اللحية والشارب وتاريخ يخلط بين التفاهة والحكمة

موضة الشباب لهذا الموسم
متابعة الصباح الجديد:

مع انطلاق موسم الدراما كل عام في شهر رمضان تُصبح إطلالات الفنانين في أعمالهم الفنية حديث الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سواء بالإعجاب أم النقد أو حتى السخرية.
في هذا العام احتلت لحية الممثل ياسر جلال في مسلسل «رحيم» حديث مواقع التواصل الاجتماعي ، إذ لم تتوقف التعليقات عليها منذ بداية عرض المسلسل، حتى أن البعض عد اللحية الكثيفة جدًا «بطلة المسلسل»، وليس جلال، فيما رأى آخرون أن لحية جلال ستصبح موضة الأيام المقبلة بين الشباب برغم السخرية منها.
في مقابل لحية جلال ظهر شارب الممثل أمير كرارة في مسلسل «كلبش2» ذلك الشارب الذي سبق وأن تصدّر «الترند» في مصر العام الماضي إبان عرض الجزء الأول من العمل، لكنه وجد في لحية ياسر جلال هذا العام منافسًا قويًا له.
وفي السنوات الأخيرة راج إطلاق اللحية والشارب بين عدد كبير من الرجال والشبان في العالم، حتى وصلت ذروة هذه «الموضة» عام 2013، وبحسب صحيفة «الإندبندنت» فإن السبب في ذلك يعود إلى نشر العارض البريطاني ريكي هول، صورته وهو ملتحٍ عبر موقع التواصل الاجتماعي «إنستجرام»، مما دفع الكثير من متابعيه والمشاهير إلى أن يحذوا حذوه، ومن ثم انتشرت «موضة» إطلاق اللحية كانتشار النار في الهشيم.
إطلالة مُنفّرة
من المثير للدهشة، أن وجود اللحية والشارب قد يوحي أحيانًا بإطلالة مخيفة ومُنفّرة، وفي أحيان أخرى تزيد من جاذبية صاحبهما أو هيبته ، فمن المعروف أن اللحية اقترنت لمدة طويلة بالمعتقدات الدينية والانتماء لطبقات اجتماعية بعينها، قبل أن تعود في صورة «موضة»، وتنتشر بين الشباب على أنها من سمات الوسامة والرجولة.
وذكرت صحيفة «النيويورك تايمز»، نقلًا عن الجمعية الدولية لجراحة استعادة الشعر (ترميم الشعر)، أنه قد ارتفع معدل عمليات زراعة اللحية من 1.5% من إجمالي عمليات استعادة الشعر التي تم إجراؤها دوليًا في 2012، إلى 3.7% في عام 2014؛ إذ قام ما يقرب من 14 ألف رجل بزراعة شعر لتعزيز اللحى في 2014، في مقابل 4 آلاف و700 عملية في 2012.
وأشارت دراسة أخرى في عام 2016 إلى أن الرجال في المدن الأكثر ازدحامًا يميلون إلى إطلاق لحاهم، بسبب قلة الدخل المادي ، إذ تتحول اللحية حينئذ إلى مجال تنافسي لإظهار سمات الرجولة.
وتجدر الإشارة إلى أن نحو33% من الذكور الأميركيين، و55% من الذكور في جميع أنحاء العالم، لهم لحى أو شوارب أو كلاهما، فيما يرى ثلثا النساء أن الرجل الملتحي أكثر جاذبية من الرجل الحليق.

تاريخ اللحية والشارب
منذ قديم الأزل
كان للذقون المشعرة واللحى العديد من الاستعمالات خلال تاريخ البشرية؛ إذ استعملت في وقت مبكر من أجل جلب الدفء والحماية، وكذلك من أجل إلقاء الرعب في قلوب الأعداء، أما الآن فتُعد من مظاهر إلى الرجولة والأصالة والعراقة ومواكبة الموضة.
ففي عصور ما قبل التاريخ أطلق الرجال لحاهم وشواربهم من أجل الدفء والترهيب والحماية؛ إذ ساعد شعر الوجه على بعث الدفء، وعلى حماية الوجه من الرمال والأوساخ، ومن أشعة الشمس الحارقة أيضًا، في حين أن وجود اللحية يخلق مظهرًا قويًا لخطوط الفكين؛ مما يوحي بالرهبة ويخفي ملامح الوجه الضعيف الشاحب.

رمز الشرف والحكمة
في الفترة من العام 3000 وحتى العام 1580 قبل الميلاد، أطلق المصريون القدماء لحاهم لأسباب دينية، إذ كانوا يتشبهون بالإله أوزوريس الذي ظهر ملتحيًا في النقوش والتماثيل، وانطلاقًا من مبدأ النظافة الشخصية الذي كان سائدًا لدى الفراعنة؛ فقد آثر الملوك والملكات على حد سواء استعمال اللحى المستعارة المصنوعة من المعدن على اللحى الحقيقية؛ إذ عدوأن اللحى والشوارب والحواجب الكثيفة دليل على عدم النظافة الشخصية، واستعملوا لعقد اللحى المزيفة على الوجه شرائط تُربط فوق رؤوسهم، أما عامة الشعب، فكانوا يُطلقون لحاهم التي اعتادوا على صبغها بألوان تتدرج من البني المحمر وحتى البني الغامق.

ظهور واختفاء
على الرغم من أن اللحى لم تكن شائعة خلال الجزء الأول من القرن الـ20، إلا أن بعض الرجال المعروفين، مثل سيجموند فرويد، وألبرت أينشتاين، ومارسيل بروست، كانوا يطلقون لحاهم أو شواربهم؛ ومع حلول عشرينيات القرن الـ20 في الولايات المتحدة، كانت معظم وجوه الرجال خالية من شعر الوجه، مع شيوع الشارب الشبيه بعجلة القيادة (handlebar mustache).
ثم بدأت شعبية الشارب في الانحسار، خاصة خلال الحرب العالمية الثانية عندما مُنع إطلاق شعر الوجه في الجيش؛ لأنه يمكن أن يعوق وضع الأقنعة الواقية من الغاز على الوجه بإحكام.
ثم عادت اللحية مرة أخرى، ولكن كرمز معاد للدولة، وشاعت بين أوساط الكُتّاب والموسيقيين والمثقفين، حتى أن أعضاء مجموعة البيتلز الموسيقية أطلقوا لحاهم، ثم اختفت اللحية في نهاية سبعينيات القرن الماضي، وبقيت الشوارب، ولم تلبث أن عادت مرة أخرى في التسعينيات.
ويرى خبراء الأزياء أن إطلاق اللحية، ولو لأيام معدودة، ومن ثم حلاقتها، يعود لنمط الحياة السريعة التي لا تسمح بالحلاقة اليومية، إضافة إلى حساسية البشرة التي انتشرت مؤخرًا، وكون الحلاقة عملية مؤلمة للبعض، يهرب منها بإطلاق لحيته وشاربه.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة