في حاجة غلط. والله؟ وهل يوجد حاجة صح؟
كان العمل السينمائي والادبي، حين يسلط الضوء على الغلط، يسارع المعنييون، حكومة واهالي ومؤسسات اجتماعية، لمعالجة الغلط. فرائعة دستويفسكي (ذكريات من منزل الموتى)..صور فيها معاناة السجناء.. يقال ان قيصر روسيا حين قرأ الرواية وقتها، تأثر جدا فأصدر قرار بالغاء التعذيب.
والمرحوم الهواري بومدين حين قرأ رائعة الطاهر وطار (اللاز) حيث صور مجاهدين متخلفين يعدمون مقاتلين مثلهم لأنهم يساريون ومعهم متضامنين من اسبانيا وفرنسا، غضب وحزن واعتذر عن سلوك المجاهدين الهمجي ذاك.
قرأت وشاهدت اعمال تلفزيونية وسينمائية كثيرة، ادانت الرشوة والعنصرية والطائفية والتفرقة الاجتماعية، ادانت استغلال المناصب والتلاعب باموال الدولة. بعضها في زمن لم يكن الوضع متردي كما هو الآن.. ولكن ما الذي حصل؟ بدلا من دراسة تلك الاعمال من قبل (من يهمه الامر). انتشر الفساد الاداري والمالي، وانتشرت الرشوة واستغلال المناصب، وكل الظواهر المخجلة التي جرّت مجتمعاتنا للهاوية. فالمسؤولون لا يهمهم أمر المجتمع بقدر المناصب وكيفية استغلالها!
تابعت مسلسل قديم (في حاجة غلك) واخبار معاناة شعبنا، مع تردي الخدمات واستغلال المناصب. فمأساة الكهرباء المزمنة رافقتها مصيبة الماء..بالوقت الذي يتمتع البرلمانيون بزيارة الحج كل عام على حساب الدولة المتعبة ماديا ومعنويا.. معتقدين ان الله سيغفر لهم ذنوبهم اولها خيانتهم الامانة، فبدلا من تمثيل الناس، مثلوا عليهم!
كم وزير وبرلماني سيستقيل لو ذلك حصل في بلد يحترم المسؤولية ويطبق القانون؟ ولكن بدلا من معاقبة وزراء الكهرباء وسحب اموالهم لتعويض تقصيرهم، واستقالة وزارة البيئة التي ترى تلوث الجو ولا تقم بواجبها، واستقالة كل وزير لم يقم بواجبه بأمانة.. أُطلِق على المتظاهرين النار وهم يحترقون بنار الحر بلا كهرباء ولا ماء!
من ثم يأتي الحديث عن مندسين.. كل تظاهرة فيها مندسين وهذا يحصل في كل زمن ومكان.. وفي العراق البعثيون بعضهم ينتظر فرصة التظاهر، وقد حُرموا منها عقودا. وأغبياءهم ليترحموا على من حرّم عليهم كلمة مظاهرة..ومنهم من هو مبعوث حقا للتخريب والتشويه. ولكن أليس من الأولى احترام الشعب وتوفير ابسط الخدمات للمواطن؟ على الاقل ليتمتع بحرية التظاهر من اجل مطالب اخرى.
فالمندسون ليسم فقط بضع اشخاص مخربين في تظاهرة.. بل وزير الكهرباء حين يماطل في ايجاد حل لمشكلة الكهرباء ولا يسعى لإنشاء محطات كهربائية متطورة..هو مندس
وزير التجارة الذي لايدعم المنتوج الوطني ويستورد بضائع الجيران وباسعار كبيرة، مندس.. ووزير التعليم الذي لايضع حدا لإنتشار مدارس اهلية ذات مستوى تعليمي رديء..هو مندس ..وغيرهم الكثير
وحتى تتم تصفية اعمال هؤلاء ومعاقبتهم واخذ ماسلبوه من اموال الشعب، لإصلاح الخدمات. حينها فقط سنقول مع المرحوم حسن عابدين في (في حاجة صح).
ابتسام يوسف الطاهر
حديث المندسين
التعليقات مغلقة