رحيل أبرز قادة الاتحاد الوطني الكردستاني
( نبذة من حياة عادل مراد وما قيل بحقه )
السليمانية ـ عباس كاريزي:
بعد رحلة نضالية طويلة بداها منذ ستينيات القرن المنصرم توفي صباح امس الاول الجمعة الشخصية السياسية العراقية الكردستانية البارزة سكرتير المجلس المركزي للاتحاد الوطني الكردستاني واحد اهم مؤسسيه عادل مراد، عقب صراع طويل مع المرض في مشفاه بمدينة كولن الالمانية.
ولد الراحل عام 1949 بمدينة بغداد لعائلة مناضلة ونظرا لعمق انتمائه الوطني ونشاطاته الطلابية وعمق انتمائه القومي، انخرط في النضال السياسي عام 1965 بالانضمام الى صفوف تنظيمات الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي تأسس في بغداد عام 1946.
التحق بالدراسة الجامعية عام 1966 كطالب في قسم الكيمياء في كلية التربية بجامعة بغداد، حيث اشرف في تلك الفترة على التنظيمات الطلابية للحزب الديمقراطي في بغداد، اضطر الى ترك دراسته في جامعة بغداد، بعد بروز نشاطه السياسي، وملاحقته من قبل جلاوزة النظام البائد، ليلتحق بعدها بزملائه البيشمركة في جبال كردستان.
تسنم بعد تركه مدينته بغداد منصب عضو محور منطقة بالك بمحافظة اربيل، وكان الى جانب مهامه الحزبية يدرس عددا من المواد المنهجية والسياسية في احدى مدارس قرية كلالة كاحد مدرسي الثورة انذاك.
وبعد الاعلان عن بيان 11 اذار انتخب عادل مراد في مؤتمر اتحاد طلبة كردستان كاول سكرتير منتخب ليصبح بعدها نائباً لمسؤول التنظيمات المهنية في العراق، الا انه ونظرا للضغوطات التي مورست بحقه من قبل النظام البعثي وقبل ان تبدأ مرحلة القتال بين البعث والثورة الكردية عام ،1974 اضطر ثانية الى ترك بغداد، ليستقر في المناطق الجبلية التي كانت تحت حكم الثورة.
وفي عام 1975 وبعد اعلان انتهاء الثورة الكردية من قبل الزعيم الكردي الراحل الملا مصطفى بارزاني، عقب اتفاقية الجزائر بين النظام البعثي وشاه ايران، توجه مراد الى ايران وبعدها الى لبنان ومنها الى دمشق، التي تمكن الى جانب الرئيس مام جلال وخمسة اخرين من القيادات الكردية البارزة من تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني فيها.
تمكن عادل مراد وثلة من رفاقه في قيادة الاتحاد الوطني بعد عام واحد من الاعلان عن البيان التأسيسي الاول للاتحاد الوطني الكردستاني، اي 1976 من ارسال اول مفرزة مسلحة الى جبال كردستان بعد تجهيزهم بالاسلحة والمعدات اللوجستية، بقيادة الشهيد النقيب ابراهيم عزو و 28 اخرين من البيشمركة للاعلان رسميا عن بدء النضال المسلح لاسقاط النظام الكتاتوري في العراق انذاك.
تسلم مراد بعد تأسيس الاتحاد الوطني منصب مسؤول تنظيمات الداخل وفي خارج البلاد، ليتوجه بعدها الى اوروبا في مسعى منه لبناء هيكل تنظيمي فاعل للاتحاد الوطني وحث الشباب الثوريين على الانخراط في الثورة الجديدة التي اسسها الاتحاد الوطني في سوريا تحت شعار الثورة العراقية المندلعة في جبال كردستان.
التحق عادل مراد عام 1979 بقيادة قوات البيشمركة التي كانت تتمركز انذاك في منطقة خري ناوزنك بعد عودته من سوريا، ونظرا لعمق علاقاته مع اغلب التيارات والاحزاب السياسية العربية والتقدمية والاشتراكية في العراق والعالم العربي، اضطر الى ترك النضال المسلح والتوجه مجددا الى لبنان وسوريا، حيث كان تواجد اغلب تنظيمات الاحزاب والقوى السياسية العراقية والعربية المناهضة للحكومات الدكتاتورية.
شارك مراد مع رفاقه في الاتحاد الوطني بالتهيئة لانتفاضة شعب عام 1991، ليتدرج بعدها في اغلب المناصب القيادية الرفيعة داخل الاتحاد الوطني، لينتخب من قبل المؤتمر العام الاول عام 1992 عضوا للمكتب السياسي، تسلم بعدها عام 1994 مسؤولية مكتب الاعلام المركزي للاتحاد الوطني الذي بقي فيه لغاية عام 200، ليتركه ويتوجه لتولي مسؤولية مكتب علاقات الاتحاد الوطني في دمشق.
شارك عام 2003 في الجهود المبذولة لاسقاط النظام البعثي المباد، تمكن من دخول مدينة بغداد مع طلائع تنظيمات الاتحاد الوطني، واسهم بشكل فاعل الى جانب احزاب المعارضة العراقية التي عادت الى العراق بعد سقوط النظام في بناء التجربة الديمقراطية وصياغة الدستور الدائم حيث كان يشغل انذاك منصب مساعد للرئيس مام جلال في مجلس الحكم المؤقت.
تسلم منصب سفير العراق لدى رومانيا عام 2004 وبقي في هذا المنصب لغاية عام 2010، اخلى منصبه كعضو في المكتب السياسي للاتحاد الوطني في مؤتمره الثالث ليتيح الفرصة امام الكوادر الشابة ان تتقدم في مراكز الحزب العليا، منح على اثرها قلادة التقدير من المؤتمر.
تسلم منصب سكرتير المجلس المركزي للاتحاد الوطني عام 2011 بعد توصية والحاح من الرئيس مام جلال، وبقي فيه حتى اخر ايام حياته.
كان الراحل رجلاً مضحياً متمسكاً بموافقه المبدئية الرصينة لم يحد عن الشعارات والقيم النبيلة التي عرف بها حارب بكل قوة الفساد والمحسوبية والتبعية والتفرد، حتى داخل حزبه حيث كان يخرج في كثير من الاحيان عن مواقف بعض قيادات حزبه.
اصدر العديد من البيانات والرسائل التي اكد خلالها على ضرورة التزام الكرد بعمقهم الاستراتيجي في العراق، مؤكدا على الحفاظ على العلاقات التاريخية التي بناها مع رفيق دربه مام جلال مع مختلف القوى والاحزاب العراقية والعربية.
عدّ رئيس الجمهورية فؤاد معصوم في بيان نعى فيه عادل مراد فقدانه بالخسارة الكبيرة للشعب الكردي وشعب العراق، واضاف برحيل السيد عادل مراد خسر العراق مناضلا صلبا جمع بين الفكر القومي الانساني والوطنية الصادقة فضلاً عن الايمان العميق بالفكر الديمقراطي التقدمي والشعور العالي بالمسؤولية ومقارعة الاستبداد والاضطهاد، مستذكرا باعتزاز انخراطه في الدفاع عن شعبه وامته منذ نعومة اظفاره.
بدورها قالت وزارة الخارجية العراقية، ان عادل مراد يعد من الشخصيات الدبلوماسية التي تعتز بها وزارة الخارجية، لما بذله من جهود طيبة في الوزارة وفي ساحات عمله لخدمة وطنه وشعبه».
بدوره يقول الدكتور منذر الفضل في رثاء عادل مراد، انه ابن بار للعراق ولشعب كردستان وصديق شجاع وبيشمركة شهم, وقد جمع في شخصه كل الخصال الحميدة، فكان انسانا مناضلا ووطنيا مخلصا لكردستان ولهذا كانت وفاته خسارة كبيرة لكردستان وللعراق وللمحبين للشعب الكردي.
وقد ترك الفقيد تاريخا نضاليا مشرفا لصفاته النبيلة واخلاقه العالية حيث كان حريصا على بناء افضل العلاقات بين الكرد والعرب والقوميات الاخرى, محبا للسلام ومؤمنا بالتعايش والحوار.
يشار الى ان جثمانه الطاهر سيعود الى مدينة السليمانية في الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة الموافق (25/5/2018)، حيث ستقام له مراسيم استقبال وعزاء وتشييع مهيبة وسيوارى جثمانه الثرى في مقبرة سليم بك بمحافظة السليمانية.