معنى أن نعرف أكثر

ليس من الحكمة أن نعرف كل شئ، ونجيب على كل سؤال. ومن يدعي ذلك لا يعترف أنه مخطئ في حال أخطأ أو جانبه الصواب.
وحتى أكون أكثر صراحة ووضوحاً اتساءل: لماذا يبدو بعض الناس أنهم يعرفون كل شيء عن كل شيء؟
بالطبع، هناك من يعرف كل شيء في مجال معين، وهو على استعداد ليعتذر إذا ما اخطأ، لكن هناك، في المقابل، من يعتقد أن لديه القدرة للإجابة على ما يطرح سواء كان جوابه صواباً أم خطأً.
أنا في حيرة.. هل هي الثقة أم الافتقار إليها؟
كثيراً ما وجدت نفسي أمام أشخاص من هذا النوع. أشخاص لا يمكنهم أبداً الانفتاح على وجهات نظر الآخرين، أو الاعتراف، ولو لمرة واحدة انهم أخطأوا، وهم، بالتالي، لا يشاركون بشكل جيد في محيطهم حتى يتمكنوا من التعامل مع أي موقف مفاهيمي معين بشكل صحيح.
أمثال هؤلاء يعتقدون دائماً أنهم على حق، لكن لماذا؟
حسنا، ما يعتقده الناس، وكيف يفكرون، وكيف يتفاعلون مع ظروف مختلفة، كل ذلك ينبع من تجارب الماضي، وهي التي ترشدهم إلى الطريقة التي ينبغي أن يتفاعلوا بها، ولهذا السبب يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء، وأن ما يقوله الآخرون غير صحيح لأن تجاربهم تخبرهم بخلاف ذلك، فيرفضون النظر من خلال منظور الآخرين.
أدرك جيداً أن طرق الناس في تلقي المعرفة مختلفة للغاية. قد تكون هناك قواسم مشتركة، ولكن لا ينبغي لأحد أن يفترض في نفسه المعرفة اعتماداً على تجربته الخاصة، ذلك أن المعرفة الحقيقية تتوقف على اهتمام الشخص بالاطلاع على أشياء جديدة، وعلى مدى تفاعله مع الآخرين من أصحاب الخبرة والاختصاص وكيف يتعلم منهم عندما يمرّ بموقف ما، فينصت، ويستمع، ولا يقاطع.
هذه التقنية في الانصات والاستماع وعدم المقاطعة ساعدتني بالفعل في التعلم من جميع علاقاتي. لقد تعلمت أن أصغي بشكل أفضل، وأن لا أفترض أبداً أنني أعرف أكثر من أي شخص آخر، ولا أشاركه إلا عندما يطلب ذلك. وهذا هو السبب في أنني مازلت أتعلم أشياء جديدة كل يوم.
يقول العلماء أن أدمغتنا تنمو كلما عملنا على تطوير فضولنا مما يسمح لنا بالتعامل مع الأفكار الأكثر تعقيداً، واكتساب المزيد من الخبرات. لكن يحدث في بعض الأحيان، أن تحل الأنا محلّ اليقين، فينغلق العقل، ويتسبب هذا الانغلاق في رفض ما هو جديد من معلومات بدلاً من تحليلها ومحاولة البحث لفهمها.
الجهل والغباء هما أكثر الأسباب شيوعاً وراء كل شخص يقول إنه يعرف الكثير.
فريال حسين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة