أريد أن أكون «أماً» لكن الأقدار ترصدني

وداد ابراهيم :
رحلة طويلة تقطعينها من الاحساس الاول بالحمل حتى الولادة حتى دخولنا المدرسة والجامعة، رحلة محفوفة بالألم والوجع والقلق والفرح الانتظار… انتظار النجاح نهاية العام.
الام عوالم من الحنان والحب والدفيء والأمان، صدق من قال الام مدرسة ان أعددتها اعددت شعبا طيب الأعراق كم انت عظيمة ياامي.
كنت أريد ان أكون اما» ولكن الأقدار كانت ترصدني فانظر الى شقيقاتي بحرقة وحسد وألم وهن يهدهدن يلعّبن يرضعن يحملن أطفالهن إمامي حين نجتمع في بيت العائلة الكبير في الأعياد فيكون إمامي مشاهد للطفولة والامومة ، لا اعرف كيف أصفها الا انها كانت تثير في روحي الوجع لا كون اما يتحرك في أحشائي طفل يستنشق دمها هواء هو ليس ترف لامرأة لم تشغلها الحياة انما هو حاجة ملحة في نفسي ان أكون اما.
يعلن لي البعض من شقيقاتي او أقاربي ان الطفل القادم سيكون لي وهكذا وما ان يحين المخاض اجد ان في روحي مخاضا اكثر قسوة والماً حين ينقلب الامر الى عكسه فتكون اجابة واحدة فرضت نفسها امام الكم الهائل من الوعود حتى وان لم تتذوق طعم الفرح بل لم تجد الشوق الى القادم الجديد.
حتى اعلنت لي زوجة اخي والتي لقيت التهديد من اخي ان كان الطفل القادم بنتا فلتذهب الى بيت اهلها من دون عودة ومعها الخمس بنات الاخريات.
حلفت بأن البنت القادمة ستكون لي فكنت ارافقها الى الفحص الشهري واشتري لها الادوية وجهزت مكانا للطفل، حتى كانت الولادة، والتي استشعرتها قبل ان موعد الطلق بدقائق فكنت في المستشفى فما هي الا ساعة او اقل لأصبح اما بحق.
فقالت لي زوجة اخي احمليها واخرجي قبل ان ابدل رأيي، حملت قطعة اللحم الحمراء وجسدي يرتعد فماذا لو كنت انا من حملتها باحشائي، الامومة احساس عظيم شعرت به وانا الف جسدها الى جسدي فاشعر بالدفء، خرجت من المستشفى مسرعة وكأني اسرق شيئا لا اعرف حتى كيف احمله بعد ان اكملنا اجراءات الولادة والاسم على هويتي وهوية زوجي، ولم يبق شيء يسمى سرا كل شيء واضح انا ام بحق.
الاحساس بأن هناك من نضحك ونبكي من اجله وان يكون هناك من تشعر بالسعادة معه هذا احساس عظيم، الاحساس باني انتظر هذه الطفلة ان تكبر وتصبح فتاة سعيدة، هو سر السعادة الحقيقية.
تغيرت حياتي واصبحت سعيدة بعد انتظار سبعة عشر عاما بان يكون لي طفل.
انهض من الصباح فهناك من ينتظر مني المزيد من الحب والحنان والحنو عليه.
كنت اريد ان تسير الامور بشكلها الطبيعي فتحاشيت الذهاب الى بيت اهلي خوفا من المواجهة مع زوجة اخي وقد تكون غيرت رأيها، ابتعد عن الجميع حتى لا اكون محط سخرية الاخريات. حتى كبرت سمر ووجدتها تحب الذهاب أكثر الى بيت شقيقي واللعب مع اولاده وبناته، وصارت تطلب مني ا ن ابقيها يوما او أكثر معهم فهي تشعر بالمحبة والدفء لديهم هذا ما ادخلني في دوامة من القلق فأنا لم اخبرها يوما بأنها ابنتهم الحقيقية.
وعرفت ان الابناء كلما كبروا ازداد حرص الامهات عليهم بل تكبر معهم المحبة والقلق والحرص على مستقبلهم حتى جاء اليوم الذي طلبت مني سمر ان تقضي العطلة في بيت خالها ومع شقيقاتها واشقائها، ليدق جرس الانذار في صدري بأن عليّ ان اصارحها بالحقيقة المرّة والصعبة.
فكانت المواجهة أصعب ما توقعت وسط صراخ وبكاء دخلت به بعد ان عرفت الحقيقة. لتقول لي انت لست أما انت انسانة انانية اردت ان تكوني اما على حسابي.
تركتني واتصلت بشقيقي واخبرته بانها عرفت الحقيقة وتريد العيش معهم. بقيت انتظر لأني اصبحت اما قبل خمسة عشر عاما وكنت اما حنونة حريصة محبة لطفلتها الجميلة سمر، وهاهي تتركني الى الابد فيصبح البيت خاويا لاحياة فيه، فما كان علي الا ان اتحلى بصبر الامهات، وماهي الا ايام لأجدها تعود لي وتقول لي انت احسن ام بالعالم.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة