مع كتابة هذه السطور تكون القمة العربية التاسعة والعشرون قد انطلقت في المملكة العربية السعودية ومنذ اول قمة عربية احتضنتها مصر عام 1946في قصر (انشاص) بدعوة من الملك فاروق بقي العرب يبحثون عن قاسم مشترك يتفقون عليه تجتمع عنده اصواتهم ويمثلهم بين الامم كأمة واحدة تتكلم بلغة واحدة وترتبط بروابط الدم والتاريخ المشترك واذا كانت فلسطين قضية العرب المركزية التي تتصدر جدول اعمال القادة العرب في كل قمة عربية فان معايير الفشل والنجاح يمكن قياسها انطلاقا مما انجزه هؤلاء القادة تجاه فلسطين وعاصمتها القدس وفي مراجعة سريعة لمضامين ماجرى بحثه وتداوله في القمم العربية السابقة فان مايمكن استخلاصه هو ان مافعله العرب خلال سبعين عاما هو المزيد من الخطب والمزيد من التصريحات والمزيد من الانتظار والقليل من العمل فما تم استرجاعه من الاراضي المغتصبة من اسرائيل تم بمبادرات فردية ومعاهدات ثنائية وان شعارات الحاق الهزيمة باسرائيل لم يعد احد يصدقها وان التقارب معها يكاد يكون هو الشعار الاكثر صدقا وان العواصم العربية التي احتضنت القمم على مدار السنوات الماضية كانت ميدانا للتنابز والتناكف واستعراض الخلافات اكثر من التعاضد والتلاحم والاتفاق ومايدل على ذلك هو ان واقعا عربيا محزنا انتجه هذا التاريخ الطويل ماحصل فيه لايتسق مع ميثاق الجامعة العربية الذي اريد له ان يكون حاضنة فاعلة للعمل العربي وان التراجع في ملفات الاقتصاد والامن والسياسة بات واضحا في ظل الانقسام العربي حول مجمل القضايا الاقليمية وان الخلافات العربية قد انتقلت من عالمها الخارجي الى عالمها الداخلي واصبحت كثير من البلدان العربية تعيش اليوم صراعا داخليا يصعب من خلاله فرز التخندق العربي حوله وماتشهده اليمن وليبيا والعراق وسوريا ولبنان يشكل مثالا حيا لما وصل اليه الواقع العربي واذا اضفنا الى هذه البلدان تداعيات الازمة الخليجية بين قطر وجيرانها فان المشهد يبدو اكثر تعقيدا لذا يبدو السؤال غير منطقي لمن يسأل مالذي سيفعله العرب تجاه الهجوم الاميركي – البريطاني – الفرنسي على سوريا في ظل هذا التشرذم ؟؟ وستبقى الامال معلقة بصحوة عربية ووعي عربي يتعرف فيه العرب على انفسهم بصدق ويحددوا ملامح وهوية الدور العربي ويستقرئوا جيدا مستقبل الشعوب العربية في عالم متغير تبحث فيه الدول عن مصالحها وتترك خلافاتها وراءها من اجل مستقبل اوطانها.
د. علي شمخي
قمة مشلولة !
التعليقات مغلقة