بعد انتخابه نائبا أول لرئيس مجلس النواب ، إلتقيته في أحد إفطارات رمضان الفائت ، لم أهنئه بهذا الانتخاب كما فعل غيري ، بل بادرته بالقول: كان الله في عونك. أجابني : إي والله فهذه أفضل عندي من التهنئة.
اليوم ينتقل الدكتور حيدر العبادي الى موقع أعلى بعد ان يحصل لحكومته على الثقة .مهمة أكبرمسؤولية وأكثر عناءً ، وبالتالي فهو بحاجة الى المواساة كأضعف الايمان .
تولّي مواقع المسؤولية العامة في بلداننا أمر محفوف بالكثير من المتاعب والاخطار، في العراق تكون هذه المتاعب أكبر ، الناس لا ترضى عن أحد أو شيئٍ ولو قدّم لهم الكثير ، والاطراف السياسية لا تعرف المنافسة الشريفة بل منافسة الافشال والتسقيط والعرقلة ، ولو أضر ذلك بالبلاد والعباد . ذلك بسبب صراع الارادات الذي يحكم السلوك السياسي العام وليس التنافس للبناء والاعمار . ففي بلد مثل العراق لا يمكن للنزيه المخلص الذي يقبل بتحمل المسؤولية الا ان يكون فدائيا مضحيا بكل شي ، مقابل ان يرضى ضميره .
والناس في بلداننا لا ترحم . تبجل الحاكم وتمدحه وتطلق عليه أوصافا تصل الى حد التأليه ما دام قائما ، فاذا ما تنحى أو ترك الحكم بأي صورة كانت ، تنهال المعاول عليه تهديما ، وشتما . أشعر بالاسى اليوم وأنا اتابع مواقع التواصل الاجتماعي وما يتردد فيهات من توصيفات وكلام هابط وشتائم رخيصة . ويبدو ان الحالة متفاقمة عندنا بما يفوق المجتمعات المتخلفة الرديفة لنا , فالمعاول لا تكتفي بمسؤول غادر ، إنما بالمسؤول القادم الذي لم يعرفوا عنه بعد شيئا .
في تاريخ إيران المعاصر قصة واعية معبرة . عندما عاد أية الله الكاشاني ، الذي قاد ثورة على الشاه سميت “ثورة التبغ” وانتهت بنفي الشاه محمد رضا الى احدى الجزر واستلام محمد مصدق رئاسة الوزراء ، خرجت الجماهير بمئات الالاف في استقبال الكاشاني العائد المنتصر . حملوا سيارته على أكتافهم من المطار الى بيته داخل طهران ، وسط شعارات الولاء والخضوع والاستعداد للامتثال لما يأمر به . لكن الامور الدولية تبدلت وأعيد الشاه الى الحكم وأطيح بمصدّق ، فإذا بذات الجماهير تحيط بمنزل آية الله الكاشاني هاتفة ضده ومطلقة السباب والشتائم باقذع الالفاظ .
ومثل هذا في بلداننا الكثير …
سالم مشكور