أحلام يوسف
قد ينحصر مفهوم الفن أكاديميا بالتشكيل والمسرح والسينما وغيرها، لكني أرى ان الفن ينضوي تحت رايات عدة، واعمال كثيرة، مثل النجارة والحدادة، فان لم يكن صاحب هذه الحرفة فنانا، لما اتقن عمله بالنحو المطلوب ولن ينتج عملا استثنائيا، او مميزا.
يقول الكاتب الروائي والقاص كورت فونيجت: احتم بالفن، أنا لا أمزح على الإطلاق، الفن ليس وسيلة لكسب العيش فقط، بل إنهُ الطريقة الإنسانية لجعل الحياة أكثر احتمالا، قُم بممارسة الفن، من دون أن تهتم إن كُنت تقوم بذلك بشكل جيد أو سيء، الفن هو الطريقة الصحيحة لجعل روحك تنمو وتزدهر، من أجل السماء، قُم بالغناء وأنت تستحم، أرقص وأنت تستمع الى الموسيقى في الراديو، احك حكايات وقصصا للأخرين، أكتب قصيدة إلى صديق لك، حتى لو كانت سيئة جداً، حاول أن تُمارس الفن قدر استطاعتك، فسوف تحصل على مُكافأة مجزية. جدا، وهي أنك أبدعت شيئا ما.
روح الفنان، حارسنا الشخصي الذي يرافقنا أينما حللنا وفي كل وقت واوان من دون اجر، ومن دون توجس او ريبة منه او به، يحميك من شر نفسك، ومن شر أي فكرة مشوهة قد تخطر على بالك يوما لسبب او لسبب اخر، قد تكون بدافع الانتقام او الثأر، لننطلق، فهناك مساحات كبيرة في الحياة لم نصلها بعد.
باستطاعة أي منا، ان يلعب دور الفنان، مع العائلة، الاطفال، يمكن ان نلعب دور الراوي، او الممثل، ونحن تقص عليهم حكاياتنا الأسطورية والخيالية، فنمتعهم بقدر متعتنا ونحن تكتشف جوانب من ذاتنا وشخصيتنا، لم نكن لنعرفها لولا مساحة الحرية التي وهبها لنا الطفل، والفن الذي يقبع داخل روحنا.
الكثير منا يعشق الغناء، لكنه يحذر من ممارسة هوايته تلك، قد يجد ان صوته ليس بملائم ويدعو للسخرية، لكن.. هل سلبنا حق أحد ان أطلقنا اجنحة حنجرتنا لتتنقل بحرية بين بساتين وازاهير الفكر والروح؟ ابدا، نحن نخاف أحيانا من كذبة اختلقها الوهم، علينا ان نواجهه ونتحرر منه.
نحتاج جميعنا الى شجاعة ترافق روح الفنان التي نسعى اليها، الشجاعة هي ما يساعدنا على تحقيق ذواتنا، وتأخذ بيدنا لنطلق العنان لمخيلتنا، فترقى بنا الى مديات رائعة، كنا نجهلها بسبب خوفنا من اكتشاف المجهول، لنجمح بأحلامنا، فتكاد تكون الحالة الوحيدة التي نمتلك فيها حريتنا من دون قلق. الفن روح شجاعة، وربما يكون هذا تعريفها الاروع.