صرخ أحد أباطرة الصين في اسطورة دونتها كتب التاريخ، حين طلب من رسام بلاطه أن يزيل صورة الشلال الذي رسمه على جدران قصره، لأن صوت الماء يمنعه من النوم! .
هذه القصة تعبر تعبيرا صادقا عن قوة الصورة والفعل الكامن في أنشائها التصويري، فهي أي الصورة، تخلق حولها الحياة، ويقينا يتم أدراكها بجميع الحواس، وربما تعني قوة الفنان في إيصال فكرة الحدث والجدوى منها للمتلقي زيادة سعة ثقافاته، وأحداث هواجس وتشغيل الذات فيما بعد.
هي حيوات تتجدد مع رؤى المتلقي في زمن عراقي أصيب بالعطب من جراء كثرة الصور التي تعرض علينا، وحشود الكتل الكونكريتية وهي تقف حائلا أمام فسحة الجمال إن وجدت، حيث أصبح الفن مجرد تصنيف لتشكيلات لونية وليس تساؤلا فكريا ومتعة النظر أو تجسيدا بصريا لقصص اللون.
يقول جان جاك روسو « قلة الرؤية تدفع الى المزيد من التخيل « وماذا يمنحني في واقع الفوضى التي تلاحق تفاصيل « الفنان « وهو يدون لي أنماطا فكرية تعج بها ذاكرتها، وفيها يصبح التأثير أقل فيما تريده المدونة؟ .
هي صورة أخرى تماثل صوت الشلال الذي أراد أبعاده أحد أباطرة الصين عن قصره، ليرد عليه ريجيس دوبريه « عندما يرى كل شيء لا يعود لأي شيء قيمة «.
لذا كانت (الجورنيكا) على يد(بيكاسو) صورة لأبشع عنف مارسه الأنسان الطاغي في مفهوم الحياة، تنطق بالألم والأحتجاج ضد أرهاب الانسان الذي لا يرى أي شيء دون صورته، ليقول بيكاسو لوزير فرانكو « انت من رسم هذه اللوحة «!
تدون أكثر من مقتربات الصورة لترى بشاعة الأضطهاد بالأسود والأبيض يتجلى في مثاليات الوحدة والقسوة مع ذات لا تخلو من الأنبهار في فعل ما يوجد للكبرياء الطاغي، في عرف الجلادين. … تحلم بالسلام، في مشهد بصري جسده فائق حسن على ساحة ارتفعت بكبرياء في ساحة الطيران.
أفكر الان، يا لفرحي، كيف نساها طاغيتنا طوال أكثر من ثلاثة عقود؟ أكان لا يدرك معنى الفعل الكامن في تفاصيلها؟
أية أوجاع تحملت، وتحملنا، والسلام غائب منذ أن انتصبت الجدارية والى تماثل الصورة الان، لتصبح الفكرة، قوة مادية يفهمها عامل المسطر، وهو يلوذ بأوجاعه أمام مرآة « المقاول « الجشع في تصوير البطل مسطرا الطابوق نحو الطابق الثاني وهو لا يمتلك غذاء الغد الاتي، ليعيش عامل المسطر، بفهمه البسيط، أمام صورة فائق حسن منتظرا بصبر كبير من يشير له بعمل مؤجل وهو حلم يومه. ماذا لو تجد هذه الصور تماثلا في مخيلة الشعراء والأدباء لتلك الانكسارات والخسارات اليومية، لتجد لها تماثلا لدى السياسي؟.
فهد الصكر
تماثل الصورة
التعليقات مغلقة