الحكومة لوحت بفرض الطوارئ
متابعة ـ الصباح الجديد:
أمر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيس الوزراء إدوار فيليب بإجراء حوار مع قادة الأحزاب وممثلين عن المحتجين. جاء ذلك خلال اجتماع أزمة أمس الاول ، السبت بعد تلويح الحكومة بفرض حال طوارئ في البلاد، إثر عنف وشغب وفوضى تُعتبر سابقة شهدتها باريس السبت الماضي في إطار احتجاجات «السترات الصفر»، تحوّلت اضطرابات هي الأسوأ في العاصمة منذ العام 1968.
وفي خطوة رمزية، توجّه ماكرون مباشرة لدى عودته الى باريس ، آتياً من الأرجنتين حيث شارك في قمة مجموعة العشرين الى «قوس النصر» لتفقد الأضرار التي لحقت به السبت الماضي، إذ استهدفه محتجون، دعوا الرئيس الى الاستقالة وكتبوا على واجهة القوس الذي شُيِد في القرن التاسع عشر، عبارة «ستنتصر السترات الصفر».
وكان ماكرون اتهم المتظاهرين بأنهم «يريدون إشاعة فوضى»، داعياً الى محاسبتهم. وأضاف: «ليست هناك أي قضية تبرّر مهاجمة قوات الأمن ونهب محال تجارية وتهديد مارّة أو صحافيين وتشويه قوس النصر». واعتبر أن ذلك «لا يندرج في إطار التعبير عن غضب مشروع»، وزاد: «سأحترم الاختلافات دوماً. أستمع الى المعارضة دوماً، لكنني لن أقبل بالعنف». وشدد على ضرورة حجز «مكان لعمّالنا في (زمن) العولمة».
وأعلنت السلطات جرح 263 شخصاً اثناء الاحتجاجات في أنحاء فرنسا، بينهم 133 في باريس حيث اعتُقل 412 وأوقف 378 على ذمة التحقيق. امس الاول الأحد قُتل سائق سيارة في آرل جنوب شرق البلاد، بعدما اصطدم بشاحنة متوقفة بسبب زحمة سير نتيجة حاجز لـ»السترات الصفر». ويرفع الحادث إلى ثلاثة عدد القتلى منذ بدء التحرّك قبل 3 أسابيع.
وأثارت الأضرار صدمة لسكان العاصمة، فنزل كثيرون إلى الشوارع لمعاينتها، علماً أن عشرات السيارات والدراجات النارية المتفحمة كانت لا تزال صباح امس في الشوارع، وحولها واجهات محال محطمة، بعد نهبها، فيما توزّعت بقايا القنابل المسيّلة للدموع على شوارع وأرصفة، قبل تنظيفها. كذلك حطّم محتجون ملثمون منازل ومقاهي فخمة ونوافذ متاجر لـ «آبل» و»شانيل» و»ديور».
وعادت الحركة مجدداً أمس الى محيط قوس النصر، وشوهد كثيرون يتجوّلون في جادة الشانزيليزيه ويلتقطون صوراً. وقالت امرأة فرنسية: «جئت الى هنا لأنسى الصور التي رسخت في ذهني (السبت) الماضي. الأمر كان فظيعاً، أريد أن أرى الحياة الطبيعية عادت الى الشانزيليزيه. أنا خائفة على بلدنا الجميل». أما جوسلين، وهي أستاذة أدب متقاعدة، فأسِفت لما حصل، واستدركت: «أجد أن هناك مطالب محقة، والتفاوت في المستويات الاجتماعية كارثي، لم يتغيّر شيء منذ 40 سنة، لا بدّ من تبدّل جذري».
وكان محققون تابعون للشرطة التقطوا صوراً لشعارات كُتِبت على قوس النصر، قبل إزالتها، وبينها «إنها نهاية النظام» و»السترات الصفر سينتصرون» و»نعمل لقلب البورجوازية».
وأظهرت تسجيلات مصوّرة الجزء الداخلي من القوس حيث حُطِم جزء من تمثال ماريان، وهو رمز للجمهورية الفرنسية. وقالت جان دوتسير، رئيسة بلدية الدائرة الثامنة في باريس قرب قوس النصر: «نعيش حال تمرد، ولم أرَ في حياتي شيئاً كهذا». وعقد ماكرون اجتماعاً امس الاول الاحد، حضره إدوار فيليب ووزير الداخلية كريستوف كاستانير والأجهزة المختصة».
وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن ماكرون طالب وزير الداخلية بإعداد قوات الأمن لاحتجاجات أخرى، ورئيس الحكومة بإجراء محادثات مع قادة الأحزاب السياسية وممثلين عن المحتجين.
وكان كاستانير لوّح بفرض حال طوارئ، تفادياً لمزيد من العنف السبت المقبل. لكن وكالة «رويترز» نقلت عن مصدر رئاسي إن ماكرون لم يناقش الأمر خلال اجتماع الأزمة أمس.
وبدا أن معسكر الرئيس يوجّه إشارات متضاربة، اذ قال الناطق باسم الحكومة بنجامين غريفو إن ماكرون منفتح على حوار، مستدركاً أنه لن يتراجع عن إصلاحات ينفذها، وتابع: «لن نغيّر مسارنا. هذا هو الاتجاه الصحيح ونحن متيّقنون من ذلك». لكن كاستانير أقرّ بأن الحكومة «أخطأت أحياناً في التواصل» مع المحتجين، فيما قال المسؤول الجديد عن حزب «الجمهورية إلى أمام» الحاكم ستانيسلاس غيريني: «أخطأنا بحيث ابتعدنا كثيراً عن واقع الفرنسيين».
ودعا رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه الحكومة الى تقديم «ردّ سياسي» على الأزمة، فيما طالب رئيس حزب «الجمهوريين» اليميني لوران فوكييه مجدداً باستفتاء حول السياسية البيئية والضريبية لماكرون. أما جان لوك ميلانشون، رئيس حركة «فرنسا المتمردة» اليسارية المتطرفة، وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن، فطالبا ماكرون بالاستقالة وبحلّ البرلمان وتنظيم انتخابات مبكرة.