أرتبط الشعر السياسي العربي الحديث بالوضع القائم وكذا الحاكم وسلطته، ارتباطاً لا انفصال فيه، فالحاكم له دور كبير في حياة المواطن وحتى تربيته وتربية سياسية توافق ما يراه هو، تربية تترواح بين ترغيب تارة وترهيب تارة اخرى إن لم يكن دائماً… حتى يجبر المواطن على القبول بحياته والوضع الراهن والرضوخ لسياسيته هو لا غيره.
لو رجعنا قديماً لنرى ما يحويه الادب من الشعب السياسي فسنجد بداية ملامحه كانت عند الملك الضليل (امرىء القيس)، حيث بدأ الحكم ينسحب من تحت قديمه قليلاً فقليلاً… حيث قال:
وقلت له: لا تبك عينيك انما نحاول ملكاً أو نموت فنعتذرا
أما في العصر الاسلامي وعصر الرسول والتدين بل عصر الانقلاب السياسي و الاجتماعي فكان حامل لوائه حسان بن ثابت بل كاد أن يكون ناطق الاسلام..
واذا انتقلنا إلى العصر الاموي فسنجد الاحزاب وتنوعها فكان الابتعاد قليلاً عن تأثير الاسلام، واعلم أن حيث ظهرت الاحزاب ظهر الاختلاف فالشعر السياسي.
فقال احدهم في معاوية:
فما انت والامر الذي لست اهله ولكن ولي الحق والامر هاشم
أما شعراء العصر العباسي فاختط الكثير منهم هذا الطريق فهذا المتنبي يقول في كافور
عدوك مذموم بكل لسان ولو كان من اعدائك القمران
أما المعارك والفتن والحروب الصليبية فكان بطله العصر الاندلسي، ومثلنا ابن زيدون يوم كان مسجوناً قال:
وكذا الحكم: اذا ما عزَّ على ناس ذل ناس
في عصر النهضة وما بعد احتلال نابليون والحملة الفرنسية وظهور المطابع والصحف والترجمة ظهر شعراء كثيرون لكني اخترت شاعراً عربياً قد يكون للعصر الحديث أقرب وهو امير الشعراء «احمد شوقي» الذي كانت عواطفه نحو بلده اشبه بالتقديس
وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتي اليه في الخلد نفسي
أما في العراق فظهر شعراء كثر في العصر الحديث كان ديدنهم وشغلهم الشاغل «الوطن» ما له وما عليه وما يعانيه؟
منهم الرصافي والكاظمي والزهاوي والجواهري…
إن مما لاشك فيه أن العرب قد خلطوا بين الدين والسياسة وجعلوهما خطاً واحداً لا اثنين متوازيين فقط..
وقد يكون احمد مطر زعيم الشعر السياسي في ادبنا اليوم ولكن ابتعد عن الحاكم ومهادنته فلهذا اصبح منسياً في نظر الاغلب أو فلنقل أنه غُيِبَ لغاية في نفس يعقوب، ولكنه سيظل نبراساً يضيئ العتمة التي ارادوها.. وقد قال:
واقول: كل بلادنا محتلة لا فرق أن رحل العداء أو رانوا
ماذا تفيد ان استقرت ارضنا واحتلت الارواح والابدان
كرامة حسام الساموك
انطباعات عن الشعر السياسي
التعليقات مغلقة