حاوره ـ سمير خليل:
منذ العام 1990 تنقل الفنان سهاد نجم عبد الله بين المؤسسات الفنية العراقية، فقام بتدريس الموسيقى في معهد الدراسات الموسيقية ومعهد الفنون الجميلة ومدرسة الموسيقى والباليه.
اول أستاذ يفتتح فرعا لآلة القانون بقسم الموسيقى لكلية الفنون الجميلة في بغداد، وظل مدرسا في هذا القسم حتى عام 2002 حين بدأت رحلة الغربة.
للفنان سهاد حلم بتأسيس مدرسة كبيرة تعنى بالموسيقى العربية والعراقية والحفاظ عليها، لاعتقاده ان المدرسة الموسيقية العربية اليوم على شفا حفرة الانقراض بسبب التهجين الذي تسلل اليها من المدارس الأخرى.
عن بداية علاقته بالموسيقى وعشقه لآلة القانون يقول: انا من عائلة فنية والدي الفنان الملحن نجم عبد الله الذي برز في اغنية الطفل في سبعينيات القرن الماضي، وكنا في فرقة الاطفال التابعة لإذاعة بغداد التي ضمت اسماء كبيرة تخرجت من هذه الفرقة كمهند محسن، وهيثم يوسف، ووحيد علي، وقبلهم بلقيس فالح، وعلاء سعد رحمه الله. وبرغم انني فتحت عيني على آلة العود، الا انني قررت اختيار آلة القانون خلافا لتوقعات والدي، والذي تفاجأ باختياري آلة اخرى مع كورال فرقة الأطفال.
وتابع: كنت برفقة الفرقة الموسيقية بقيادة الفنان حسن الشكرجي. شغفت بآلة القانون التي كان يداعب اوتارها، فترسخت في مخيلتي، وقررت اختيارها رفيقة ابداعي، لأنني أجد ان لها هيبة خاصة، وعندما قررت دراسة هذه الآلة اكتشفت انها من اهم الآلات في الموسيقى العربية، بل هي الآلة الاوسع في المساحة الصوتية.
كيف تجد حال الموسيقى في العراق؟
-للأسف انا على تواصل مع اساتذة الموسيقى في العراق، او ما تبقى منهم، يعانون كثيرا من التهميش. المستوى الثقافي في العراق بنحو عام تضعضع كثيرا، لا توجد مؤسسات او جهات عليا تحتضن هذا العنصر المهم من الثقافة الإنسانية، موسيقانا تأثرت بذلك كثيرا، اتمنى بألم ان يكون الله بعون الموسيقيين في العراق في ظل هذا الاهمال وعدم الدعم والتشجيع، الموسيقى العراقية تعيش حالة حزن كبير.
* لماذا قررت الرحيل بعيدا عن بلدك ؟ وكيف استطعت العمل في الغربة؟ برغم أنك تحترف آلة موسيقية صعبة؟
-غادرت العراق عام 2002 بعد ان تلقيت دعوة للتدريس في المعهد االعالي للموسيقى في جامعة صفاقس التونسية، ومكثت في تونس لغاية العام 2011 عملت خلالها في «الكونستوار» المعهد الوطني للموسيقى في مدينة صفاقس، وفي «كونستوار» المعهد الوطني للموسيقى في سوسة، والمهدية. وبعد الخريف العربي وليس الربيع العربي، اضطررت لتقديم استقالتي ومغادرة تونس بعدما تعرضت لمضايقات شخصية، فشددت الرحال صوب بلجيكا.
وتابع: في بلجيكا افتتحت مدرسة عربية لتعليم العزف على آلة القانون في المركز الثقافي العربي في مدينة ليج، وقمت بتدريس مستويات متقدمة جدا، وعملت بجد لتعليم الاطفال العزف على هذه الآلة. اطفال يعزفون الالحان العراقية وهم لا يتحدثون العربية ولا يفقهون شيئا عن الموسيقى العراقية.
وأضاف: لأول مرة اطفال بعمر الست الى العشر سنوات يعزفون عزفا جماعيا لأغاني (فراكهم بجاني) و(على شواطي دجلة مر) بأرقى الجمال على آلة القانون، ووصلت بهم للمشاركة في برنامج (آرب غوت تالينت) المعروف الموسم الماضي. ولدي هذا الموسم مشاركة مع احدى تلميذاتي «.
يضيف: هناك سيدة يابانية، السيدة يوكو تلميذة عنده، تدرس عن طريق الانترنيت، وتعزف اليوم الاغنيتين نفسها ويضيف: بإمكان الجميع مشاهدة طلبتي يعزفون الاغاني العراقية في اليوتيوب. انا اعمل باسلوب منهجي خاص اتفرد به، ومن القلة القليلة التي تقوم بتدريس آلة القانون بالوطن العربي ان لم أكن الوحيد، واذا وجد غيري فمن النوادر، فعادة ما تبدأ المدارس الموسيقية بعمر تسع أو عشر سنوات، اما انا فأبدأ من عمر ست سنوات.
*وعن علاقته ببلده قال سهاد:
– احاكي العراق بلغة الموسيقى، بعد ان اسست في بلجيكا فرقة موسيقية تضم طلابا من شتى جنسيات العالم، وجعلتهم يعزفون معي الحانا عراقية، فعزفنا معا مقدمة مقام الاورفة من التراث العراقي، وكذلك موسيقى شروق للموسيقار جميل بشير، عدا مؤلفاتي الموسيقية الخاصة. أقدم موسيقى بلدي اينما حللت، وهي حاضرة معي خلال ادائي لنماذج التراث الموسيقي العراقي. العراق حاضر معنا اينما نكون، نعتز به حتى وان تغربنا عنه وحصلنا على جنسيات بلدان اخرى، مازلنا نحافظ على جنسيتنا العراقية الاصيلة.
. *هل من تشابه بين الواقع الموسيقي في العراق والدول التي عملت بها؟ «لايوجد تشابه، كل الدول العربية برغم صعابها تهتم وتشجع الموسيقى من خلال المهرجانات والمسابقات. مؤخرا تلقيت دعوة من المغرب وتحديدا من جامعة افنان في مدينة سلا الرباط لإقامة ورشة للعزف على آلة القانون، وقمت بتدريس عدد من الطلاب، وكرمت هناك بوصفي أحد الاساتذة الكفوئين في هذه الآلة، كل الدول العربية تهتم بالموسيقى الا العراق مع الأسف.
* وما مشاريعك المقبلة وهل في مخططاتك زيارة العراق؟
لدي دعوات للمشاركة في مهرجانات دولية، هناك دعوة في غرناطة بإسبانيا خلال الشهر المقبل للمشاركة مع فرقة موسيقية تضم خليطا من عازفين اسبان وعرب احدهم من سوريا، وانا كعازف قانون، نعزف خلالها نماذج من التراث الموسيقي وموروثنا العربي الأصيل، اضافة لعروضي مع فرقة «ريفجسفورريجس» البلجيكية، والتي تضم مجموعة من المبدعين، خليط جميل من جنسيات التبت، وأفغانستان، والباكستان، وسوريا، وبلجيكا، اضافة للعراق، نقدم من خلالها نماذج من التراث الموسيقي لبلداننا، وانتجت القرص الاول الذي لم اشارك فيه، لكني سأشارك في الثاني، والذي سيصدر خلال شهر شباط المقبل، عزفت فيه موسيقى عراقية.
ويتابع: مؤخرا تلقيت دعوة من دار الاوبرا الكويتية لافتتاح مدرسة موسيقية للأطفال، مدرسة كبيرة معترف بها من دار الاوبرا تضم فريقا تدريسيا متميزا من دولة الكويت». وبالنسبة لزيارة العراق، اتمنى ان اكون في بلدي العراق بأقرب فرصة، وان اقدم كونسرتو (ماستر كلاس) واقيم دورة لتعليم آلة القانون ان توفرت الاجواء المناسبة، وباعتقادي ان هذه الدورة ستفيد طلبة الموسيقى في العراق، للأسف هناك ضعف فيما يخص مستوى آلة القانون، والمفروض تهيئة الاجواء المناسبة التي تدعم الاستاذ والتلميذ على اقامة اماس موسيقية داخل العراق وخارجه.