بغداد- الصباح الجديد:
أعلن مصدر حكومي رسمي أن الرد على عرض حلف الشمال الاطلسي (ناتو) بالتدخل العسكري في العراق سيكون بعد تشكيل حكومة حيدر العبادي، مؤكدا عدم المقدرة حالياً على اتخاذ قرارات استراتيجية تتعلق بالملف الامني.
يأتي ذلك في وقت، توقع مراقبون ان تطلب حكومة العبادي المساعدة الدولية للقضاء على تنظيم (داعش)، لافتين الى ان الجهات السياسية الرافضة للتواجد الاميركي ستكون مضطرة للتعامل مع القوات الدولية حال دخولها البلاد كونها تحمل الصفة القانونية.
وقال مصدر رسمي إلى «الصباح الجديد» أن «الرد على عرض حلف الناتو بالتدخل العسكري في العراق سيكون بعد تشكيل حكومة العبادي».
وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر أسمه أن «وجود رئيس وزراء منتهية ولايته وهو نوري المالكي، واخر مكلف (العبادي) يحول دون اتخاذ قرارات مهمة تتعلق باستراتيجية الملف الامني»، متوقعا أن «تطلب الحكومة هذا التدخل للحد من تنامي الخطر الارهابي وسيطرته على اجزاء واسعة من العراق».
وقبل ذلك، كان الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسمونسن, قد أعلن أمس الاربعاء, عن استعداد الحلف للتدخل عسكريا ومساعدة العراق بشان القضاء على التنظيمات المسلحة, اذا طلبت منه الحكومة العراقية ذلك.
وقال راسمونسن في تصريح صحفي ان « الحلف على استعداد لمساعدة العراق عسكريا», مبينا ان « طلب العراق لتعزيز هذه الشراكة بشكل أكبر, فاعتقد ان الحلفاء في الناتو سينظرون الى هذا الطلب بطريقة بناءة».
واضاف راسمونسن ان «على المجتمع الدولي مسوولية وقف تقدم المجاميع المسلحة», مبديا ترحيبه في الوقت ذاته بـ» الضربات الجوية على هؤلاء المسلحين».
إلى ذلك يقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عبد الجبار السعيدي الى «الصباح الجديد» إن «العراق مرتبط باتفاقية مع حلف الشمال الاطلسي بتدريب قواته ومساعدته حين تقتضي الحاجة».
وتابع السعيدي ان «الناتو عندما طلب اجازة الحكومة العراقية للتدخل فهو يمشي على خطى الرئيس الاميركي الذي وضع نفس الشرط»، لافتا إلى أن «هناك حلف دولي يقف بالضد من داعش وعلى حكومة العبادي وبعد تشكيلها طلب التدخل للقضاء عليه واستغلال اتفاق جميع المحاور على مقاتلة التنظيم الارهابي».
ويرى ان «واشنطن تقف وراء هذا الطلب كي لا تكرر تجربة الدخول في العراق عام 2003 خصوصا وان حزب اوباما قد وعد الشعب الاميركي بعدم التدخل برياً في منطقة الشرق الاوسط».
اما بخصوص موقف الجهات السياسية الرافضة للتواجد الاجنبي في العراق توقع استاذ العلوم السياسية «أنها ستكون مضطرة للتعامل مع حلف الناتو لانه يمثل المجتمع الدولي ويحمل الصفة القانونية في تنفيذ اعماله كما أن خطر تنظيم داعش وسيطرته على بعض المحافظات سيكون حافزا على ذلك».
وقد التزم الحلف منذ عام 2004 بمساعدة العراق على تشكيل قوات مسلحة فاعلة, عن طريق تأسيس بعثة الناتو للتدريب في العراق (NTM-I) في نفس العام، التي تم سحبها من العراق في 31 كانون الثاني 2011 حين انتهت مدة التفويض ولم يتم التوصل الى اتفاق بشأن الوضع القانوني لقوات الناتو المتواجدة في العراق.
وتم تشكيل بعثة الناتو للتدريب في العراق (NTM-I ) وفقا لقرار الامم المتحدة رقم 1546 وبطلب من الحكومة العراقية الموقتة آنذاك, ولم تكن مهمتها قتالية بل تلخصت مهامتها على التدريب والمراقبة, والتبرع بالمعدات والتنسيق من خلال مجموعة الناتو التدريب والتنسيق.
وقد قامت من عام 2004 ولغاية 2011 بتدريب اكثر من 5000 من افراد الجيش وما يقارب من 1000 من افراد الشرطة. واقامت حوالي 2000 دورة تدريبية في عدد من الدول الحليفة.
وتم التبرع بما قيمته 115 مليون يورو من الاجهزة والمعدات العسكرية واكثر من 17,5 مليون يورو على شكل تبرعات للصندوق الائتماني من 26 دولة من اعضاء الحلف لاغراض التدريب والتاهيل على مرافق موسسات الناتو.
ورغم انتهاء مدة التفويض الا ان الدول الحلفاء استمرت بالتزامها تجاه تعزيز قدرات العراق الامنية والمساهمة في امن المنطقة.
ورحب الاعضاء المتحالفين في قمة شيكاغو الاخيرة بالتقدم الذي احرزه العراق العراق وبتأسيس الخلية الانتقالية للمساعدة بتعزيز الشراكة بين العراق وحلف الناتو.
كما تم اعادة التأكيد في قمة لشبونة على استعداد الدول الحليفة لتعزيز هذه الشراكة عن طريق وضع اطار منظم للتعاون المشترك.
وتبعها في نيسان 2011 تبني الدول الحليفة لسياسة شراكة اكثر مرونة وشمولية, وبدأ العمل بالتحضير لبرامج عمل فردية للشراكة والتعاون مع العراق, ومن المتوقع اتمام ذلك في خلال الاشهر القادمة.
كما قامت منظمة حلف الناتو خلال شهر حزيران من عام 2012 بانشاء خلية انتقالية موقتة في العراق لتمهيد الطريق امام تعزيز الشراكة والتعاون, كما اتفقت المنظمة مع العراق على تعزيز الحوار الاستراتيجي وتطوير قدرات العراق الامنية من خلال بناء القدرات, التبادل والتعليم والتدريب.
وتدعم خلية الانتقال الحديثة الحكومة العراقية لوضع الاسس لآلية تنسيق موحدة ومشتركة بين الوزارات لغرض ادارة التدريب والتعاون ضمن خطة الشراكة بين العراق وحلف الناتو.
يستند هذا التعاون على الالتزام المشترك لتعزيز القدرات في مواجهة التحديات المشتركة والتهديدات, كما تعبر عن وجهة نظر مشتركة لدعم التعليم بشكل مهني وتطوير قدرات القوات الامنية العراقية.