الموسيقى الأندلسية.. موسيقى المغرب الكلاسيكية

نشأت الموسيقى الاندلسية في الأندلس وارتبطت في بعض الأحيان بالمدائح، ولا يتقيد هذا اللون في الصياغة بالأوزان والقوافي، ولم يدخل إلى مصر وبلاد الشام، واستقر ببلاد المغرب العربي.
الموسيقى الأندلسية مصطلح يطلق على الموسيقى الكلاسيكية بالمغرب العربي بقسميه الدنيوي والديني، المتصل بمدائح الطرق الصوفية.
والمورث الغنائي بنصوصه الأدبية، وأوزانه الإيقاعية، ومقاماته الموسيقية ورثتها بلدان الشمال الأفريقي عن الأندلس، وطورتها، وهذبتها، وتتكون مادتها النظمية من الشعر والموشحات والآزجال، والدوبيت، والقوما، مع ما أضيف لها من إضافات لحنية أو نظمية محلية جمعت بينها دائرة النغم والإيقاع، وما استعاروه من نصوص والحان مشرقية. وتعد «النوبة» أهم قالب في الموسيقى الأندلسية.
أسماء هذا الفن تختلف من منطقة إلى منطقة أخرى، فهو «الآلة» في المغرب، و»الطرب الغرناطي» في كل من وجدة وسلا وتلمسان ونواحي غرب الجزائر، و»الصنعة» في العاصمة الجزائرية، والمألوف» في الشرق الجزائري، تونس وليبيا. ولكن هذه الأصناف كلها بأسمائها المتعددة، ترجع إلى أصول واحدة، الموسيقي الأندلسية التي نشأت في المجتمع الأندلسي.
تؤدى النوبات التي تعد كما اسلفنا اهم القوالب الاندلسية عادة بمجموعات موسيقية مصغّرة شبيهة بالتخت الشرقي، اذ تضم آلات وترية كالعود والكمان، وأحيانا القانون والربابة، وآلة نفخية كالناي، و الكورديوم. وآلات ايقاع كالنغرات والطار أو البندير (أي الدف أيضا) والدربوكة والرق، وتلك مسميات معروفة في بلدان المغرب، ويجهلها بقية الشعوب العربية.
الأشعار المتغنى بها في فن الموسيقى الأندلسية لا تتغير، وهي محفوظة في كتاب يجمعها كلها يسمى «الديوان»، والنوبة هو الاسم الذي يطلق على تجزيئات الديوان الكبرى.
عدد النوبات حاليا بالمغرب 11 نوبة، أما في الأصل فقد كانت هناك 24 نوبة بعدد ساعات اليوم، حيث توافق كل نوبة ساعة من ساعات اليوم، ولا تغنى النوبة إلا في تلك الساعة الموافقة لها. لم يتبق من هذا الكنز العريق إلا 11 نوبة في حين ضاعت 13 نوبة بسبب الإهمال وسوء التدبير.
النوبات المتبقية هي: نوبة رمل الماية. ونوبة الماية. ونوبة الرصد. ونوبة رصد الذيل. ونوبة الحجاز الكبير. ونوبة الحجاز المشرقي. ونوبة عراق العجم. ونوبة الأصبهان. ونوبة العشاق. ونوبة الإستهلال. ونوبة غريبة الحسين.
أما من بين النوبات الضائعة نذكر: نوبة الزوركند. ونوبة الحجاز المتوسط. ونوبة الحجاز الصغير. ونوبة الغريبة المحررة. ونوبة عراق العرب.
و النوبة قسم ضخم من الديوان، حيث أنه يجمع مئات الأشعار، ويقسم بدوره إلى تقسيمات أقل حجما تسمى «ميازين» مفردها ميزان.
الميزان: تنقسم كل نوبة إلى خمسة موازين، ويعنى بالميزان: الإيقاع المتبع خلال الحصة الموسيقية، وللموسيقى الأندلسية المغربية خمسة إيقاعات معقدة، ومنه فعدد الميازين هو عدد الإيقاعات نفسها..مسة، تنقسم كل النوبات إلى الميازين الآتية: البسيط. والبطايحي. والقائم ونصف. والقدام. والدرج.
تعد مدن قرطبة وإشبيلية وبلنسية، المهد الأول لهذا الفن، حيث كانت هذه الحواضر الأندلسية خلال القرن الحادي عشر الميلادي تتنافس فيما بينها لتقديم أجود ما تعرفه في هذا المجال، وقد شكل هذا الأسلوب الذي عرفته هذه الفترة التاريخية المدرسة الغرناطية الأولى.
أما المدرسة الغرناطية المتأخرة، فقد اكتملت معالمها كتركيب لمجموعة من الأساليب السابقة في القرن الخامس عشر الميلادي، آخر فترة من وجود العرب بالأندلس، وقبل خروج بني الأحمر من آخر معقل للمسلمين بغرناطة. وقد استقر هذا الفن الأندلسي الأصيل – على الخصوص –بالجزائر، وتعهدته أساسا مدينة تلمسان، كما انتشر لاحقا إلى شقيقتها وجدة بالمغرب الأقصى في بداية القرن العشرين، وقد أثرت فيه الموسيقى التركية العثمانية من حيث الأداء الصوتي والموسيقي، برغم أن أساس اللحن لا يتغير.
النوبات في الطرب الغرناطي 12 نوبة كاملة: الرصد، المزموم، الزيدان، المْجَنْبة، الَحْسِين، الرَّمْل، رمل، الماية، السِّيكَة، الذيل، رصد الذيل، الغريب.
أما الناقصة منها فهي الموال، وغْريبَة الحْسْين، والجَّرْكاه، والعُراق. في كل نوبة خمسة مقاطع أو إيقاعات (ميازين): الَمْصَدَّرْ، والبْطايْحِي، والدَّرْجْ، والاِنْصِرافْ، والْمُخْلَصْ.
هناك عدة مدارس للموسيقى الاندلسية وفروعها منها، وجدة المدرسة الموصلية للطرب الغرناطي، وجمعية أحباب الشيخ صالح، والجمعية الإسماعيلية، وجمعية نسيم الأندلس، والعديد من مكونات النسيج الجمعوي تسهم في الحفاظ على المورث الثقافي الأندلسي.

النوبة التونسية
تتركب النوبة التونسية من معزوفات ومقطوعات غنائية تتوالى حسب ما يلي:
1_الاستفتاح:
هو لحن غير خاضع لإيقاع معين، يبنى على المقام الأساسي للنوبة، فيبرز أهم خصائصه. وكان في الماضي يؤدى بطريقة مرتجلة، ثم تمّ ضبطه بكيفية تجعل العازفين قادرين على ادائه بطريقة موحّدة.
2_المصدّر:
هو مقدمة موسيقية تشبه في هيكلتها «السماعي التركي»، وتتركب من خانتين أو ثلاثة يتخللها التسليم. وتبنـى على ايقاع ثقيل يسمــى بدوره مصدّر 4/6 وتختم هذه المقدمة بالطوق والسلسلة، والملاحظ، كل من الطوق والسلسلة يتركبان من خلية لحنية يعاد أدائها على شتى درجات سلم المقام، انطلاقا من الجواب ووصولا إلى درجة الارتكاز.
3_الأبيات:
تنشد الابيات التي تختار من قصيدة بالفصحى في ايقاع بطيء، يسمى بطايحي، وتكون مسبقة بمقدمة موسيقية قصيرة.
4_البطايحي:
أبيات ملحنة في ايقاع البطايحي، وتكون أيضا مسبقة بمقدمة موسيقية قصيرة في ايقاع سريع يسمى برول (4/2) ثم بطئ بطايحي.
5_التوشية:
معزوفة تؤدى في مقام النوبة الموالية حسب الترتيب التقليدي المشار اليه آنفا، وتنطق التوشية في ايقاع البرول وتنتهي بإيقاع البطايحي، وتتخللها ارتجالات على شتى الآلات الموسيقية.
6_البراول(مفردها برول):
مقطوعة غنائية استمدت من الإيقاع التي بنيت عليه وتشمل كل نوبة على عدد من البراول يتراوح بين الاثنين والاربعة يكون آخرها سريعا، ويختم به الجزء الأول من النوبة.
7_الدرج (وجمعها أدراج)
زجل ملحّن في ايقاع ثقيل 4/6 يحمل التسمية نفسها، ويكون مسبقا بمقدمة موسيقية قصيرة تسمى « فارغة «.
والملاحظ أن بعض الأدراج تبدأ بايقاع سريع يسمّى « الهروب « 4/2 يشبه من حيث عدد وحداته ايقاع « الملفوف « في الموسيقى الشرقية، ثم يختم بايقاع الدرج.
8_الخفيف (وجمعها الخفايف):
خلافا لتسميته التي قد توحي بالسرعة في النسق، فإن الخفيف مبنيّ على ايقاع يحمل التسمية نفسها، ويعد من الايقاعات الثقيلة نسبيّا 4/6 ويشبه من حيث عدد وحداته ايقاع الدرج في الموسيقى الشرقية مع فارق السرعة.
9_الختم:
وتنتهي النوبة بالختم (جمعها أختام) وهو غناء في ايقاع سريع 4/3 أو 8/6

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة