ما أسخف المتملقين ..!

-1-
لو قيل لك :
أرايتَ انساناً يتملقُ فقيراً ؟
لأجبتَ بكلّ تأكيد :
لا
ذلك أنَّ الفقير مهجور ، لا يَعْني به من حَوْلَهُ ، الاّ من خرج بالدليل ،
والاستثناء لا يقاس عليه ..
-2-
أما أصحابُ الثروات والوجاهة الاجتماعية ، والمكانة المتميزة ، فهم في الغالب يطربون لألحان المنافقين والمتصنعين ، ممن لا يقيمون وزنا للحقائق ، وهؤلاء يجعلون (القبيح) منهم (جميلا) و(المسيء) (محسناً) (والكذاب) (صدوقا) …
-3-
وأما الدرجة العليا من النفاق الاجتماعي فانها تختص بالسلطويين الكبار الذين تُكال لهم الأماديح دون توقف، ويُتغّنى بمواقفهم حتى اذا كانت جائرة محزنة ..!!
أَنسيتم ماذا كان يقول أصحاب الأقلام المأجورة في الدكتاتور المقبور ؟
أنسيتم ما كان يكتب عنه من أطاريح ورسائل جامعية ، تُشيد بعبقريته الفذة ، وشخصيته المتميزة ، وبطولاته وانجازاته ؟
مع انه سلب الانسان العراقي حريته وحقوقه، ولم يُبقِ له حرمةً ولا كرامة ، وقد ملأت المقابر الجماعية الديار ..!!
-4-
والمتملقون يتكاثرون جيلا بعد جيلا وكأنها عمليةُ انشطار أميبيّ ..!!
وما نشهده اليوم على لسان بعض المتملقين الطامعين بكسب ودّ هذا القطب السياسي أو ذاك ، لا يكفوّن عن عَزْف أناشيدهم المملوءة بالزيف والأكاذيب .
والغريب أنَّ القسم الأكبر من رجال السلطة ليسوا بذوي مِعَد هاضمةٍ ، حيث ينفرون من الكلمة الصادقة وصاحبها ، ويستعذبون ما يُطلقه عليهم الانتهازيون من نعوت وصفات تُرضي غرورهم ، وتُشبع حاجاتهم النفسية المريضة …
-5-
قد يقول البعض :ان الآراء تتباين وتختلف في الكثير من الأشخاص والاشياء ، فلماذا تُطلق على المادحين للسلطويين صفة المتملقين ؟
انّ موازنة عام 2019 مثلاً، قال عنها أحد اعضاء اللجنة المالية بأنها أسوأ موازنة في تاريخ العراق ، بينما هنّأتْ بها عضو آخر الشعب العراقي ..!!
والجواب :
انا لا ننكر ظاهرة الاختلاف في الآراء بين الناس في أبسط القضايا فكيف بالقضايا الخطيرة؟
ولكن إطلاق (النجاح) الباهر على (الفشل) أمرٌ مرفوض بكل الموازين فكيف يُراد منا القبول به ؟
-6-
وقد عثرتُ على ورقة ضمّت أبياتا من الشعر قلتُها في المخادع اللعوب الذي يجتذب السُذّج والبسطاء ويُوهمهم بأنه رجل الساحة والساعة..
أحببتُ أنْ أوردها في الختام ليطلع القارئ على أنّ هناك ميلا من بعض السلطويين لكسب المتملقين .
أمطروه بوابل القُبلِ
ودَعَوْهُ بالفارسِ البَطَلِ
غير انَّ اللعوبَ ذو حِيلٍ
ربِّ سلَّمْ مِنْ صاحبِ الحِيَلِ
ليس يُرجى الصوابُ مِنْ نَزِق
لم يكنْ بالمناضلِ الرجلِ
انه ( زائغ) يُطّل على
ساحِنا في ثيابِ (مُعْتَدلِ)
واذا المرء لم يكن ثقةً
قد يديف السموم بالعسلِ
ضيعّ الحقَ والوفاءَ معا
وتمادى بالزيفِ والزللِ
بصماتُ الدجّال واضحةٌ
في مقولاتهِ وفي العملِ
حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة