نحو عراق جديد سبعون عاماً من البناء والإعمار

هشام المدفعي
اعتادت الصباح الجديد ، انطلاقاً من مبادئ أخلاقيات المهنة أن تولي اهتماماً كبيرًا لرموز العراق ورواده في مجالات المعرفة والفكر والإبداع ، وممن أسهم في إغناء مسيرة العراق من خلال المنجز الوطني الذي ترك بصماته عبر سفر التاريخ ، لتكون شاهداً على حجم العطاء الثري والانتمائية العراقية .
واستعرضنا في أعداد سابقة العديد من الكتب والمذكرات التي تناولت شتى صنوف المعرفة والتخصص وفي مجالات متنوعة ، بهدف أن نسهم في إيصال ما تحمله من أفكار ورؤى ، نعتقد أن فيها الكثير مما يمكن أن يحقق إضافات في إغناء المسيرة الإنمائية للتجربة العراقية الجديدة .
وبناءً على ذلك تبدأ الصباح الجديد بنشر فصول من كتاب المهندس المعماري الرائد هشام المدفعي ، تقديرًا واعتزازًا بهذا الجهد التوثيقي والعلمي في مجال الفن المعماري ، والذي شكل إضافة مهمة في مجال الهندسة العمرانية والبنائية وما يحيط بهما في تأريخ العراق .
الكتاب يقع في (670) صفحة من القطع الكبير، صدر حديثاً عن مطابع دار الأديب في عمان-الأردن، وموثق بعشرات الصور التأريخية.
الحلقة 51
لقاء رئيس الوزراء إياد علاوي
طلب منا سيامند أن نحضر لقاء رئيس الوزراء الدكتور أياد علاوي ، في المنطقة الخضراء . حضرنا الاجتماع كأعضاء لمجلس الامناء وللتحاور مع رئيس الوزراء ومستشاريه حول نشاطات الهيئة والتداول حول إحالة مشروع كبير لإحدى الشركات العالمية مقدم عن طريق أحد مساعدي رئيس الوزراء . حضر الاجتماع عدد من مستشاري رئيس الوزراء ولاحظت أن واحدا منهم كان بريطاني الجنسية من أصل هندي وعلمت بعدئذ أنه مرشح من قبل رئيس الوزراء البريطاني وكان يطلق عليه لقب «اللورد» كونه أحد أعضاء مجلس اللوردات البريطاني . حاورنا الدكتور إياد واحدا واحدا حول أعمالنا كما عرض على هيئتنا مقترحاً لإحالة مشروع كبير معين على شركة عالمية . لم تحصل الموافقة من قبلنا كهيئة كون المشروع لم يقدم بالطريقة الاصولية عن طريق هيئتنا .

مزايدة لاختيار شركات اخرى
ونحن في الاجتماع هذا ، دخل القاعة الوزير عدنان الجنابي منفعلا وقاطع حديث المجلس وتداول وهو ممتعض جدا مع رئيس الوزراء لنحو دقيقتين ، وعلى أثرها اعتذر رئيس الوزراء وترك الاجتماع وعاد بعد خمس دقائق غاضبا ….. وقال هل يمكن لأحد الحراس الامريكان في مدخل المنطقة الخضراء أن يسحب وزيراً من سيارته ويطرحه أرضا ويضع حذاءه على رقبة الوزير ؟ أعلمنا بذلك د. إياد بعد أن كلم السفير الأمريكي محتجا بحدة على هذه التصرفات الشائنة.
حضرت في صيف 2007 مع سيامند اجتماعاً عقد في فندق الانتركونتننتل في عمان لاختيار شركات عالميه إضافية لتغطية العراق بشبكات الموبايل اضافة الى الشركات العاملة حاليا . كما حضرت معي السيدة زينب عبد المهدي عضوة مجلس الامناء اجتماع المزايدة المغلقة, التي خطط لها ونفذها سيامند بكفاءة . ونحن من أعضاء مجلس امناء الهيئة المتواجدين في عمان لاختيار شركات لتغطية العراق بشبكات الموبايل اضافة الى الشركات العاملة حاليا . بعد أن قدمت العروض في بغداد وتم تعيين استشاريين بريطانيين معروفين (Price Water House ) لوضع الشروط وتسلم العروض وتحليلها . شكل رئيس الوزراء لجنة متخصصة للنظر مع هيئتنا لإحالة العمل عن طريق المزايدة المفتوحة . حضر الجلسات المغلقة خمسة وزراء ممثلين للجنة المشكلة من قبل رئيس الوزراء برئاسة وزير المالية بيان جبر وممثلين عن الدوائر المالية والقانونية المعنية بموضوع احالات المقاولات .
فكرة المزايدة تنصب على اختيار شركتين من الشركات المتقدمة لتحسين عمل الشبكات عن طريق التنافس مغطية فضاءات العراق كاملا والتي تقدم مبلغاً أعلى لاختيارها وتأهيلها لتوقيع العقد مع هيئتنا لتغطية العراق بشبكة الموبايل .
حضرت الشركات وخصص لكل منها موقع في طابق بالفندق بحيث لا تتصل مع الشركات الاخريات . أغلقت قاعة الاجتماع التي حضرنا فيها لكل الفترة المطلوبة انتهاء المزايدة حيث حضر عن كل اعضاء اللجنة والوزراء. بدأ الاجتماع في الساعة العاشرة صباحا وبقينا معزولين تماما عن العالم الخارجي .
بدأت المزايدة بين الشركات بتقديم عروضها بالجولة الاولى وظهرت بينها شركة (كورك الكردية) . اعترض الدكتور سيامند بشدة حول دخول شركة «كورك « في هذه المزايدة مبينا انها لم تدعَ للاشتراك في المناقصة وان اشتراكها غير قانوني . لاحظت كيف ادخلت عنوة شركة «كورك» العائدة الى عائلة البرزاني تجاوزاً لكل القوانين المالية والحسابية والقانونية . أعلن الوزير باقر جبر ان «شركة كورك» قد سمح لها الاشتراك في هذه المزايدة بأمر من رئيس الوزراء وحسب طلب مسعود البرزاني . اعترض سيامند بشدة كما بينت وانسحب من الجلسة . لم يطلب منا سيامند الانسحاب من الجلسات . استمرت جلسات المزايدة بأن قدمت الشركات اولا 250 الف دولار في الجولة الاولى وفي الجولة الثانية كذلك الى أن تجاوز 750 الف دولار وهو الحد الأعلى الذي كنا نتوقعه كهيئة اتصالات. لكن التحدي بين الشركات قد اشتدت حدته وقدمت الشركات مليون دولار في الجولة الرابعة . انسحبت شركة عراقنا من المزايدة مدعية ان شركة كورك قد كسرت جميع الاعتبارات والمقاييس في المزايدة ولا يمكن استمرارها اكثر. وفي المزايدات اللاحقة استمر التنافس بزيادة مئات الالوف الى أن بلغ مبلغ ما قدمته كل من الشركات الثلاث لتوقيع العقد مبلغ 1,250مليون ومائتان وخمسون الف دولار مع فوائد اخرى منها ان تخصص الشركات نسبة 25% من الاسهم تعلن لمساهمه المواطنين في اسهم الشركات بالإضافة الى ضريبة الدخل المقدرة 18% .
كان رئيس الوفد الوزاري لهذا الاجتماع ، الوزير بيان جبر يتصل هاتفيا بين فترة واخرى أو في كل فترة استراحة مع رئيس الوزراء لإعلامه عن مسيرة المزايدة . وفي فترة الاستراحة الأخيرة لإكمال اجراءات الاحالة سألني وزير المالية السيد بيان جبر عن ما يمكن أن يستفاد منه من هذه المبلغ الجسيم 3750 مليون دولار ، أجبته بالإمكان إنشاء 100 مستشفى ذات سعة مئه سرير لكل منها في أنحاء العراق . وهكذا اختتمت جلسات المزايدة قرب الساعة السادسة مساء بترشيح كل من شركة كورك وعراقنا (زين) واسياسيل وكلمات.
وبعد أربع سنوات من عضويتي في مجلس امناء الهيئة وحضور اجتماعات مجلس الامناء ورسم السياسات وخطط عملها ، علي أن أبين ، شعرت بأن د.سيامند عثمان بدأ بالميل الى الانفراد باتخاذ القرارات خلافا للمبدأ الذي باشرنا به , وقد يكون ذلك بسبب عدم تخصصنا في أعمال الاتصالات ، إلا أن الهيئة بصوره عامه قد حقت الكثير من الأرباح التي تجاوزت أي هيئة اخرى وحققت من النجاحات ونظمت وبمستوى عالمي لفترات طويلة أعمال شركات الموبايل في العراق . كل ذلك يعود الى حيادية واستقلالية أعضاء مجلس الامناء والكفاءة العالية والحنكة
والحكمة التي أدار بها سيامند عثمان أعمال الهيئة متحديا كل الصعوبات من الجهات المنافسة

اللجنة العليا للمستوطنات البشرية في العراق 2004
التقيت مع الاستاذ علي شبو في بغداد في حزيران سنة 2004 وهي الزيارة الاولى له بعد تغيير النظام ، وهو ممثل لمنظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية . عرض علي فكرة انشاء الهيئة العليا للمستوطنات البشرية في العراق كيما تعمل لتقديم النصح والمشورة للمنظمة الحكومية المستوطنات البشرية في بغداد ، وطلب مني أن أرشح اسماء عدد من الخبراء لتكوين تلك الهيئة الهيئه العليا و لتكون من مهامها دراسة المتطلبات المستقبلية للمستوطنات البشرية في العراق .
رشحت معي عدد من معارفي المتخصصين وهم كل من الاقتصادي المعروف محمود أحمد عثمان والمعماري معاذ الاَلوسي وكل من المعماريات فاخرة الدوغرمجي وشيرين شيرزاد و الاستاذة جالة المخزومي . تكونت الهيئة من الاسماء المقدمة ومع عدد من الشخصيات الأخرى من مختلف الاختصاصات من منتسبي الامم المتحدة . بدأت إجتماعات اللجنة في عمان بمناهجها
والتركيز على تحديث دراسات السياسة السكنية للعراق والمتطلبات الآنية في ضوء تباين المجتمعات العراقية والطبيعة الجغرافية والمناخية للعراق.
تدارسنا نشاطات اللجنة العليا وعلاقتها مع وزارة البلديات والتي عادة يكون وكيل هذه الوزارة رئيس اللجنة الحكومية العراقية ، وتمثل فيها وزارة الاعمار والاسكان وأمانة العاصمة . كما تدارسنا وضعية المدن العراقية وما يتوفر فيها من خدمات وما يتطلب اليها من خدمات فورية بغية أخذها بنظر الاعتبار في مناهج منظمة المستوطنات البشرية .
حضر وزير الاسكان الجديد الاستاذ بيان جبر في أول ايام تسلمه وزارته سنة 2004، الى أحد الاجتماعات في عمان وعرض تطلعاته وهدفه للسياسة السكنية التي يهدف الى تنفيذها خلال السنوات الخمس الاولى ، وقال بدون ان يدرك اهمية ازمة الاسكان وتشعب مفردات تنفيذ الاعداد الكبيرة التي يحتاجها البلد , أنه يطمح الى انشاء خمسة ملايين وحدة سكنية خلال السنوات الخمس القادمة … سألت السيد الوزير وما هي السياسة السكنية المعتمدة في تنفيذ هذه الاعداد الهائلة من الوحدات السكنية ؟ بين بأن لا توجد لديهم سياسة سكنية في الوزارة حاليا ، علقت على ذلك قائلا باني في مكتبي «دار العمارة» تشرفت بالعمل في ثمانينات القرن العشرين على وضع سياسات حل أزمة السكن في العراق لصالح وزارة الاسكان وبالتعاون مع الشركة الاستشارية العالمية البولونية المعروفة (Polservice ) ، وقد تصلح حاليا تلك الدراسات لمساعدتهم في تنفيذ الأهداف . بين السيد الوزير بأن كل وثائق الوزارة قد احترقت في الأحداث الأخيرة . بينت أن لدي نسختي الخاصة من الدراسات وإني عند عودتي الى بغداد مستعد الى تقديمها الى الوزارة للاستفادة منها في تطبيق المنهج الموضوع . وفي زيارة خاصة للسيد الوزير بيان جبر في مكتبه ، زرته مع اثنين من زملائي المهندسين وقدمت الوثائق الخاصة بالدراسات وبخمسة مجلدات تبين بشكل كامل الدراسات والمقترحات لسياسات و حلول أزمة السكن في العراق على مدى عشرين عاما .
شكرني الاستاذ بيان جبر واشاد بهذه المبادرة ووعد ان تدرس كل هذه الوثائق وتستنسخ وتحدث الدراسة بغية تطبيقها واعادة الأصل الي . لم يشيد خلال التسع سنوات الأخيرة من الوحدات السكنية إلا عدد لا يتجاوز اَلاف قليلة في جميع محافظات القطر بينما تطلبت الحاجة كمؤشر بموجب مخطط الاسكان العام تشييد نحو مليوني وحدة سكنية خلال 20 سنة بين السنوات (1980 – 2000).
كان لدى الامم المتحدة وكذلك لمنظمة المستوطنات البشرية في العراق خبراء كبار متخصصون وقدموا الكثير من الدراسات القيمة للبلدان التي عملوا فيها ومنها العراق وافادوا تلك البلدان . كان نجاح منظمة المستوطنات البشرية في العراق واضحا في تنفيذ عدد من المناهج ومنها مشاريع الاسكان في كردستان العراق ووضع دراسات عديدة لاشكالات السكن في العراق بمختلف مجتمعاته .
عرض على لجنتنا عدد من الدراسات المهيأة الموضوعة من قبل خبراء منظمة المستوطنات البشرية وهم من المفروض ان يكونوا من الخبراء العالميين ومنهم المصريون ومن امريكا الجنوبية ، إلا أني أقول أن البعض من خبراء المستوطنات البشرية في تلك الفترة من الزمن ، ومع كل الأسف لم يستطع التفريق بين متطلبات دول العالم الثالث , وتباين متطلباتها بحكم تباين مجتمعاتها وموازناتها ، وبحكم عدم امكانية حضورهم الى العراق لأسباب أمنية بدأو يقدمون نماذج ومقترحات عمل مهيأ لبلدان اخرى لتطبيقها في العراق مستنسخة أو مجمعة من عدد من التقارير المهياه، على اعتبار انها دراسة هيئت من قبلهم كيما تطبق في العراق رغم تباين كل الظروف بين البلدان. لم اقبل كل تلك المحاولات وبينت بشكل كامل الى أعضاء لجنتي العليا بان تلك الدراسات غير مقبولة ولا يمكن تطبيقها في العراق . كانت اللجنة العليا تقف كمصد تجاه تلك المحاولات من المختصين العالميين قليلي الخبرة .
تدارست اللجنة العليا , الوضع الراهن للمدن العراقية , ولاحظت أن معظم المدن العراقية تعمها الفوضى التخطيطية والبيئية والشحة في الخدمات ، وقررت أن تقوم بمسوح ميدانية و دراسة للتعرف على الوضع القائم لخمسة مدن عراقية . اتضح انه لتهيئة هذه الدراسات يتطلب مبالغ غير متوفرة حاليا. وعند بحث الموضوع مع السيدة نسرين برواري وزيرة البلديات في حينه ، تبرعت بما يعادل نصف كلفة الدراسة مما شجعنا على التفتيش عن ممول للنصف الآخر. وفي دعوة خاصة الى الدكتور مهدي الحافظ وزير التخطيط والتعاون الانمائي ، قام د. مهدي بالتبرع من وزارته بالمبلغ المطلوب والمتبقي لاكمال الدراسة . أنجزت الدراسة من قبل فريق متخصص وبينت الدراسة الموسومة «The State Of Iraq Cities’ Report 2006-2007 «
« الوضع القائم للمدن العراقية
في سنة 2006 – 2007 « وبينت فيه الكثير من حقائق المدن العراقية في تلك المرحلة من الزمن وما يتطلب من جهود كبيرة لإعمارها .
المنتدى الحضري العالمي في برشلونة
هيأ لنا علي شبو في سنة 2004 دعوة لزيارة برشلونة ، بمناسبة اجتماع امناء عواصم العالم في مؤتمر» المنتدى الحضري العالمي World Urban Forum « وبمناسبة اعتماد مدينة برشلونة « العاصمة الثقافية لأوربا « . لتلك المناسبتين حضر جميع اعضاء اللجنة العليا للمستوطنات البشرية تلك الاجتماعات كما حضرتها بشكل رسمي حكومي وزيرة البلديات والاشغال العامة نسرين برواري ووزير الاسكان والتعمير الدكتور عمر الفاروق الدملوجي . تدارسنا في تلك الاجتماعات منهاج المؤتمر العام الذي هيأته مدينة برشلونة كما سنحت لنا الفرصة للتعرف على اعمال التجديد الحضري الذي قامت به المدينة لتطوير نفسها . تمكن رئيس بلدية برشلونة ومجلس ادارتها من تطوير مناطق الساحل والميناء وتطوير عدد من المناطق الصناعية والسياحية والأحياء التجارية والمناطق السكنية. كما شملت اعمال التجديد الحضري ضواحي المدينة ومقترباتها . أهلت جميع تلك الأعمال مدينة برشلونة لتكون من المدن الاوربية الجميلة على سواحل البحر الأبيض المتوسط وأفادت المدينة لتكون قبلة السياح لما فيها من رموز دينية وتراثية وحضرية .
كانت فترة انعقاد المؤتمر فرصة جميلة ليتقدم العديد من امناء العواصم أو رؤساء الحكومات لعرض ما أنجزوه من أعمال في تطوير مدنهم . من اولئك المعنيين , تقدم الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق بعرض ما حققه من أعمال تطويرية في بيروت العاصمة اللبنانية والتي كانت بحق من الأعمال المهمة التي اعتبرت درسا يتم تداوله بين المدن العربية في تطوير المدن . كم كنا فخورين ونحن نستمع الى الحريري شارحاً أعماله في بيروت ونشعر ان هناك مدينة عربية تضاهي في نشاطاتها ما تقوم به مدن أوربية متطورة .
بما ان بغداد هي عاصمة العراق ومقر الحكومة المركزية وهي تدير شؤون المحافظات والدولة واقتصاداتها , إلا انها محرومة من المبالغ التطويرية على غرار البترو دولار المخصص للمحافظات البترولية الاخرى . …. لذا اقترح أن يخصص 20 مثلا % من مجموع ما يرصد من «البترو دولار» للمحافظات العراقية الاخرى يستخدم لتطوير مدينه ومحافظة بغداد ، بصفتها عاصمة العراق ومرجع العراقيين جميعا من الناحية التأريخية والتراثية والاقتصادية والسياسية .
وبذلك يمكننا ان نطور خلال سنوات قليلة , مدينتنا ولنلبسها وجهها الحقيقي بين مدن العالم لتكون بغداد هوية العراقيين ورمزا يعمل عليه هذا الجيل الضائع الهوية على غرار ما تعمل علية المحافظات الاخرى لإبراز هوياتها وتطوير اقتصاداتها . بغداد كعاصمة لبلد هو ميدان الحضارات الانسانية القدية ، وبغداد كعاصمة العراق والحضارة الاسلامية العباسية تجد نفسها مركزا تعمه الفوضى الحضرية وتحول مركزها الى خرائب وتحولت بغداد الرصافة وبغداد الكرخ الى فوضى معمارية انشائية مرورية لا توضح معالمها العامة عن هويتها ممثلة للحضارات التي كونتها .
دارت في تلك الفترة من الزمن اشاعه في المجتمعات العراقية عن زواج رئيس الجمهورية من وزيرة البلديات والاشغال العامة . أما رئيس الجمهورية فهو مهندس من عشائر شمر لم يعرف عنه بين المهندسين شيء في العراق قبل الاحتلال ، واما وزيرة البلديات فقد عملت كذلك وزيرة في حكومة كردستان العراق الا ان ما اعرف عنها هو انها شابة كردية جميلة كفوءة وطموحة . عرفت عنها بعض الشيء بحكم عملنا كمهندسين استشاريين نتعامل مع وزارتها بين فترة واخرى .
ونحن نتجول في برشلونة و نقترب من مركز المؤتمرات ,علمنا بأن وزيرة البلديات قد وصلت الى هناك ، فأخذتنا الحيرة هل نهنئها على زواجها من رئيس الجمهورية ، وهو حدث مهم وكبير ، طلبت من مجموعتي في اللجنة العليا للمستوطنات البشرية ان تخولني مفاتحتها لمعرفة الحقيقة حول تلك الاشاعة…. وعند دخولنا البناية لاحظناها عن بعد واقفة …. فاقتربت منها وسألتها هل نهنئك ؟؟ ….. قالت نعم هنئوني .. وبذا تقدمنا منها وهنأناها على كونها اصبحت سيدة العراق الاولى ونحن سعداء ان تكون معنا في هذا المؤتمر العالمي . التقطنا العديد من الصور بهذه المناسبة . وبقي علي ان اذكر بأني لاحظت انها مرتدية فستانا جميلا قد يكون من احسن بيوت الأزياء الفرنسية و قد أظهرها مشابهة لملكات الجمال الشرقيات . تهانينا يا نسرين .
لم تستمر الهيئة العليا للمستوطنات البشرية في اعمالها الفخرية أكثر من نحو سنتين ، ونعتقد إن ذلك جاء بسبب عدم ارتياح بعض خبراء المستوطنات البشرية على عدم قبول البعض من تقاريرهم. كنا بشكل مخلص نعتقد أن تلك التقارير لا تحقق متطلبات العراق . ولذا لم تحصل الموافقة على تجديد مهام اللجنة العليا للمستوطنات البشرية التي عمل على تكوينها الاستاذ علي شبو لصالح العراق والتي استمرت علاقتي به كصديق مخلص وكخبير في شؤون المستوطنات البشرية في منطقتنا .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة