لقاء استهدف تعزيز التعاون بقضايا الطاقة والاقتصاد
بغداد – الصباح الجديد:
حققت الزيارة التي قام بها امس رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي الى تركيا، نتائج إيجابية وبناءة انتظرها الشارع العراقي بصبر، سيما وان هذا الشارع يدرك ان المصالح المشتركة بين دول الجوار، اكبر تأثيرا عن نظيرتها مع دول أخرى، وفي حين اكد العبادي اثناء الزيارة، رفضه لأي اعتداء ينطلق من الاراضي العراقية باتجاه تركيا ووقوف العراق الى جانب تركيا في ازمتها الحالية، طمأن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، العراق بالحصول على حصته كاملة من المياه، بحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، تلقت الصباح الجديد نسخة منه.
وذكر البيان ان العبادي التقى امس في انقرة اردوغان، وجرى خلال اللقاء بحث تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين وملفات المياه والامن والكهرباء والطاقة والاقتصاد والثقافة والاوضاع في المنطقة.
وأضاف البيان، أن «الرئيس اردوغان أكد على ان يحصل العراق على حصته بالكامل من المياه، اضافة الى اهمية العلاقات بين البلدين وتعزيزها واعادة إعمار العراق والتزام تركيا بما اعلنت عنه في مؤتمر الكويت».
وفي السياق، قال رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي أمس الثلاثاء ان «تركيا تولي أهمية لإعادة تصدير النفط من محافظة كركوك المتنازع عليها بين أربيل وبغداد عبر أراضيها، وكذلك فتح معبر مباشر بينها وبين العراق».
وقال العبادي في مؤتمر صحافي مشترك عقده أمس مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ان «هناك رغبة تركية للاستثمار في العراق، وهناك طلب منها أيضا بفتح قنصليتين في محافظتي البصرة ونينوى، ونحن نرحب بهذا الطلب الذي يسهم في تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الجانبين».
وأضاف: «بحثنا في المجال النفطي فيما يخص تصدير النفط من كركوك وعبر الحدود العراقية من فيشخابور الى تركيا، والجانب التركي حريص على ذلك».
وتابع العبادي بالقول: «يهمنا ان يكون هناك معبر حدودي مباشر بين العراق وتركيا، وهذا ما تحدثنا عنه»، معلنا ان العراق سيقف مع تركيا في ازمتها المالية.
وفي بغداد، قال سفير تركيا لدى العراق، فاتح يلدز، إن وفدي أنقرة وبغداد سيجتمعان خلال الأسبوعين المقبلين لفتح معبر «أوفاكوي» الجديد بين البلدين.
وأوضح يلدز في حديث لوكالة الانباء التركية، أن الوفدين التركي والعراقي سيجريان زيارة ميدانية إلى مكان المعبر للبدء فعلياً بأعمال الإنشاء.
وأعرب يلدز عن ثقته بأن معبر أوفاكوي الجديد، سيجلب مزيداً من الانتعاش التجاري والاقتصادي لمدينة الموصل.
وعن زيارة رئيس الوزراء حيدر العبادي، إلى تركيا قال يلدز: «هناك مسائل مهمة ستجري مناقشتها خلال هذه الزيارة، أهمها إعادة إعمار البلاد بعد هزيمة داعش».
وذكر يلدز أن تركيا تعهدت بتوفير 5 مليارات دولار لإعادة إعمار العراق، وأن انطلاق عملية الإعمار متوقفة على تشكيل الحكومة الجديدة في بغداد.
وأشار السفير التركي إلى أن وفد العبادي يضم عددا من المسؤولين عن قطاعات الكهرباء والمياه والنفط، وأن الوفد سيناقش مع الجانب التركي كيفية إدارة هذه القطاعات، لا سيما أن بعض المدن العراقية شهدت في الأونة الأخيرة مظاهرات احتجاجية لتكرر انقطاع الكهرباء والمياه.
ومن جهته قال العبادي بشأن الزيارة في المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس الجمهورية التركي رجب طيب اردوغان في انقرة، وتابعته الصباح الجديد، «بحثنا مع الرئيس اردوغان تعزيز التعاون الثنائي في مجالات المياه والامن والزراعة والطاقة والمنافذ الحدودية»، موضحا أن «الرئيس التركي وعدنا بان تركيا ستزود العراق بحصته المائية بالكامل، وايضا سمعنا تأكيدا تركيا عما تم الوعد به في مؤتمر الكويت من أجل اعمار العراق».
واضاف العبادي، «نرفض أي اعتداء ينطلق من الاراضي العراقية باتجاه تركيا، والعراق ملتزم حسب دستوره بأن يمنع اي منظمة تعتدي من ارضه باتجاه جيرانه»، مشددا «نحن ندين ونقف بالضد منه (الاعتداء)، ولن نسمح به ونقف مع تركيا في مسألة ضبط الحدود».
وبين رئيس الوزراء، أن «هناك توجيها من الشركات التركية من قبلنا للعمل في العراق»، مشيرا الى أن «هناك طلبا تركيا، ونحن نرحب به، لفتح القنصلية التركية في البصرة وكذلك في الموصل مما يسهم في تعزيز العلاقات».
وتابع العبادي، «نعمل على فتح معبر فيشخابور الحدودي بين البلدين»، مؤكدا «نحن مع تركيا في ازمتها، وبتعاوننا يمكن ان نتغلب على الكثير من التحديات».
وفي السياق نفسه اكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لرئيس الوزراء حيدر العبادي، امس الثلاثاء، على استعداد بلاده لدعم العراق في المجالات كافة، معتبرا ان «امن العراق من امن تركيا»، فيما شدد على « ضرورة اعادة فتح قنصليتي تركيا في الموصل والبصرة «.
ووصل رئيس الوزراء حيدر العبادي امس، الى العاصمة التركية انقرة في زيارة رسمية على رأس وفد حكومي لبحث تعزيز التعاون بين البلدين والتباحث في عدد من الملفات المشتركة.
وعد محللون سياسيون وخبراء اقتصاديون، ان توقيت زيارة العبادي الى تركيا ذكي
اذ تأتي هذه الزيارة في وقت تتعرض فيه المنطقة اليوم الى ضغوط اقتصادية كبيرة وفي هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي صالح الهماشي لراديو سبوتنك:
«إن المشكلة الاقتصادية تضرب المنطقة اليوم، والعراق أيضاً يعاني منها، بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران والخلافات الأمريكية التركية، وزيارة السيد العبادي إلى أنقرة في هذا الوقت تعتبر زيارة ذكية، ذلك أن تركيا تعيش حالة من التوتر في علاقتها مع الولايات المتحدة، ويستطيع العبادي أن يستفيد من هذا الوضع ويحل الكثير من مشاكل العراق الاقتصادية وأهمها مشكلة المياه، فالتبادل التجاري بين العراق وتركيا يصل إلى أربعة عشر مليار دولار، وقد انخفض في الآونة الأخيرة إلى إحدى عشر مليار دولار، ومن الممكن أن يرتفع مرة أخرى، فأنقرة بحاجة اليوم إلى حليف اقتصادي قوي، والعراق يعتبر سوقا مهما لتركيا وإيران على حد سواء، فإذا استطاع السيد العبادي إقناع تركيا بعقد اتفاقيات اقتصادية طويلة الأمد وكذلك الاتفاق على إعادة المياه إلى نهري دجلة والفرات إضافة إلى فتح منافذ حدودية جديدة، عندئذ ممكن أن يستفيد العراق وكذلك تركيا اقتصاديا، خصوصاً وأن لدى الأتراك شركات رصينة يمكن أن يستفيد العراق من خبرتها، كما أن الأخير مثقل بالديون ولا يستطيع تقديم الخدمات التي تهم المواطنين، لذا يستطيع الاستفادة بشكل كبير من الشركات التركية التي تعمل بالآجل.»
وتابع الهماشي، « العقوبات على تركيا ليست كمثيلاتها على إيران، فالمسألة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية تتعلق بموضوع الهيمنة على المنطقة، حتى أن السيد العبادي وقف إلى جانب الولايات المتحدة بشأنها، لكن مع تركيا فالموضوع يتعلق بخلافات وليست عقوبات، وهي خلافات من الممكن حلها، وتوجه السيد العبادي إلى أنقرة جاء إدراكا منه أن الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة لا يتعلق بالعراق، على العكس من العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، والتي إذا ما انتهكها العراق فإنه سيتعرض هو الآخر للعقوبات الأمريكية، فلا ننسى أن تركيا عضو في حلف الناتو و تربطها بالولايات المتحدة علاقات وطيدة.»
وأكد الهماشي أن» زيارة العبادي إلى تركيا تنصب على حل أزمة المياه في العراق، والتي لم تظهر هذه الأزمة على وجهها الحقيقي بسبب وجود خزين مائي لدى العراق ومن الممكن أن ينخفض هذا الخزين وتظهر الأزمة على أوجها في الصيف القادم، وهناك فرصة كبيرة جدا لدى العبادي في حل الأزمة مع تركيا في ظل الوضع الاقتصادي الذي تعانيه وتراجع الليرة التركية، ويمكنه إقناع الأتراك باطلاق حصص العراق المائية وأن لن تكون في الشكل السابق، فنسبة الملوحة قد ازدادت بشكل كبير في البصرة بسبب نقص المياه.»
وأضاف الهماشي، « قد تستفيد بعض الدول الاقتصادية التي تعتمد على الصناعة من الأزمات التي تعانيها غيرها من الدول، لكن دولة كالعراق التي تعتبر دولة مالية وليس اقتصادية، فإنها لا تستطيع الاستفادة بشكل كبير من أزمات تركيا وإيران، لكنها قد تستفيد في حل مشكلة حل أزمة المياه وتنشيط التجارة واستقطاب رؤوس الأموال.