سمير خليل
نشأت وترعرت في كنف عائلة فنية مثقفة، تفتحت سنوات عمرها الاولى بين الكتب والتذوق الفني، وتشربت ذائقتها بالفن والابداع والجمال.
كانت والدتها تصحبها وهي صغيرة الى المسرح واستوديوهات التلفزيون والإذاعة، في مرحلة الدراسة الابتدائية والثانوية، كانت مشاركاتها فاعلة في الانشطة الثقافية والفنية المدرسية، تلقي الشعر، وتغني، وتمثل، وترسم أيضا، ما منحها شخصية ابداعية مميزة، وصاغت مسيرة ابداع.
كانت محط اعجاب من الناس الذين رفعوها نجمة بكل معنى الكلمة، حيث امتلكت جميع عناصر النجم المحبوب.
تنوعت اشتغالاتها بين السينما والتلفاز والإذاعة، وحتى الإدارة، اذ كانت شخصيتها طاغية في اروقة الابداع.
عززت موهبتها وشغفها بدخول اكاديمية الفنون الجميلة في بغداد ونالت البكالوريوس في الفنون السمعية والمرئية، وهي طالبة جامعية حازت على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان تلفزيون الخليج في الكويت عام 1982 عن دورها في بطولة السهرة التلفزيونية (رائحة القهوة).
انها الفنانة هند كامل، والدها كامل الشندي استاذ جامعي ومصور فوتوغرافي محترف، والدتها الفنانة المسرحية الرائدة (فوزية الشندي)، شقيقتها الفنانة (هديل كامل)، اما زوجها فهو الفنان المخرج والاعلامي (فيصل الياسري).
هند كامل فتحت قلبها لـ»الصباح الجديد» في هذا الحوار الجميل عن مسيرتها الفنية، وحال الفن والدراما العراقية، لتجيب عن سؤالنا الاول:
يمر الفن العراقي عموما والدراما خاصة بأزمة خانقة ..برأيك ماهي مسببات هذه الازمة وماهي الحلول لتجاوزها ؟
– انا مؤمنة ان الفنان والمثقف العراقي جزء لا يتجزأ بكل ما يمر به الوطن، كما ان الفن والثقافة لابد ان يكونا مرآة عاكسة. حقيقة انا شخصيا لا أحب القسوة بالأحكام، لكني واقعية بالقراءة، العملية هنا مشتركة بين اصحاب القرار، قرار يدعم العمل الفني والقائمين على الدراما العراقية، فعندما تغيب الكفاءات الحقيقية عن الساحة، فان الامور تؤول لأناس قليلي الخبرة بالدراما العراقية، او الذين لا يمتلكون الخبرة، في الوقت نفسه فان ابتعاد الاسماء المهمة صاحبة الابداع الحقيقي وعدم تواجدهم في الساحة يسهم في هذا السبات، اذن نحن ايضا نتحمل جزءا من المسؤولية، فعندما يغيب الخبير عن الساحة، فإنها تملأ بما هو موجود.
وتابعت: نحن مساهمون فيما وصل اليه حال الدراما العراقية اليوم، لكن في بعض الاحيان هناك ظرف اكبر من الانسان، اسباب ضرورية قاهرة تجبر المبدع العراقي على الغياب لمدة قصيرة او طويلة واحيانا دائمة.
وأضافت: الازمات التي مر بها العراق بعد العام 2003 تحتاج الى زمن طويل للتشافي منها، لكن ليست كل الامور سلبية، فهناك جهود فردية، اسماء مخلصة في كل المجالات كان لها جهودها وسعيها ونواياها الصالحة، فقبل سنوات شهدت الدراما العراقية انتعاشة نوعية كان نتيجتها اعمال درامية عديدة. الخراب كبير ويحتاج لزمن طويل وبالنسبة لي عندي امل بالعراق، ايمان حقيقي بالشباب للنهوض بالدراما العراقية، لدي امل كبير وايمان بالغد.
رغم ان العراق كان يعيش حالة ارباك ايضا لكن هل يمكن ان نصف فترة الثمانينيات عصرا ذهبيا للدراما العراقية؟
-بصراحة، انا أجد ان كل ما سبق هذه الفترة، عصر ذهبي، حتى الاعمال التي عرضت بالأسود والابيض وكنا نتابعها ونحن صغارا كانت عصرا ذهبيا، ولكن بالتأكيد فان الذهب يختلف في قيمته أيضا.
هل يمكن ان تساعد القنوات الفضائية بإعادة الحياة للدراما العراقية ام تفضلين عودتها للقطاع العام؟
-أنا املك من الخبرة ما يؤهلني ان ادلو بدلوي في هذا الموضوع، فاذا كانت القنوات الفضائية وبرغم كثرتها محطات مسيسة، فإنها تبث لصاحب القناة سواء كان فردا او حزبا، اما اذا كانت القناة شخصية، وليس لها هدف سياسي، فمن الطبيعي ان تعتمد على التمويل، والعمل الدرامي يحتاج الى ميزانية عالية، والمحطات العراقية الخاصة غير الممولة من احد، محطات فقيرة، لا تتلقى دعما لا من اصحاب المال الصناعيين والتجار، ولا دعما حكوميا، لان الحكومة عادة تهتم بمشاريعها بالدرجة الأولى.
وتابعت: اي قناة فضائية غير مدعومة تحتاج الى الاعلان الذي يمولها لتغطية متطلباتها وتفكر بالإنتاج، لكن اصحاب الاعلانات يذهبون للقنوات التي تمتلك المال، لذلك فان القنوات التي تمتلك رؤية ثقافية واجتماعية نجدها تقف وحيدة، محاربة على كل الأصعدة، كيف تفكر بالإنتاج ان كانت لا تستطيع كفاية شوطها المعرفي والمجتمعي، اذا هي تركز على موضوع بقائها في ظل تلك الصراعات.
وأضافت: يجب ان نفكر بحوار مع اصحاب المال والصناعة لدعم الانتاج التلفازي، فكبريات المشاريع السينمائية والتلفازية في العالم مولت من الصناعيين اصحاب الأموال، لان الفن صناعة، ونحن لا نمتلك هذا المضمون، باعتقادي انه لا يوجد صناعي بالعراق يدعم الفن والثقافة.
لماذا ابتعد الفنان فيصل الياسري عن الانتاج الدرامي في العراق؟
-بسبب عدم توفر الأموال، الانتاج الفني يحتاج الى تمويل، سبق ان تحدينا الظروف الصعبة عندما عملنا في قناة الديار، وهي اول محطة فضائية خاصة تظهر بعد العام 2003، قمنا بإدارتها بجهودنا، ومن جيبنا الخاص، لكننا لم نستطع الاستمرار لعدم وجود الدعم، لدينا الآن محطة فضائية باسم (ديار اليوم) أطلقناها قبل سنة، وهي متوقفة الآن وننتظر استقرار الوضع الاقتصادي في العراق لنعيد افتتاحها من جديد في العراق.
ماذا تقول هند كامل عن الانتاج العربي المشترك للدراما، هل يساعد في انعاشها وتطورها؟
-بصراحة، نحن نثير الاهتمام في فهمنا لهذا الموضوع، هناك فهم بان الانتاج العربي يكون باستقدام نجوم عرب للعمل في العراق، في حين ان الانتاج العربي المشترك يعني ان نجمع الفنانين العرب في بوتقة واحدة، لكن ليس على حساب الفنان المحلي، وانا أشجع بان يعمل الفنان العراقي في عمل عربي مشترك، مع الاسف الحركة الفنية في العراق الآن في اللا مكان واللا زمان.
وكيف هي علاقتك بالسينما والمسرح والاذاعة؟
-السينما عندي تأتي أولا، لدي تجربة سينمائية جيدة في افلام هي: (حيث لا يقف القطار طويلا) اخراج كارلو هارتيون، وفيلم (الحدود الملتهبة) اخراج صاحب حداد، وفيلم (بابل حبيبتي) وهو انتاج عراقي مصري مشترك، اخراج فيصل الياسري، وفيلم (ليلة سفر) للمخرج بسام الوردي، اما آخر عمل سينمائي فكان فيلم (بغداد حلم وردي) من اخراج فيصل الياسري، ضمن افلام مشروع بغداد عاصمة الثقافة العراقية عن رواية ميسلون هادي، ويتناول موضوعة مهمة هي الطائفية، وكان تجربة مهمة ضمن الظروف والمعطيات وصورناه في بغداد بين الناس.
وتابعت: المسرح فن عظيم، وهو ابو الفنون، واول انواع الحوار مع الجمهور، لكن السفر والالتزامات الكثيرة أفقدني المطاولة للعمل المسرحي الذي يحتاج الى فترات طويلة من التدريب، لذلك لم يكن متاحا لي ارتقاء خشبة المسرح، برغم اني خريجة فنون مسرحية، ثم تخصصت بالسينما والتلفزيون، وكنت الاولى على دفعتي، وبالنسبة للإذاعة فانا ادين لها بولاء كبير، العمل الاذاعي صنعني كممثلة لذلك اشتاق كثيرا للوقوف امام الميكرفون.
اخيرا، لنبحث عن امنية في نفس هند كامل ..ماذا تتمنين؟
– اتمنى ان اكون في العراق، اراه مثلما يجب ان يكون عليه ،ان نكون فاعلين في بلدنا ،وطننا العزيز