادات في شبكة المجاري المتآكلة .. ولا ينسى ان يضع لافتاته المزينة بالعبارات الرنانة والطنانة التي تقول : بايعاز واشراف من السيد الامين تقوم البلدية ( … ) بحملة تنظيف المجاري … ويتكرر الامر نفسه حينما يتم بناء مجمع سكني او مجسراو شراء معدات لمنشآت خدمية .. وكلها تدخل من باب ( المكرمة ) , والالتفاتة الشخصية من المسؤول ( فلان ) والمدير ( علان ) .. ولا تجد من بين هاتين الشخصيتين وغيرهما من القيادات المتنفذة , من يكون صادقا مع ابناء شعبه ويضع لافتة يقول فيها :
( من حق شعبي علي ان اباشر في هذا المنجز او اتكفل بعلاج مريض من اصحاب الامراض المزمنة … واني استجيب فعلا بعملي هذا لمتطلبات الوظيفة وانا خادم وموظف في دولة المواطن .. !! )
فيتخلص بالنتيجة من عقدة القائد الضرورة الحاتمي , حيث يهب الامير ما لا يملك … ويعطي انطباعا جيدا لمكانته القيادية المخلصة لكونه شخصا لا يتقدم على الاخرين الا بمقدار شعوره بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه , ورغبته في عدم اكل مال سحت حرام وابتعاد عن الكسب المعنوي من دون استحقاق .. فالهالة التي يضعها بعضهم حول وظيفته وشخصه زائلة لا ريب وتتكشف حينها المعايب وتنفضح المغانم ويظهر المسؤول عاريا كما ولدته امه وقد بانت عوراته …
اذن .. هذه رسالة الى المسؤولين الجدد , ندعوهم بها الى التزام جانب الصواب وذلك بالانفتاح على الرعية والتعامل بصدق والمصارحة معهم …
فالربيع العربي كما يقال على الابواب , مما يستوجب المسارعة الى تأمين جميع الانجازات المعطلة من خدمات الماء والكهرباء وتوفير فرص العمل وتنشيط المعامل والمزارع والمشاتل وبناء المجمعات السكنية لمن لا سكن له .. على ان تكون هذه الانجازات مجتمعة او منفردة لتغطي الحاجات الانسانية لشعب يستحق الحياة , وليست مكرمة المسؤول .. فهي من اموال الشعب .؟!!
ماجد عبد الرحيم الجامعي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة