الحكومة المرتقبة

خمس حكومات تشكلت في الدولة العراقية منذ عام 2003 ولحد الان ، وكانت السمة الغالبة التي خضعت اليها مخاضات التشكيل هي المحاصصة السياسية ، او ما اصطلح على تسميتها بالتوافقية السياسية ، وقد فُصلت هذه المحاصصة على مقاسات ومصالح الكتل والاحزاب السياسية وطغت كليا على كل مرافق ومؤسسات الدولة ، وكان من نتائج تطبيق المحاصصة هو صعود اناس لايمتلكون التخصص ولا الكفاءة ولا التجربة ، مما ادى الى انهيار المنجز الوطني وانتشار الفساد الاداري والمالي ، وبعثرة اموال الدولة في مشاريع ، البعض منها وهمي والاخر بغير ذي جدوى ، وكذلك اتساع ظاهرة البيروقراطية وتنامي تعقيدات الروتين والترهل الوظيفي ، واذا ما قسنا حجم المنجز بعمر العراق الجديد بعد عام 2003 ولغاية الان مع الانفاق المالي الضخم ، نجد ان حجم المنجز لايتناسب على الاطلاق مع الزمن الذي مضى والاموال المصروفة ، والامر الاهم هو ان هذه الاموال الهائلة ساهمت بخلق منظومة شرسة من الفساد سمة ملازمة للمنظومة السياسية .
ان تأثير الطبقة السياسية وضغوطها المتواصلة على العمل بمنهج المحاصصة هو الخطر الاكبر التي خضعت له الحكومات السابقة والذي قادها الى طريق الهلاك وعدم القدرة على الانجاز ، وبقيت تلك الحكومات ضعيفة لاتملك المركزية في تنفيذ القرار ، وليس لديها القدرة على تفعيل الجانب الرقابي طالما سيطرة طوابير من مختلف الكتل السياسية والاحزاب على كل مرافق الدولة وشكلت قوى تعمل على وفق اجتهادات تخلو من التخصص والكفاءة والتجربة ، الامر الذي ادى الى فقدان الخطط الاستراتيجية والتنموية في مجالات الاقتصاد والزراعة والصناعة ، وتلكؤ العملية التعليمية وتردي المؤسسات الصحية وتحجيم الثقافة والفكر والسياحة .
ان المحاصصة البغيضة هي اخطر واكبر من حجم الطائفية على الصعيد التنموي وبناء الهيكلية الادارية والمؤسساتية للحكومة والدولة ، واذا كنا نتطلع لتشكيل الحكومة القادمة بعد الانتخابات لابد ان يؤخذ بنظر الاعتيار وبجدية عالية عدم الخضوع لآفة المحاصصة ، وان تكون الكتل السياسية على قدر كبير من الشجاعة للاعتراف بخطئها الفادح بمساهمتها في خلق منظومة المحاصصة ، وان عليها الالتزام امام الشعب بأنها ستعمل على هدم هذه المنظومة وفق منهجية واضحة ، وأن يجري التوجه لتشكيل الحكومة من خلال ممارسة المسؤولية الوطنية في اختيار حقائب الوزارات على اساس الشهادة والتخصص والكفاءة بالاضافة الى التجربة الوظيفية المتخصصة ، وعلى رئيس الوزراء القادم ان يتحلى بالشجاعة والقوة والحكمة في خياراته ، ولايوجد نص دستوري يلزم الرئيس المرتقب في الطلب من الكتل السياسية ترشيح شخصيات لتولي الحقائب الوزارية ، انما ذلك من صلاحياته الدستورية ، وعليه ان يفكر بتفاصيل المرحلة القادمة لانها في واقع الحال ينبغي ان تكون مرحلة حاسمة لتحقيق المنجز الوطني وبالاخص في ظروف يشهد فيها العراق وضعا امنياً مستقراً وتحركاً ايجابياً في مستوى اسعار النفط ، وتنامي حجم المساعدات والقروض المالية التي تعهدت بها العديد من دول العالم . وعلى اساس ذلك لابد من التصحيح .

•نائبة في البرلمان
شروق العبايجي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة