مؤتمر التنمية .. والكهرباء

تستعد الحكومة العراقية بجميع مفاصلها لعقد مؤتمر كبير للتنمية في منتصف شهر آب بمشاركة عدد من الدول والشركات العالمية .. ويهدف المؤتمر بحسب ما اعلن إلى بحث واقع الاستثمار في البلاد وتذليل العقبات التي تكتنف طريق المستثمرين المحليين منهم والخارجيين ، بغية الوصول إلى بيئة جاذبة ، بعد المعاناة الكبيرة التي واجهها الاستثمار على مدى الفترات الماضية ، فأصبحت بيئتنا الاستثمارية طاردة وليست جاذبة على الرغم من الفرص الاستثمارية الهائلة في جميع القطاعات التنموية والتي يسيل لها لعاب اي مستثمر في الكون .. وثمة اسباب كثيرة ادت إلى ان تتحول البيئة الاستثمارية إلى ما اصبحت عليه ، على الرغم من ان قانون الاستثمار العراقي يعد من القوانين الجيدة ، ولكن البيروقراطية الشديدة وتداخل الصلاحيات وعدم تفعيل النافذة الواحدة واستشراء الفساد وعدم الاستقرار الامني في بعض المناطق والخلافات السياسية والضغط على المستثمرين من قبل بعض المتنفذين للحصول على حصص وقومسيونات ، فضلا عن عدم توافر الخدمات الاساسية وتهالك البنى التحتية في المناطق التي تمثل بيئة استثمارية .. كل تلك الاسباب أدٌت الى طرد المستثمرين بعيدا ورقابهم ملتوية إلى الخلف يمنون انفسهم في العودة ثانية إلى العراق لدسامة اللقمة الاستثمارية فيه ..
وحقيقة ، لو اردنا فعلا ان ننهض بواقع التنمية المتهالك وفي جميع القطاعات ، علينا ان نستثمر الفرص الاستثمارية الكبيرة في بلدنا ، وان نعمل على خلق بيئة ايجابية لتشجيع المستثمرين على المجيء وهم مطمئنون إلى ان الامور ستمضي بسلاسة وانسيابية .. وان تتولى اعلى جهة في البلاد عملية الاشراف وتوجيه مسار الاستثمار بعيدا عن الروتين وقطعا لحبال الفساد المتينة .. ولا شك ان الدول والشركات التي ستشارك في مؤتمر التنمية المزمع ستكون عيونها مفتوحة للظفر بفرصة استثمارية دسمة في اي قطاع من قطاعات التنمية .. ولعل في مقدمة الاستثمارات العملاقة والتي تمثل مرتكزا اساسيا للتنمية والاستثمار في جميع القطاعات الاخرى ، هو الاستثمار في الكهرباء ، التي باتت تمثل مشكلة المشكلات في العراق ، بعد ان مضت سنين طويلة وأنفقت اموال طائلة ، ولكن المشكلة على حالها ، بل تزداد سوء عاما بعد عام .. نعم ، حدثت زيادة في الانتاج وصلت إلى قرابة 16 الف ميكاواط .. ونعم هناك محطات جديدة انجزت .. ونعم ، ثمة جهود كبيرة بذلت ، ولكن المشكلة هي هي ، بل لعل الامور باتت اسوأ مما كانت عليه قبل عامين ، الامر الذي دعا الناس إلى الخروج والتظاهر احتجاجا على تردي الكهرباء ،.. نعم هناك زيادة غير منطقية في الاستهلاك ، ونعم هناك ضائعات .. ولكن ، المواطن غير معني بهذه الاشكالات ، فهو يريد كهرباء وحسب .. وهنا لم يعد في قوس الصبر منزع ، فان استمر حال الكهرباء على ما هو عليه فإننا لن نستطيع ان نتحدث عن استثمار وخلق تنمية واعدة ، . ولذلك ينبغي ان نستثمر المشاركة الدولية في مؤتمر التنمية المزمع ، لنعرض قطاع الكهرباء (انتاجا وتوزيعا) للاستثمار .. ومن المؤكد ان هناك شركات عالمية كبيرة مستعدة للاستثمار في هذا القطاع ، وربما في بحر سنتين او ثلاث سنوات في ابعد تقدير يصبح قطاع الكهرباء من افضل القطاعات ، ومثل هذا التغيير سيخلق افاقا استثمارية رحبة .. وسينهض القطاع الخاص العراقي بقوة ، ويتزاحم المستثمرون الاجانب بالمناكب ، والتجربة المصرية ليست عنا ببعيد .. قطاع الكهرباء يحتاج إلى حلول جذرية ، ومن مسارات هذه الحلول ، ازالة شبكة التوزيع المتهرئة بالكامل واستبدالها بشبكة جديدة قادرة على تحمل استمرار الطاقة .. علينا ان نبدأ من الكهرباء ، فهي الدواء لكل داء
عبدالزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة